في رواية غامضة غير مسندة، وتبدو عصية على التفسير، تنبأ مؤلف كتاب ب"الدولة الإسلامية في العراق والشام" التي تعرف الآن ب"الدولة الإسلامية"؛ إذ توفي مؤلفه منذ 1147 عامًا وبالتحديد في عام 288 ه. وقد ورد في الجزء الثالث من كتاب "الفتن" للإمام العلامة الحافظ أبي عبد الله النعيم بن حماد المروزي في باب "في خروج بني العباس" ما نصه: "حَدَّثَنَا الْوَلِيد، وَرِشْدِينُ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ أَبِي رُومَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: "إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ فَالْزَمُوا الأَرْضَ فَلا تُحَرِّكُوا أَيْدِيَكُمْ، وَلا أَرْجُلَكُمْ، ثُمَّ يَظْهَرُ قَوْمٌ ضُعَفَاءُ لا يُؤْبَهُ لَهُمْ، قُلُوبُهُمْ كَزُبَرِ الْحَدِيدِ، هُمْ أَصْحَابُ الدَّوْلَةِ، لا يَفُونَ بِعَهْدٍ وَلا مِيثَاقٍ، يَدْعُونَ إِلَى الْحَقِّ وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهِ، أَسْمَاؤُهُمُ الْكُنَى، وَنِسْبَتُهُمُ الْقُرَى، وَشُعُورُهُمْ مُرْخَاةٌ كَشُعُورِ النِّسَاءِ، حَتَّى يَخْتَلِفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْحَقَّ مَنْ يَشَاءُ". ومن اللافت للنظر، ووفقًا لما قاله المؤلف، فإن خروج بني العباس هو التطابق اللافت بين وصف الرواية وصفات أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية؛ فهم بأسماء كالكنى مثل "أبو بكر، وأبو مسلم"، فضلاً عن نسبتهم إلى القرى (المدن والمناطق)، مثل البغدادي والخرساني والتركماني، وغيرها، مع صفاتهم الواردة في الرواية من أن "أصحاب الدولة" لا يوفون بعهد ولا ميثاق وليسوا من أهل الحق، وأن نهايتهم ستكون بخلاف بينهم. ورغم شدة تطابق الرواية مع الواقع، فإنه لا بد من الإشارة إلى أن كتاب (الفتن) ومؤلفه مرفوضان في نقل الروايات عامةً من علماء الإسلام؛ فالنسائي يقول في المروزي مصنف كتاب الفتن: "قد كثر تفرده وصار في حد من لا يحتج به". أما الذهبي فرأى أنه "لا يجوز لأحد أن يحتج به، وقد صنف كتاب (الفتن) فأتى فيه بعجائب ومناكير". ويبقى السؤال: كيف وردت رواية تصف دولة البغدادي وعناصرها بهذه الدقة والتشابه؟! وهل هي صحيحة أم أنها مكذوبة؟! ومن أين وصلت إلى الإمام نعيم المروزي؟! ولِمَ لم يعلم بها غيره؟! يشار إلى أن المخطوطة الأصلية للمؤلف محفوظة في المتحف البريطاني في عشرة أجزاء.