حذرت أستاذة في طب طوارئ الأطفال من مخاطر استخدام الأدوية المسكنة للألم والحرارة، مؤكدةً أن هذه الأدوية من أكثر مسببات التسمم الدوائي شيوعًا لدى الكبار والأطفال في معظم دول العالم في حال تم استخدامها بشكل خاطئ. وقالت الدكتورة نهار دخيل الرويلي أستاذ مساعد بكلية الطب جامعة الفيصل، واستشاري علم السموم وطب طوارئ الأطفال بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض في حديث ل"عاجل": "يعتبر التسمم بالأدوية المسكنة للألم والحرارة من أكثر مسببات التسمم الدوائي شيوعًا لدى الكبار والأطفال في معظم دول العالم، وتعتبر أدوية آمنة عندما تستخدم بالشكل الصحيح والجرعة المناسبة كما وصفها الطبيب والصيدلي". واستدركت قائلةً: "لكن يحدث الضرر عندما تستخدم هذه الأدوية بجرعات عالية؛ فمعظم هذه الأدوية يحدث لها عملية استفلاب (تكسر) في الكبد والكلى، فتؤثر فيهما سلبًا عند الاستخدام بجرعات عالية، وبعضها يؤثر مباشرةً في الجهاز العصبي أو القلب". وعن الحديث عن أنواع مسكنات الألم والحرارة ومدى خطورة الجرعات العالية (السامة) منها، قالت الدكتورة نهار: هناك العديد من الأدوية التي تستخدم لعلاج الألم والحرارة وأكثرها استخدامًا وشيوعًا.. وفيما يلي أهم هذه الأنواع: 1- الأسيتامينوفين (الباراسيتامول): يعتبر هذا الدواء الأكثر شيوعًا، وهناك كثير من الأسماء التجارية له، على سبيل المثال لا الحصر: بنادول، وفيفادول، وأدول، وتمبرا، وتايلنول وغيرها من الأسماء التجارية. وقد يكون هذا الدواء جزءًا من تركيبة بعض أدوية الزكام؛ لذا يجب دائمًا قراءة محتويات الأدوية التي تعطيها لطفلك واستشارة الطبيب والصيدلي؛ كي لا تعطي الطفل جرعة عالية من الدواء. وعندما يبتلع الطفل جرعات عالية وسامة (أعلى من الجرعات الموصى بها) من هذه الأدوية، فقد تسبب فشلاً حادًّا بوظائف الكبد والكلى، وإن لم يتم علاج الطفل بالوقت المناسب والطريقة المناسبة قد تسبب تدهورًا بكافة أجهزة الجسم، مثل القلب والمخ والوفاة لا قدَّر الله إن لم يتم علاجها تحت إشراف طبي. 2- مضادات الالتهاب غير الاستيرويدية: وتستخدم في علاج الألم والحرارة، وتعتبر آمنة وفعالة عندما تستخدم بالجرعة المناسبة للطفل. ومن الأمثلة على هذه المجموعة من الأدوية مشتقات دواء الأيبوبروفين (وله أسماء تجارية مثل بروفين، وبروفنال، وبروف، ونيروفين وغيرها من الأسماء التجارية). ومن مضادات الالتهاب غير الاستيرويدية دواء النابروكسين وديكلوفيناك (الفولتارين). ويعتبر دواء الأيبوبروفين أكثرها أمنًا وأقلها أعراضًا جانبية لدى الأطفال؛ فبقية الأدوية من هذه المجموعة يجب ألا تستخدم إلا بعلم الطبيب واستشارته، إذا ابتلع الطفل جرعات عالية وسامة (أعلى من الجرعات الموصى بها) فقد تسبب نزفًا في الجهاز الهضمي، وفقدانًا للوعي، وتشنجات، وفشلاً في الكبد والكلى والقلب، وحمضية شديدة في الدم من علاماتها سرعة التنفس لدى الطفل. 3- مشتقات الساليسيلات: ومن أشهر هذه الأدوية دواء الأسبرين الذي قل استخدامه هذه الأيام؛ لوجود بدائل آمنة وأقل أعراضًا جانبية، (مثل الباراسيتامول والأيبوبروفين)، إلا أنه لا يزال يستخدم لبعض الأغراض الطبية، مثل المحافظة على سيولة الدم تحت إشراف الطبيب المعالج. التسمم بدواء الأسبرين شائع وخطر جدًّا؛ فالجرعات السامة التي تتجاوز الموصى بها قد تسبب حمضية بالدم يتبعه فشل بوظائف الكلى، ثم فشل بكافة وظائف الجسم إن لم يتم التدخل والعلاج الطبي مبكرًا. 4. مشتقات المورفين (المسكنات الأفيونية): عادة ما تستخدم المسكنات الأفيونية لتخفيف الآلام الشديدة، ولا تصرف هذه الأدوية إلا تحت إشراف طبيب مختص؛ لخشية إدمانها والأعراض الانسحابية لها. من أمثلة هذه الأدوية المورفين والكوديين والأوكسيكودون والهيدروكودون والميثادون والأوكسيمورفون والفنتانيل وغيرها. وعند ابتلاع الطفل هذه الأدوية بجرعات عالية قد تسبب فقدانًا للوعي وتوقفًا في التنفس وهبوطًا بضغط الدم، وبعضها يسبب تشنجات وعدم انتظام بضربات القلب قد تؤدي إلى توقف وفشل القلب. وعن كيفية حدوث تسمم الأطفال بمسكنات الألم وخافضات الحرارة، قالت: "قد يحدث تسمم الأطفال بهذه الأدوية عندما تحفظ هذه الأدوية بشكل غير آمن يستطيع الطفل أن يصل إليها ويبتلعها بجرعات عالية فيحدث التسمم أيضًا، وقد يحدث التسمم بهذه الأدوية نتيجة جهل الأهل بالجرعة المناسبة للطفل وعدد الجرعات وأوقاتها في اليوم الواحد؛ فجرعات الأطفال تحسب حسب وزن الطفل وليست جرعات ثابتة كما في البالغين". وردا على سؤال عن كون الأطفال أكثر عرضةً من البالغين للتسمم بمسكنات الألم وخافضات الحرارة، قالت :" الأطفال أكثر تعرضًا للتسمم بهذه الأدوية من البالغين؛ فعند تطور مراحل نمو الطفل يصبح لديه فضول طبيعي لاستكشاف الأشياء من حوله وتجربتها. وتعتبر أدوية علاج الألم والحرارة هي الأدوية الأكثر تسببًا في تسمم الأطفال في معظم بلدان العالم". وعن الخطوات التي يجب اتباعها ليتجنب طفلك التسمم بمسكنات الألم وخافضات الحرارة قالت: "اسأل الطبيب أو الصيدلي كيف تعطي الدواء لطفلك وما هي الجرعة المناسبة لوزنه وعمره والفترة المناسبة بين الجرعة والأخرى". وأضافت: "تأكد من عدم تكرر الدواء باسم تجاري مختلف بوقت غير مناسب اعتقادًا أنه دواء مختلف، مثل إعطاء الطفل تايلنول وبعد ساعة أو ساعتين تعطيه فيفادول؛ كلاهما دواء واحد هو بارسيتمول فقط، ولكن كان الاختلاف هو الاسم التجاري. ومن المفترض أن يكون بين الجرعة والأخرى على الأقل 4 ساعات"، مؤكدةً أن "الأدوية التي تعطى في الفم قد تعطى بأشكال أخرى أيضًا، مثل فتحة الشرج؛ لذا يجب اخذ الوقت المناسب بين الجرعة والأخرى بعين الاعتبار". وعن نصائح أخرى قالت: "اقرأ النشرات الموجودة مع الأدوية ستجد فيها كثيرًا من المعلومات المفيدة حول طرق استخدام الدواء، واحفظ الأدوية بمكان آمن مثل صندوق أو درج له قفل لا يستطيع الطفل فتحه". وختمت بقولها: "ينصح باستخدام العبوات المقاومة لفتح الأطفال لحفظ الأدوية إن توفرت؛ فقد أثبتت الدراسات أنها من أكثر الطرق التي قللت التسمم لدى الأطفال".