يرجح خبراء عقاريون واقتصاديون أن تنزلق سوق العقارات السعودية إلى دورة اقتصادية هابطة بعد مقاومة امتدت نحو 10 سنوات. ومع تجاوز الأسعار القوة الشرائية في السوق، التي سيطرت عليها المضاربات الحادة خلال العقد الماضي، قدر الخبراء أن تسجل الأسعار تراجعا لا يقل عن 35%، يتصاعد مع تتالي فعالية برامج الإسكان الحكومية إلى 60%. ونشرت صحيفة الوطن المحلية تقرير أعده الزميل مشاري الوهبي, أبلغ وسطاء مطلعون في السوق عن توصيه متداولة في أوساط كبار ملاك العقارات، خصوصا في قطاع الأراضي، مفادها "ضرورة توفير السيولة اللازمة استعدادا لمرحلة الهبوط"، فيما سجلت مؤشرات وزارة العدل، شبه ثبات إلى تراجع، بينما يشير الوسطاء إلى أن "عملية التدوير بين المضاربين، على أشدها خلال الستة أشهر الماضية". وقال عضو جمعية الاقتصاد السعودية، عبدالحميد العمري "السوق العقارية، تسجل عمليات خروج للسيولة منذ فترة، بمجرد الخطاب الاقتصادي العام، الذي يتحدث عن أن السوق بات مزعجا ويسبب أزمة اقتصادية، فهو إشارة واضحة لدخول سوق العقار المحلية مرحلة التصحيح، بعد سنوات صاعدة، صنعت تضخما كبيرا في الأسعار". وأشار إلى أن "السيولة العقارية، بدأت تتجه إلى سوق المال، والتي تجاوزت فيه لأول مرة منذ 8 أشهر مستوى 10 مليارات"، مشيرا إلى أن "دخول الدولة لعرض مزيد من المساكن وبرامج التمويل، سيدفع بتسارع عملية التصحيح"، متوقعا ألا يقل التراجع عن 35%، ويزداد مع تزايد فاعلية برامج الإسكان والتشريعات العقارية". في المقابل يستبعد نائب رئيس غرفة الرياض عبدالعزيز العجلان في تصريح ل"الوطن" أمس رغم إقراره بمرحلة الركود، حدوث تصحيح مؤثر، استنادا إلى ملاءة المالية الجيدة للملاك، حيث معظم استثماراتهم لا ترتبط بتمويلات بنكية، يمكن أن تسهم في الضغط على الملاك، وهو ما يدعم قدرتهم على مقاومة مرحلة الركود الجارية". وعن تجاوز الأسعار القوة الشرائية، قال: "ما زال هناك نمو وحراك اقتصادي، فلا أحد يستطيع أن يحدد سعر المستقبل"، مضيفا "إن حدث تصحيح، سيكون جزئيا، يختلف من منطقة إلى أخرى"، إلا أنه يستدرك: "حال تدخلت الدولة بعروض ضخمة، ستتغير معادلة الطلب والعرض، لصالح الأخير". وأضاف "برامج الإسكان الحكومية، تبقى مؤثرة تأثيرا محدودا على الأسعار، حيث تتركز في أماكن محددة من المناطق المستهدفة، لا تؤثر بشكل مباشر على العرض، خصوصا في مناطق داخل المدن"، مضيفا "الطلب يأتي من مصادر مختلفة وليس بالضرورة حكرا على أغراض السكن". وعلى العكس من حديث العجلان، قال الاقتصادي العمري "الدورة العقارية ستفرض واقعها، ولن يستطيع المستثمر المقاومة، وستدفع لخروج السيولة إلى قنوات أخرى"، فيما يرى بجانب ملاءمة ملاك العقار، "بأنه مؤشر على الاحتكار، وسيجد المستثمر نفسه أمام قيمة جديدة تحتم التعامل معها، مع دخول دورة هابطة لن تقل عن 8 سنوات". "السوق لا تعاني من شح أراض"، هذا ما يقوله الرئيس التنفيذي لشركة "تداولات" خالد البواردي، لكنه يضيف "هي محتكرة لدى مضاربين دفعوا خلال السنوات الماضية إلى تضخم الأسعار بشكل كبير"، حيث الصفقات لم تكن تعقد بهامش ربح يقل عن 70%، حتى على الأراضي البيضاء". وقال البواردي، "ننتظر إقرار استراتيجية الإسكان، المتركزة على تخفيض أسعار الأراضي كحل للمشكلة القائمة، من خلال عدة محاور أبرزها، منع الاحتكار والمضاربات، نزع الملكيات، إضافة إلى حق الشفعة، الذي يعطي الوزارة الأولوية في شراء الأراضي". وعن واقع العامل النفسي للسوق، قال "الحديث عن أوساط السوق وشركات التطوير، يُغلب التراجع، وهو امتداد لتضجر من مستويات الأسعار منذ سنوات"، مشيرا إلى أن "كافة الأطراف وصلت إلى قناعة، في قدرتها على إيجاد منتج سكني، دون تجاوز القوة الشرائية للمستهلك". فيما بين مدير عام شركة إجادة السعودية العقارية عماد الرشيد، حول حركة التداول على الأراضي، "أنه تم تسجيل تراجع في حركة التداول، رغم عمليات التدوير بين كبار الملاك"، مضيفا "نرصد عمليات تصريف، فمثلا في سوق جدة، تنشط تلك العمليات في منطقة شمال المحافظة". وأضاف الرشيد، في حديثه إلى "الوطن" "الدورة الصاعدة للسوق العقارية، بدأت منذ العام 2002 وتراجعت مع طفرة الأسهم في 2004، ومن ثم دُفعت للأمام بعد انهيار 2006، وإلى 2009، وحتى مرحلة الثبات العام الماضي، مع تضخم كبير في كافة قطاعات السوق، إضافة إلى تخطي الأسعار القوة الشرائية، وهو الأمر الكفيل بدفع وقوع عملية التصحيح". ويتفق المتحدثون، باستثناء العجلان، بوقوع تراجع لا يقل عن 35% من الأسعار السائدة، إلا أن البواردي يضيف "مع تتالي برامج الإسكان الحكومية، واستحداث العديد من التشريعات التي تواكب استراتيجية الإسكان، فلن يقل التصحيح عن 60% بعد أقل من عام من إقرار الاستراتيجية.