تحدث الكاتب أحمد العرفج في مقاله بصحيفة المدينة عن فنيات كتابة الافتتاحيات الصحفية ودورها تحت عنوان "التحيات في تقاعد الافتتاحيات" مؤكداً أن هذه الافتتاحيات لم تعد مجدية في الصحافة الحديثة لذلك ابتعدت عنها وألغتها كثير من الصحف ومن ضمنها الشرق الأوسط, مُشيراً إلى أن هذه الافتتاحيات لا تنجح وتنشط سوى في البلدان التي فيها أحزاب, لأنها تصبح لسان الحزب الناطق وذراع المالك للصحيفة. وأكد العرفج أن من يقوم بكتابة هذه الافتتاحيات للصحف والمجلات هو "الفاضي" من فريق التحرير غالباً, كما ذكر أنه من متابعي افتتاحيات صحيفة الرياض والمهتمين بها لأنها تمثل العمق الذي يقصده ويبحث عنه. نص المقال : يَحلو لِي أحياناً أنْ أزُور غُرفتي التَّخصُّصيّة، وأعنِي بذَلك مَجالي الدِّراسي؛ وهو "الصَّحافة"، وإن كَان التَّنظير في مِثل هَذه الأمُور غَير مَحبوب، إلَّا أنَّني سأُحاول أن أجعله أمراً مَقبولاً ومَفهوماً ومَحبوباً..! والحَديث في هَذا المَقال سيَنصبُّ عَلى المَقال الافتَتاحي، وهو مَا نَقرأه في كَثير مِن الصَّحف..! في البدَاية يَجب أن نُعرِّف المَقَال الافتَتاحي تَعريفاً يُسهِّل الأمور، فقَد جَاء في كِتَاب: "فَنُّ الكِتَابة الصَّحفية" للدّكتور "فاروق أبوزيد" التَّعريف التَّالي: (المَقَال الافتَتاحي Leading Article أو Editorial Article يَقوم عَلى شَرح وتَفسير الأخبَار، والأحدَاث اليَوميّة، والتَّعليق عَليها، بمَا يَكشف عَن سياسة الصَّحيفة؛ تجَاه الأحدَاث والقَضايا الجَارية في المُجتمع)..! هَذا التَّعريف يَقودنا إلَى سُؤالٍ كَبير؛ حَول أهمّية الافتَتاحيّات في الصُّحف، وهي في نَظري أهمّية ضَعيفة ضَئيلة، بَل لا أُبَالغ إذَا قُلت: إنَّ إقبَال النَّاس عَلى قرَاءتها مَحدودٌ جدًّا، وأظن -ولَيس كُلّ الظّن إثماً- أن مَن يَقرأ الافتَتاحيّات هُم مِن كِبَار السِّن المُتابعين للصَّحافة، ومَن يُجيزها في الصَّحيفة..! وأتذكَّر أنَّني في حدُود عَام 1415ه؛ كُنتُ أعمَل صَحفيًّا في مجلّة اليَمامة، وكَانت افتَتاحية العَدَد يَكتبها "الفَاضِي" مِن هيئة التَّحرير، أو الذي لا شُغل لَه..! مِن كُلِّ هَذا نُعيد طَرح السُّؤال: لمَاذا لَم تَنجح الافتتاحيّات..؟! في وجهة نَظري الكَريمة؛ أنَّ الافتَتاحيّات تَنجح في الصُّحف التي تَملكها الأحزَاب، لذَلك تَأتي الافتَتاحيّة شَارحة لوجهة نَظر الحِزب، كَما أنَّ الافتَتاحيّات تَنشط في البلدَان التي تَمتلك فِيها الأحزَاب والأفرَاد والنقَابات صُحفاً، بحَيثُ تُصبح هَذه الافتَتاحيّات لسَان الحِزب النَّاطِق، وذرَاع المَالك للصَّحيفة..! وأظنُّ أنَّ ضَعف الإقبَال عَلى الافتَتاحيّات مَردّه -أيضاً- إلى أنَّ الافتَتاحيّة لا تُوقَّع باسم أحَد، لذَلك لا نَعرف "هِي تُمثِّل مَن"..؟! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي القَول: إنَّ الافتَتاحيّات مَنهج صَحفي قَديم، وقَد آن الأوَان للتَّخلِّي عَنه، كَما فَعلت جريدة "الشّرق الأوسط"، حَيثُ ألغَت الافتَتاحيّة مِن صَفحاتها، وإن كَان البَعض يَتمنَّى بَقاء الافتَتاحيّات لِمَا فِيها مِن عُمق..! وعَلى الصَّعيد الشَّخصي أهتَم وأُتَابع افتَتاحيّة جريدة "الرّياض"، لأنَّها تُمثِّل هَذا العُمق الذي أقصده..!!! تويتر: Arfaj1 [email protected]