في تأكيد على موقفه الداعم لنظام بشار الأسد رغم جرائمه الدموية بحق الشعب السوري، امتدح الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي جيش النظام، مقدمًا عزاءه في ثلاثة من أركان نظام بشار قتلوا في تفجير دمشق الأخير. والدكتور البوطي رئيس قسم العقائد والأديان بكلية الشريعة في جامعة دمشق، معروف بدعمه للنظام السوري رغم عمليات القتل والتعذيب التي طالت الآلاف في سوريا منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية منتصف مارس. وقال البوطي في خطبة الجمعة: إن "قدوم شهر رمضان الكريم يدعونا إلى التمسك بالحق والمحبة لمواجهة ما يخططه لنا أعداء الأمة"، متحدثًا عما وصفه ب"اعتزاز أبناء سورية بجيشهم الباسل المناط به اليوم مهام جسام بمواجهة جميع التحديات الداخلية والخارجية لتبقى سورية رمز الشموخ والإباء ورسالة الحق المبين" على حد قوله. وتوجه البوطي بالتعزية "إلى دولتنا العربية السورية الإسلامية وإلى جيشنا الشامخ في إيمانه المعتز بقوته المخلص لأمته المتسامي على التبعية الذليلة لأعدائه"، وقال: "أتوجه إليه وإلى دولتنا العربية والإسلامية بالتعزية إذ ودعوا بالأمس دعائم ثلاثا هي أركان لا في الجيش فقط بل هي أركان كانت راسخة في بناء دولتنا العربية الإسلامية كلها.. لقد شاء الله عز وجل أن يرحلوا إليه وهو قضاء قضاه الله سبحانه وتعالى ولكنها التعزية التي ندبنا إليها". وقتل في الهجوم على مقر الأمن القومي بدمشق كل من آصف شوكت صهر الأسد ونائب وزير الدفاع، وداود راجحة وزير الدفاع، وحسن تركماني معاون نائب رئيس النظام . وأضاف البوطي متحدثًا عن تفجير دمشق: "إذا كنت أريد أن أقول كلمة دقيقة في بيان الدافع إلى هذه الجريمة التي حبكت ولا أقول التي ذهبت بأرواح هؤلاء لا هو قضاء قضاه الله عز وجل ولكن أقول إن الدافع لا يتمثل في خطة أو جزء من خطة مرسومة ابتغاء الوصول إلى غاية أو هدف ولكن الدافع يتمثل فيما يسميه الفقهاء بحركة المذبوح.. أرايتم الحركة العشوائية التي تقفز على غير هدى من الحيوان المذبوح قبل أن تخرج منه الروح.. هذه الجريمة إنها كانت من نوع الحركات العشوائية التي يتخبط فيها اليائسون يدفعهم يأسهم وتدفعهم أحقادهم إلى أن يتصرفوا على غير هدى"، كما قال. وتوجه البوطي إلى عناصر جيش بشار الأسد بقوله: "إنكم تتحملون اليوم تبعة لا أظن أن في جيوش العالم بل في دول العالم من تحمل مثلها قبل اليوم ولقد عدت إلى التاريخ القصي القديم والحديث فلم أعثر على جيش في دولة قد تحمل هذه التبعة إلى اليوم وشاء الله عز وجل أن يتحملها جيشنا" مشيرا إلى أن هذه التبعة تتمثل في حرب كونية فعلا تتجه إليه من أطراف العالم أجمع تستعمل فيه الأسلحة المادية والمعنوية والالكترونية والإعلامية. وأضاف البوطي: " أمام هذه التبعة الخاصة المتميزة التي يتحملها جيشنا اليوم ينبغي بالمقابل أن يتحلى بمزية تتكافأ مع هذه التبعة ويتكون منهما ميزان عدل متكافئء وهذه المزية تتلخص في أن ما يتمتع جيشنا بها من الجبهة الناصعة الشامخة ولابد من أن يتوج هذا الشموخ بذل العبودية لله ولابد أن يتوج هذا الشموخ بذل السجود لمولانا وخالقنا جل جلاله وعندئذ يتحقق ما نصبو إليه ويضرب هذا الجيش المثل الأعلى في التعالي والتغلب على سائر القوى التي تتوافد إليه من شرق وغرب وشمال وجنوب ويستطيع أن يحقق الخوارق والمعجزات لا بل سيخلق الله عز وجل على يديه الخوارق والمعجزات". واستمر البوطي في كيل المديح لجيش النظام السوري رغم الجرائم المروعة والقمع الدموي البشع الذي يرتكبه بحق السوريين، قائلاً: "أنا أعتز بجباههم المرتفعة الشامخة التي لم تهُن في يوم من الأيام لعدو ولم تركن إلى لذة طعام أو شراب يخدع بها كما يخدع الآخرون وأقول لهم إنكم إن ارتبطتم بالله جعلتم من ثغوركم محاريب ترتبطون فيها بالله عز وجل تستنزلون النصر منه بذل عبوديتكم لله فإن الله عز وجل يتجلى عليكم عندئذ بقاهريته وانتقامه وجبروته.. فإذا جرأتم الأعداء أيا كانوا فإنهم لن يروا في أشخاصكم بشرا من الناس ولكنهم سيرون في أشخاصكم جبروت الله وقاهريته وجبروته ولسوف يكون هذا أعتى سلاح تستعملونه من حيث تدرون أو لا تدرون للنصر العاجل الذي سيكرمكم الله به"، على حد ادعائه. وختم كلامه بقوله: "بعد هذا أنا الضامن بأن الله عز وجل سيكرمنا جميعا بأعاجيب النصر.. بخوارق النصر والتأييد"، كما زعم. وكان الشيخ زاهر إحسان البعدراني - نجل خطيب جامع المرابطين بدمشق - قد حمَّل البوطي مسئولية الدماء السورية التي سفكها النظام السوري منذ بداية الثورة وحتى الآن بسبب تأييده له. وأكد البعدراني أن البوطي سقط سقوطًا مدويًّا بوقوفه مع الأسد الذي يقتل شعبه، وأحرق نفسه بهذا الموقف المتخاذل، حيث إن بقاء الأسد يعني بقاءه، ونهايته تعني نهايته أيضًا، مشيرًا إلى أن البوطي وحسون (مفتي نظام بشار) ضالان في نفسيهما، مضلان لمن حولهما. وأوضح أنه لا ينكر أن البوطي عالم، لكن العلم يؤخذ بالدراسة ويحتاج للتطبيق، فمن يتعلم كيف يقف في وجه الظلم عليه أن يقف كذلك، إلا أن البوطي لم يفعل، وسوف يحاسبه الله على هذا العلم الذي تعلمه وعلمه، ولما خرج النظام بظلمه على شعبه لم يحاول رفعه هو، وحمله كل ما يحدث في سوريا من قتل، مشددًا على أنه لو خرج يومًا فقط من على منبره وأيد الثورة لما سالت كل هذه الدماء. وقد أثارت عدة فتاوى أصدرها الدكتور البوطي، ورأت جماهير الشعب السوري أنها مناصرة لنظام الأسد، حفيظة المتظاهرين في مدينة دير الزور؛ ما دعاهم إلى إحراق كتبه في جمعة "أحفاد خالد" (22 يوليو). وكان أغرب هذه الفتاوى الصادرة عن الدكتور البوطي، بحسب رأي الكثير من المحتجين، إجازته السجود على صور رئيس النظام السوري بشار الأسد. وجاءت فتوى البوطي ردًا على سؤال وجه له عبر موقع "نسيم الشام" من سائل من دوما يسأل عن حكم الإثم الذي لحقهم بعد إجبار الأمن لهم بالسجود على صورة بشار. وأجاب البوطي بقوله: "اعتبر صورة بشار بساطا.. ثم اسجد فوقه"، على حد قوله. وفي فتوى سابقة للبوطي منشورة على الموقع المذكور برقم 14375، لم يحرم إطلاق النار على المتظاهرين ردا على جندي يسأله عن حكم اطلاق النار على المتظاهرين فأجاب بأنه "إذا علم المجند أنه تسبب بقتل فعليه الدية للورثة؛ وأن يصوم شهرين وإن لم يستطع فاطعام فقير لمدة شهرين. أما إن كان تسبب المجند بجروح فله أن يدعوا الله أن يسامحه أصحاب العلاقة". وفي فتوى أخرى، توجه سائل إلى الدكتور البوطي يطلب منه عبر موقعه الإلكتروني، حكم "المسيرات المؤيدة" التي ترفع صور الرئيس وتهتف بحياته ويُقطع من أجلها الطرقات في مختلف المحافظات السورية، فجاء رد الشيخ مقتضبًا: "كان الجواب عن حكم الخروج في المظاهرات جواباً عاماً، والكل داخل في حكم وجوب سد الذرائع". وبالعودة إلى فتوى سابقة للبوطي أشار لها في جوابه المقتضب حسب مفكرة الاسلام ، اعتبر فيها الخروج للمسيرات والمظاهرات ذريعة إلى فتنة لا مجال للتحرز منها، وهي محرمة بحسب فتوى حُررت منذ بداية الأحداث في سوريا، تحدث فيها البوطي عن "حرمة الذرائع الموصلة إلى جرائم ومحرمات"، إذ ربط البوطي بين توصيف للمسيرات (موالية – معارضة) بأنها ذريعة إلى فتنة، ثم ربطها بفتوى سابقة يحرم فيها هذه الذرائع. وجاء بالفتوى التي حررت أصلاً بناء عن سؤال حول المسيرات المعارضة السلمية: "ثبت بما لا يقبل الشك أن الخروج إلى المسيرات واستثارة الآخرين بالهتافات المختلفة، ذريعة إلى فتنة لا مجال للتحرز منها، وكثيراً ما تتمثل هذه الفتنة بقتل أو تعذيب أو سجن لأناس لم يكونوا معرضين لشيء من ذلك لولا هذه المسيرات، وقد أوضحت لك في سؤال سابق حكم الذرائع الموصلة إلى جرائم ومحرمات، وبينت دليل حرمتها وسخط الله على الذين لا يبالون بحكم الله فيها".