أجزم حتى القسم بأغلظ الأيمان -فيما لو دعت الضرورة- أن خادم الحرمين الشريفين الملك العادل عبد الله بن عبد العزيز لا ينام مرتاح القلب والبدن، إلا وقد اجتهد واجتهد، في عمل كل شيء لصالح المواطن، أيا كان موقعه وجنسه. التاريخ يسجل للوالد القائد الكثير من المنجزات التنموية للمواطن، خاصة على صعيد تحسين الظروف الوظيفية، وهو تاريخ مشرف يستحق الاعتزاز، لكن من المؤلم حقاً أن لا يكتمل بدر هذا التاريخ بخطوات تاريخية، تعيد الاستقرار النفسي والمادي للموظفين والموظفات، وهو الأمر المفقود منذ نشأة التوظيف الوطني بالسعودية، مع الأخذ بالاعتبار أن الوضع تحلحل قليلاً بقرار التثبيت، لكن بقي الأهم، والتاريخ يعشق الأهم دائماً. ليس من العدل، ولا المنطق، ولا الدين أن يجلس موظفاً يستحق الترقية أكثر من ثلاث أو أربع سنوات، ينتظر ترقية مستحقة قانونية، وخزينة الدولة تمتلئ بالمليارات ولله الحمد والمنة. وليس من العدل أن يتم تناسي الموظفات السعوديات وترقياتهن طوال ثلاثين عاماً، وكأنهن جنس بشري غير مألوف، أو لا حقوق لهن ولا مميزات. فهل يعرف وزير المالية ووزير الخدمة المدنية أن هناك موظفة على المرتبة الخامسة منذ عشرين عاماً ؟! إن كان ذلك فتلك مصيبة، وإن لم يكن فتلك أعظم. عليه.. أقول: ليس من العدل، ولا الإنصاف، ولا حتى الرحمة أن يتسول الموظفون والموظفات السعوديات ترقياتهم، ثم يتفاجؤا بعد حرمانٍ لسنوات طوال برحيلهم عن منطقتهم، وفارق الترقية المالي لا يتعدى 250 ريالا أو 400 ريال على الأكثر. فأي عدل، وأي منطق، بل وأي خزي أن تجعل الموظف يتغرب عن أهله وذويه ومنطقته، لهثاً وراء حقه بالترقية والترفع، وكأنك تمنن عليه من جيبك! أليس من الأجدى أن تواري الجهة المسئولة سوأتها بتلك الزيادات الزهيدة والمخزية – إذا ما قورنت بزيادات الغير من الأهل والجيران ! – بأن تبقي على الموظف الكادح والمغلوب على أمره وظيفته وترقيته وهو في مكانه، وبين أهله وأبنائه. وضع الأشقاء ( والبهوات ) العرب قبل أكثر من ثلاثين عاماً نظاماً مالياً للموظفين والموظفات، ونظاماً للترقيات لدينا، ولم يستطع أي قيادي سعودي أن يغيره، لأنه بزعمهم قران منزل، أو اختراع تنظيمي من وادي عبقر، لا مثيل له! المفجع أن هناك وزارات لا تتوقف ترقيات موظفيها - وزارة المالية مثلاً- بينما عدة وزارات تحترق بجحيم الانتظار، وكأن السياسة مختلفة بين رجال المالية وغيرهم من السعوديين الغلابة. والمضحك أن الخدمة المدنية تتفرج، وكأن الأمر لا يعنيها، أو تخاف من بعبع المالية أن ينضب حولها، أو يعاديها فتحولت من منصف إلى مهلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! يدرس الشاب السعودي مناهج تحثه على العدل، وتقدم له الآيات والأحاديث عن العدل والمساواة والحقوق، ثم يخرج للوظيفة ليرى عكس ما درسه، وكأن المناهج هي للتغطية الدينية والاجتماعية، والنتيجة: ارتفاع مستوى الرشاوي، التسيب، اغتيال المواهب الإدارية، ضياع المعاملات، الهروب من التقنية، الواسطات، الفساد الإداري، كشف أسرار العمل والمعاملات، ... الخ. لقد تم تدمير طموح الموظف والموظفة السعودية بنظام لا يرحم، نظام أكل عليه الدهر وشرب، ورقص عليه الظلم وثمل، نظام لا يفرق بين الجيد والردئ.. نظام لا يعرف إلا الواسطات! قلب حال الموظف وليس لسانه: أليس من حقي أن أترقى بعد أربع سنوات كما هو النظام إذا اجتزت الشروط اللازمة؟ هل يملك أي مسئول أن يقول لا؟ لكن المصيبة أن يتم تجاهل النداء لأكثر من ثلاثين عاما مضت! موظف بالمرتبة الثالثة أو الرابعة وبعد سنوات من المطالبة بالترقية يبشرونه بالترقية إلى منطقة تبعد عن أهله وذويه نحو يوم بالسيارة! تتغير البيئة.. يحتاج لتأسيس نمط مالي جديد.. يريد حافزا... الموجود علاوة 250 ريالا فقط! أي ضحك على الذقون هذا؟ إن أردنا إصلاح الوضع الوظيفي بعد تثيبت الموظفين والموظفات فعلينا أن نبادر لضمان الحقوق القانونية لهم دون منة، كما هو الحال لمن يعملون على الكادر مثل موظفي التعليم (المعلمين والمعلمات) وموظفي الصحة وغيرهم! نعم يا والدي ويا حبيبي ويا سيدي يا خادم الحرمين الشريفين ابناؤك وبناتك يترقبون تغييراً جذرياً يقلب نظام ترقياتهم، ويجتث عنه غبار السنين وظلم الدهر، ويريدون المساواة مع من هم على الكادر ممن يتساوون في الترقيات المتتالية، دون تمييز ودون صخب أو مرض، فكل رأس سنة هجرية تأتي الترقية المالية لحساباتهم صاغرة ذليلة! فيما ابناؤك وبناتك الآخرين محرومين من ذلك التميز. والسبب : نظام أسسه شقيق ( وبيه ) عربي قبل أكثر من ثلاثين عاماً، لم يطأه التغيير، المتزامن مع مؤهل الإنسان السعودي وقيمته وقبل ذلك حالة بلاده المادية. إنني أرجوك - كابن يجتهد لأن يكون باراً بك - يا مولاي ويا مليكي أن لا تحرم تلك الفئة الصالحة والتي أبلت بلاء حسنا وأثبتت ولاءها وحبها ورغبتها الأكيدة بخدمة كياننا الوطني في أن يكون لها كادر مالي سنوي خاص، وأن تكون الترقيات مدروسة بعناية، ولا تؤثر على استقرار الموظفين، وتلبي طموحاتهم. فقد وقع ظلم كبير خلال السنوات الفارطة على آلاف الموظفين والموظفات وسلبهم حقوقهم وهو الأمر الذي يدمي قلبك، ويقلق راحتك، فقد عرفناك عادلاً، رحوماً، مخلصاً، عزيز نفس يحبك الصغير قبل الكبير، قد دخلت أفئدة الجميع. يعلم الله يا سيدي، لا ناقة لي ولا جمل، ولا مصالح فيما أطالب به، لكن معاناة الشعب وهم قلب الدولة والوطن ترسم علامات الحسرة على صورتنا الوظيفية، ونحن بلد المليارات والنعمة الربانية الكريمة - أدامها الحي القيوم- قبل الطبع : الحق دولة والباطل جولة سلطان بن إبراهيم المهوس [email protected] https:/twitter.com/ msultan444