كشفت دراسة علّمية حديثة عن إمكانية الاستفادة من فائض التمور بتصنيع منتجات ذات قيمة اقتصادية مثل خميرة الخبز والكحول الطبي , مما يؤدي إلى ارتفاع الجدوى الاقتصادية للتمور في المملكة, والتقليل من استيراد خميرة الخبز الذي بلغ حوالي (11141) طن سنوياً قابلة للزيادة. وكانت الدراسة التي أجراها فريق بحثي من جامعة الملك فيصل، برئاسة الدكتور صلاح بن محمد العيد ودعمتها "مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية" ، قد أنجزت على ثلاث مراحل, المرحلة الأولى استهدفت البحث عن خمائر من البيئة المحلية تصلح لإنتاج خميرة الخبز، بالإضافة إلى إيجاد وسط مستخلص من التمور(دبس) يصلح لتنمية خميرة الخبز، و إجراء تجارب أولية لتنمية الخمائر على هذا الوسط. وأجريت في المرحلة الثانية تجارب لضبط عملية إنتاج خميرة الخبز من مستخلص التمور ومن المولاس (دبس السكر أو العسل الأسود) وأيضاً مخلوط يجمع التمور والمولاس معاً, باستعمال مخمر سعة 10 لتر, وتم استخدام الخمائر المنتجة في تجارب لإنتاج الخبز العربي, في حين المرحلة الثالثة من الدراسة تم خلالها استعمال مستخلص التمور ومخلوط مستخلص التمور والمولاس لإنتاج خميرة الخبز في مخمر سعة 15 لتر . وأسفرت المرحلة الأولى عن الحصول على 30 معزولة من الخمائر ذات مواصفات تناسب إنتاج خميرة الخبز ، لكنها لم تستعمل في الإنتاج وذلك لعدم تأكد الفريق البحثي خلوها من السّمية ,كما اتضح أيضا أن الدبس المستخلص من التمور يمكن أن يقارن بالمولاس كوسط لإنتاج خميرة الخبز من ناحية محتوى المواد الغذائية، كما يمكن استعماله كمصدر للكربون والطاقة وبعض الفيتامينات والعناصر المعدنية. وأثبتت التجربة الثانية أن الدبس, والمولاس، كانت تنقصه بعض المواد الغذائية، مثل النيتروجين, الفسفور، الماغنيزيوم، و الإنوزتول، كما أنه يحوى مواد مثبطة للخميرة مثل أحماض الفورميك، الأستيك و البروبيونيك, وتعتبر هذه المرة الأولى التي يذكر فيها وجود مواد مثبطة بعينها في الدبس كوسط لإنتاج خميرة الخبز, والذي فتح الباب لإيجاد حلول لهذه المشكلة , حيث انه يمكن التخلص من هذه المواد المثبطة بإجراء معاملات خاصة مثل تلك التي استعملت للمولاس في تجارب ضبط عملية إنتاج خميرة الخبز. وبينت النتائج التي توصل إليها الفريق البحثي في المرحلة الثالثة جودة الخبز العربي المصنع، مع وجود علاقة موجبة بين جودة الخبز وقدرة الخميرة على إنتاج الغاز وذلك عند استعمال مخمر سعة 10 لتر, أما في تجارب الإنتاج على مستوى أكبر، والتي استعمل فيها تم مخمر سعة 15 لتر فقد كانت نتائج الحصاد من الكتلة الميكروبية الحية للخميرة ونتائج الخبز متماثلة مع تلك التي حصل عليها الباحثون من تجارب الضبط السابقة، وهذا يدل على أن النتائج المتحصل عليها من تجارب المعمل يمكن أن تطبق في عمليات الإنتاج التجاري كبيرة الحجم. يذكر أن المملكة تنتج ما يقارب 901 ألف طن سنوياً من التمور وتصدر منه 49 ألف طن، والباقي للاستهلاك المحلي، حيث قدرت كمية الفائض حالياً بحوالي 315 طن، كما أن صناعة التمور في المملكة في الوقت الحالي تعتبر تقليدية وهي محصورة في التعبئة وتصنيع عجينة التمور وبالتالي فهي لا تركز على تصنيع منتجات ذات قيمة اقتصادية .