قال الباحث الأكاديمي الدكتور الشيخ محمد النجيمي، إن اتخاذ مجلس الشورى قرارًا بالموافقة على رياضة البنات ليس من اختصاص مجلس الشورى، وكل ما يتعلق بالحلال والحرام وما يرتبط بثوابت المجتمع وعاداته لا يحق لمجلس الشورى التدخل فيه، وليس من اختصاص أحد البت في قضية ربما وقع فيها الخلاف، موضحًا أن ذلك حق لهيئة كبار العلماء، ولا يصح التعدي عليهم. وأثارت قضية إدخال التربية البدنية في مدارس البنات جدلا في الأوساط السعودية على مدى الأيام الماضية، بين معارضين ومؤيدين لتطبيق هذه الخطوة أسوة بالطلاب، على خلفية موافقة مجلس الشورى على توصية تقر إدخال مادة التربية البدنية في مدارس البنات، بما يتفق مع الضوابط الشرعية وطبيعتهن، والتنسيق في ذلك مع وزارة التعليم العالي، لوضع برامج التأهيل المناسبة للمعلمات. وذكر "النجيمي" ل"عاجل" أنه يجب التنبيه على أن هذه ليست فتوى، فلست من أهل الاختصاص، وإنما هو تنبيه لفعل الأمثل والأصلح للمواطن، مؤكدًا أن مدارس البنات تعاني من مشاكل خطيرة جدًّا، ونقص في الضروريات، فلا معامل مفعلة، ولا مباني مجهزة تجهيزًا يليق بالمملكة كبلد كبير متحضر، وبعض مباني المدارس مستأجرة، وغير المستأجر غير صالح، وما زلنا نسمع بالمخالفات الكثيرة. وأضاف أن مدارسنا بها مشاكل كثيرة فيما يتعلق بالسلوك، وغيرها مما يعرفه كل أحد، كما أن مخرجات التعليم في البنات والبنين ضعيفة جدًّا، متسائلا عن ترك المشاكل الخطيرة والمهمة، وبحث أمور من الترف كرياضة البنات، ونحن حتى الآن لم نفعل رياضة البنين، ولم نرَ لها أثرًا معتبرًا، ولم تُؤتِ أُكُلَها، فنترك كل هذا ونبحث عن رياضة البنات، وطبعًا بملابس رياضية، وبشروط الاحتشام التي لن تتحقق مع الملابس الرياضية، ونزيد الطين بلة، ونضحك على أنفسنا ونخدعها. وذكر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها"، فلم تنته المشاكل التعليمية، وأذكركم بخطاب طالب الثانوية لرئيس مركز قياس الذي لم يصب في كلمة واحدة حتى البسملة، وهذا الطالب حاصل على 98%، نترك ضعف مخرجات التعليم، "وندور على هز يمين شمال فوق تحت". واعتبر "النجيمي" أن تجربة الرياضة للبنات أول باب شر فتح على المسلمين، فتغربت بناتهم، كما حكى ذلك الشيخ علي الطنطاوي، كما هو معلوم، والبلاد التي فيها رياضة للبنات لم تزدد إلا تخلفًا، فهل انتهت مشاكل التعليم، ونقص الضروريات، وصارت مخرجات التعليم رائعة، فتفرغ مجلس الشورى الموقر لرياضة البنات؟. ولفت "النجيمي" إلى أن اختصاص مجلس الشورى كما هو معلوم هو سن الأنظمة واللوائح التي في الصالح العام، بما لا يتعارض وأحكام الشريعة الإسلامية، مبينًا أنه يجب الرجوع إلى علماء الشريعة عما يجوز، وما مفاسده دينًا وخُلُقًا. وتابع: نبهت مرارًا ونصحت الرؤساء السابقين لمجلس الشورى بأنه يجب الفصل بين اختصاص مجلس الشورى وتحدد اختصاصاته، فليست كل مسألة صالحة للنقاش بمجلس الشورى كما هو في النظام الأساسي للحكم أن هناك ثوابت لا يتعداها أحد واختصاص هيئة كبار العلماء فيما يتعلق بالأخلاق والشرائع. وقال: إن مبدأ الفصل بين اختصاص السلطات صمام أمان لكل الناس، كما هو معلوم، وصمام أمان من الطغيان لأن من تملَّك سلطة لا يؤمن عليه الانحراف بها. وزاد أنه إذا ظل مجلس الشورى في تخبطه وعدم التزامه باختصاصه، وعدم بحثه عن قضايا مصيرية تهم المواطن وتنكد عليه حياته، فأين هموم المواطن وهموم البديلات، وهموم النساء اللواتي يمُتن يوميًّا على الطرقات، وهموم السائقين بالبنات، وهموم مشاكل المعلمات، وهموم المعلمين، وغيرها كثير. وأشار "النجيمي" إلى أنه إذا ظل المجلس على حاله من بحث تلك الأمور الجانبية، فسينزع الناس ثقتهم منه، ويصبح كلامه حبرًا على ورق، وتضيع قيمته الأساسية، مؤكدًا أن الأصوات التي تُطالب بمجلس شورى انتخابي ستزداد، مما سيدخلنا في تعصبات وصراعات نحن في غنى عنها وتحزبات، لأن في إجراء الانتخابات ستتأجج النعرات القبلية، وندخل في أنفاق مظلمة. واختتم حديثه قائلا: إن مجلس الشورى يضم إخوة أفاضل يحرصون على مصلحة الوطن، لا نشك في ذلك، ولكن يجب أخذ القرارات التي في الصالح العام، ومصلحة ديننا وطننا هي الأساس.