ترددت أنباء عن عزم المملكة العربية السعودية تطبيق نظام يحدد مكان وهوية المسيئين في مواقع التواصل الاجتماعي؛ لتسهيل القبض عليهم؛ ودفع البعض الآخر لوصف ذلك بأنه انتهاك للحقوق الشخصية وتجسس على المواطنين. ويستهدف هذا النظام شبكات التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها، ويسمح بتصنيف كل ما يطرح عبر هذه الشبكات، سواء كان سلبيًا أم إيجابيًا، بجانب سهولة الوصول إلى الأفراد والجهات التي تعمل على زعزعة المجتمع أمنيًا أو فكريًا. وفي إطار دورها الإعلامي، حاولت "عاجل" الوقوف على ردود الفعل المجتمعية حول القضية، فقال الدكتور يوسف الرميح، بروفيسور متخصص في علم الإجرام ومكافحة الإرهاب بجامعة القصيم ومستشار أمني في إمارة منطقة القصيم، النظام بلا شك يعتبر عملا مهما وللأسف فإن البعض من الناس يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي وخاصه "تويتر" كمنطلق للإساءة وللغيبة وهذه العملية تحتاج لضبط. وطالب بعدم ترك هذه الحرية مفتوحة؛ لأن هناك ضعاف نفوس وضعاف عقول ودين وهمهم إثارة النعرات من أي جهة كانت هذه النعرات، كالشتم والتجريح الشخصي للناس، لكن الناس ليسوا كهذا الشخص المريض. وأضاف "الرميح" أنه لابد من ضبط هذه الشخصيات التي ينقصها التعقل والحكمة والتروي وإذا عرف أنه سيحاسب، سيبتعد عن هذه الإساءات للآخرين ومن المنطق الشرعي يجب الابتعاد عن الإساءة للناس وعندما تفلت العصا والهوية نجد أن الأمر لا ينتهي عند حد فتجد أي شخص من السهل أن يقبح الآخرين دون رقيب. وأشار إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي يجب أن تكون مواقع نشر للخير والتواصل عليه وأي جهاز يجب ألا يساء استخدامه ومن المهم استخدامه للخير ونحن مجتمع ننهش بعضنا البعض ويأكل بعضنا البعض، والسنة النبوية تحثنا على الخير ولا يرضى المسلم أن يأكل لحم أخيه ميتا، فذلك من أصل وطني وشرعي وأصل إنساني وكل إنسان له حريتهالشخصية وملء إرادته الشخصية وعندما تتعدى على حقوق الآخرين بشخصياتهم وأعراضهم أو أسمائهم وأفكارهم أو معتقداتهم فأنت لست تنهش الآخر بل تنهش المجتمع ككل. وتابع: الحرية الشخصية لا تعني تجريح الآخرين.. الحرية الشخصية تعني بالضبط احترام الآخر وديننا يأمرنا بذلك، فرسولنا صلى الله عليه وسلم توفي ودرعه مرهونة عند يهودي، فهذا يدل على أن احترام الآخرين حتى لو اختلف الدين، فغياب الرقيب أعطى الآخرين السب والشتم والدخول في الأمور الشخصية. وذكر: يجب أن نبذر مبدأ الخوف من الله والخوف من الرقيب والخوف من الحساب قال تعالى "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد"، فستحاسب عن كل كلمة تكتبها أو تقولها، فكل كلمة كتبتها أو جرحت بها ستتناقل بين الآخرين وتتحمل إثمها. ولفت "الرميح" إلى أنه من هذا المبدأ، الحماية الاجتماعية بمعرفة من هؤلاء وهم من يسيء للآخرين وأن يُوقَفهم عند حدهم ويُوقف من يصعدون على حساب أعراض الناس ويقال لهم إلى متى هذا؟. وقال: الموضوع له توجهات دينية وشرعية واجتماعية، وكذلك توجهات نفسية، ويجب أن تضبط ضبطا صحيحا، والضبط العقلاني ووقف مهاجمة الناس وأعراضهم ولها أيضا مآخذ اقتصادية، فهذا يبحث عن الاخرين ومن أين لهم هذه الأموال...... ووو....إلخ، فأنت غير مسؤول عن ذلك، فهناك جهات حكومية مسؤولة ومناطة بهذا! فقد دلنا شرعنا الحنيف على كل شيء ولم يترك الأمور هباء، بل دلنا على كل شيء، فديننا حذرنا من الغيبة والنميمة فسب المسلم والدخول في أعراضه من أكبر الجرائم والمصائب ويجب أن تراقب هذه الكتابات وأن تكون راقية وطيبة وتعود على مجتمعنا بالخير وأن نحافظ على طيبتنا، خاصة أن مجتمعنا السعودي يعتبر من أطيب المجتمعات خلقا وأن نحافظ على قيمنا وهي أكبر من أن يلعب بها جاهل أو مغرر به. وناشد "الرميح" الجهات الأمنية بتطبيق ذلك قبل وقوع الجرائم التي قد تحدث من وراء الرسائل أو التغريدات المجهولة، فضبطها في البداية يريحنا في النهاية، ويجب إغلاق باب المفاسد، فهناك قاعدة بجلب المصالح ودرء المفاسد، وهي من قواعد الفقه الإسلامي، وأخيرا يجب أن تكون التغريدات والأسماء صحيحة بجميع مواقع التواصل في "تويتر" و"فيسبوك". متابعة المخالفين ردع لمن يعتقد بقدرته على التخفي وقال المحامي بندر المحرج ل"عاجل" حول الموضوع ذاته: إنه من المعلوم أن نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية هو النظام الذي يعالج الجرائم التي تقع من خلال وباستخدام الشبكة العنكبوتية، وبرامج التواصل الاجتماعي مثل "تويتر" و"فيسبوك" و"واتس آب" و"تيليجرام" هي أمثلة لأكثر البرامج التي يستخدمها المجتمع والتي من خلالها يُسيء البعض للآخر، إما بالسب والشتم أو القذف أو إساءة السمعة أو التشهير أو بث صور خاصة أو إباحية أو غيرها من المخالفات التي يشملها النظام. وأضاف أنه لسهولة التعامل مع هذه البرامج وإمكانية التخفي (المؤقتة وغير الصحيحة) استغل بعض ضعاف النفوس هذه البرامج بقصد الإساءة للغير ومن المعلوم أن العقوبات في مثل هذه الجرائم قاسية وصارمة، ولذلك لجأ المسيئون للتخفي ظنًا منهم بإمكانية الهروب من طائلة النظام. وبيَّن "المحرج" أن هذه البرامج يمكن مراقبتها تقنيًا ومتابعة المخالفين إن قررت الجهة المختصة وتنفيذًا للنظام تتبع هؤلاء المخالفين سواء بطلب من صاحب الحق الخاص أو بناء على ما تقتضيه المصلحة العامة وحفظ المجتمع، ومن هنا فإن متابعة المخالفين والقبض عليهم هي روح النظام والآلية العملية لتطبيقه وردع المخالفين وزجر كل من يتصور قدرته ع التخفي وهذا الأمر ليس محصورًا في المملكة، بل في جميع الدول الأخرى المماثلة، وعليه فإن متابعة المخالفين لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية هي الوسيلة التقنية لتقديمهم للقضاء وتطبيق النظام بحقهم. وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن تتحمل مسؤولياتها وقال مساعد عبدالله السناني، عضو مجلس منطقة القصيم، إن وسائل التواصل الاجتماعي هي ميدان رحب وساحة للحوار وسرعة انتقال المعلومة ونشر المعرفة ووسائل التثقيف وحرية التعبير المسؤولة وخلق زمالات متعددة مع شعوب الأرض وصحيح أن التقنية أعطتنا الكثير من الإيجابيات والكثير من قيم الخير، لكن أعداء التقنية وأعداء الحياة يقفون على الضفة الأخري، ويعملون ما بوسعهم لتشويه هذه الجماليات من خلال استخدام المعرفات الوهمية للإساءة للمجتمع وتصفية الحسابات وتمرير أجندات معينة وإشاعة الأراجيف والكراهية بين الناس. وأضاف: أتفهم أن يكتب البعض من خلال أسماء وهمية لأسباب اجتماعية، لكنني ألاحظ أن الكثرة هم أصحاب هذه الحسابات، وهم أيضا من ينشرون الإشاعات ويصدرون الكراهية والقذف وفاحش القول. ولفت إلى أنه عندما نكون أمام هذه الإشكالية، هل ننتظر أن تصحح وسائل التواصل نفسها وتُنضج فكرة الحوار البناء وتهذب اللغة وترتقي بمستويات الطرح؟ أم تتحمل هذه الوسائل مسؤولياتها الأخلاقية وتنظف الساحة وتحكم الرقابة على الخارجين عن مبادئ الذوق العام والفطرة السليمة من خلال انضباطية التسجيل في المواقع وضرورة معرفة بيانات المستخدم كاملة. وقال: في ظني إن الخيار الأخير هو ما يجب أن يكون لننعم بالتقنية، ونجعل منها وسيلة للعلاقات الإنسانية وتبادل المعرفة والإفادة من مقومات التقارب بين شعوب الأرض وتبادل المعارف والتجارب والعلوم المختلفة.