نظمت جامعة حائل محاضرة بعنوان "مؤسسات التعليم العالي ودورها في خدمة الوحدة الوطنية" للأستاذ الدكتور عبد الله محمد الفوزان أستاذ علم الاجتماع وعميد معهد جامعة حائل للبحوث والخدمات الاستشارية، على مسرح كلية المجتمع في المدينة الجامعية، ضمن فعاليات معرض الكتاب الثاني الذي تحتضنه جامعة حائل هذا الأسبوع. وقد تحدث الدكتور الفوزان خلال محاضرته عن مفهوم الوحدة الوطنية، ودعائم الوحدة الوطنية، ودور مؤسسات التعليم العالي في خدمة الوحدة الوطنية، والدور الداخلي، والدور الخارجي، وقد حظيت المحاضرة بمداخلات عدد كبير من الجمهور الذي حضر للاستفادة من حديث الدكتور الفوزان الذي يصنف على أنه أحد كبار المتخصصين في هذا المجال عربيا، حيث أجاب باستفاضة شيقة استمرت حتى نهاية المحاضرة التي امتدت إلى أكثر من الساعتين، شهدت حضور عدد من قيادات الجامعة. وقال الفوزان إن العالم اليوم يموج بالصراعات والدسائس والمتغيرات والمخططات التي تهدد الوحدة الوطنية للدول ومن غير المقبول أن تتفرج النخب السياسية والفكرية على هذا المشهد دون أن يكون لها إسهام في التنوير والتثقيف وتوجيه أفراد المجتمع وصناع القرار إلى المخاطر المحتملة، مشيراً إلى ما يشهده من صراعات سياسية وعرقية وإثنية ودينية ومذهبية متنوعة تأكل الأخضر واليابس وتزرع القلاقل وتنشر الدمار والإنقسام في جسد الدولة الواحدة والمجتمع الواحد، مما يفرض نشر الوعي حتى لا تنتقل العدوى إلى مجتمعاتنا لا سمح الله، مشيرا إلى أن ما يحدث على المستوى الإقليمي في أجزاء قريبة من مملكتنا الحبيبة وفي دول على تماس مباشر معها (سوريا، العراق، مصر، الصومال، السودان، اليمن) من تفكيك وتفتيت وتقسيم، يوجب علينا بث الوعي بهذه المخططات والدسائس وتنبيه أفراد المجتمع على اختلاف فئاتهم وشرائحهم حتى لا تطالنا الأعاصير في غفلة من الجميع. وأوضح الدكتور الفوزان أن كافة الشعوب والحكومات تسعى إلى تعزيز الوحدة الوطنية في أوطانها ونبذ كافة مظاهر الفرقة والعنصرية والتمييز من أجل ضمان الاستقرار السياسي والتجانس الاجتماعي وتحقيق الأمن والرخاء الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية، مؤكدا أن المهددات الداخلية للوحدة الوطنية، ترتكز على التعنصر المذهبي وصراع المذاهب، والإرهاب وحواضنه الفكرية والاقتصادية، والتعنصر القبلي والمناطقي، والتحيز التنموي، وبطالة الشباب والشابات، وجيوب الفقر، وضعف مستوى الخدمات، وضعف مستوى الوعي السياسي، والفساد المالي والإداري وغياب المساءلة والشفافية، وضعف الإنتماء الوطني، وضعف دور المؤسسات التنفيذية. وشدد على أن ننمي حب الوطن في قلوب أبناءنا منذ الصغر انطلاقاً من البيت مروراً بمؤسسات العليم ووصولاً إلى وسائل الإعلام، والالتفاف حول القيادة السياسية باعتبارها رأس الدولة ومصدر وحدته واستقراره، والوقوف في وجه الإرهاب والتشدد والأفكار المتطرفة، وغرس التعايش رغم الاختلاف، والتسامح، والمحافظة على مكتسبات الوطن، والعمل على حفظ الأمن والاستقرار، والاستعداد للدفاع عن الوطن، ونبذ التفرقة والعنصرية، والمساهمة في تنمية الوطن، والعدالة الاجتماعية، من انفسنا وعكسه على أبناءنا ومجتمعنا، مطالباً المواطن بالقضاء على مظاهر الفساد المالي والإداري، والاستثمار الأمثل للموارد وتحقيق الحياة الكريمة للمواطنين، وأكد أن المواطنة الصالحة تشتمل على "تربية الأولاد على حب الوطن، احترام الأنظمة والقوانين، العمل التطوعي والمساهمة في خدمة الفئات المحتاجة، المحافظة على البيئة، الإلتزام الشخصي بالقيم والأخلاق الدينية، بناء أسرة سعيدة، تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. مؤكداً أن الجامعة تسهم بأدوار خارجية في دعم الوحدة الوطنية ومنها: نشر الوعي والتسامح في المجتمع عبر المحاضرات والندوات والمؤتمرات والدورات التدريبية والمعارض والمشاركة في الكتابة الصحفية والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، ومساعدة الجهات والقطاعات الأخرى في أداء وظائفها وتطوير قدرات العاملين فيها، والمساهمة في حل المشكلات المختلفة في كافة المجالات، والمشاركة في المؤتمرات المحلية والإقليمية والعالمية وتمثيل المملكة في المحافل الدولية، والمساهمة في تطوير أداء العاملين في الجهات الأخرى،وتقديم الاستشارات وعمل الدراسات والبحوث للقطاعات الأخرى، والشراكة مع الجامعات الخارجية ومؤسسات البحوث والدراسات لتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين. وأوضح الفوزان في نهاية محاضرته أن لا شيء يمزق وحدة المجتمعات ويضعف شوكتها ويهدد أمنها ووحدتها واستقرارها سوى الفرقة والعنصرية والتمييز بين أفرادها وغياب العدالة الاجتماعية، وطالب أنه يجب توظيف كافة مؤسسات التنشئة الاجتماعية بما في ذلك مؤسسات التعليم العالي للقيام بمهة تعزيز الوحدة الوطنية بين أفراد المجتمع. فكل المجتمعات تتكون عادة من أفراد غير متجانسين من حيث مناطقهم وخلفياتهم وانتماءاتهم ولذلك لابد من قبول بعضهم بعضا والتعايش مع بعضهم البعض واحترام خصوصيات بعضهم إذا أرادوا العيش بسلام واستقرار.