بعد النجاح الكبير الذي حققه وفد الجوف المشارك في مهرجان التراث والثقافة ب"الجنادرية 29" تحدثنا مع عدد من المهتمين الذين لهم مشاركات واسعة بالمهرجان حول مشاريعهم لهذا العام، والأعوام المقبلة، لاستمرار وتأكيد هذا النجاح. التقينا بأقدم مشارك بوفد منطقة الجوف، سعد العقيل، وقال: "مشاركات منطقة الجوف للتراث والثقافة ب"الجنادرية 29" تتطور عامًا بعد عام على مدى تسعة وعشرين عامًا، والمشاركات الحالية ولله الحمد فعالة في جميع المجالات تجد الحرف بأنواعها، وتجد الكرم الجوفي في بيت الشعر". وتابع: "نستقبل الضيوف بتمرة حلوة الجوف، والقهوة العربية، علاوةً على ما يقدم من العرضة السعودية، والسامري، والربابة، والشعراء، والدحة، وخبز الجمري، وأضافت معصرة الزيتون جوًّا على وفد الجوف رغبة من الزوار لمشاهدة كيفية استخراج زيت الزيتون.. ونتطلع بإذن الله في السنوات القادمة إلى استمرار هذا النجاح في ظل وجود مبنى خاص لوفد الجوف". كما ذكر أحد أعضاء العرضة السابقين، فايز بن عودة المحيسن، من منطقة الجوف، صاحب مؤلف "مناقب بعض المناعير النشامى بالجوف"؛ أن العرضة السعودية قديمًا كانت صيحة حرب ونداء بطولة للدفاع عن العشيرة والقبيلة، وكانت تقال في بداية الحرب لتحميس المقاتلين، وأثناء المعركة، وفي نهاية المعركة، وبعد الانتصار. كما قال الشاعر عبد الهادي المريزيق النصيري الرويلي، الذي كان يشارك منذ انطلاق المهرجان في لون الربابة، ومع شعراء منطقة الجوف، وصاحب أربعة دواوين، إن مهرجان التراث والثقافة استطاع أن ينقل واقع الحال لابن الجوف في الزمن الماضي، وكيف كان يصارع الحياة وما كان يلجأ إليه الجوفي في الماضي من حرف من أجل توفير قوت أبنائه. من ناحيته، قال الشاعر معزي عقيل الشرعان، صاحب ثلاثة دواوين: "شاهدت داخل السوق الشعبي في الجنادرية عددًا من الحرف والصناعات المتنوعة وحرفًا يدوية، ومن الحرف التي لفتت أنظار الجنادرية وضيوفها: الحدادة، والنجارة، وفتل الحبل، ومكنوز تمر الحلوة، والسمح، بالإضافة إلى الصابون الذي يصنع من جفت الزيتون، ومسابح نواة الزيتون، وخبز الجمري، والبكيلة". وفي دكان مرشد هاضل الشراري يشاهد الزائر كيف استطاع أبو هاضل أن ينقل مدى استفادة الجوفي من نبتة السمح عندما يُدخلها في عدة عمليات، قبل أن يعمل منها البكيلة أو الخبز أو العصيدة. وقبل ان نتحدث عن فتل الحبل، التقينا ببلال عطا السرحاني، وما يقدمه كل عام من مكنوز حلوة الجوف التي تشاهدها تلمع كالذهب، حيث قال: "تعلمنا هذه الحرفة من الآباء والأجداد الذين كانوا يعتمدون عليها اعتمادًا كليًّا في المعيشة في القرون الماضية". ومن أبناء الجوف الذي لهم باع طويل في حرفة فتل الحبل، وضرب اللبن، وبناء دور الطين، علي حمدان السليمان، الذي أوضح أن فتل الحبل "حرفة الآباء والأجداد. استطاع الأجداد ابتكارها لما لها من حاجة ملحة عند جداد النخيل، أي عندما يقوم الفلاح بإنزال "قنو" ثمار التمر من النخيل إلى الأسفل، وربط البضائع والأمتعة، وغير ذلك العديد من الحاجات الملحة له". ومن الحرف الذي يجيدها وسبق أن شارك بها حرفة ضرب اللبن، وبناء بيوت الطين. وعن هذا قال: "كنا في السابق نضع مع الطين التبن، ما يجعل الطين متماسكًا قويًّا، ونبدأ بالبناء وبحمد الله استطعنا في السابق بناء البيوت الذي تحمينا بعد الله من صقيع الشتاء وحرارة الصيف، ونحمد الله أنها ظلت شامخة عشرات السنين، مقاومةً للأمطار الغزيرة، وبعضها قائم حتى الآن". من جهته؛ أكد مياح الفهيقي، وحمدي فالح الشراري، مشرفا فرقة الجوف في لون الدحة في كثير من المشاركات السابقة، أن الدحة من رقصات الحرب التي تهدف إلى بث الرعب في قلوب الأعداء، أو للاحتفال بالنصر بعد المعركة. وهي عبارة عن أهازيج وأصوات تشبه إلى حدٍّ كبير زئير الأسود، أو هدير الجمال. وتنتشر لعبة الدحة في شمال السعودية، وما يميزها هو انفرادها بأكثر من فن، كالشعر، واللعب، ورقصات الحرب مجتمعة. وتعتبر الدَحة إحدى الفنون الشعبية لقبائل البادية في الشمال. كما ذكر رئيس وفد منطقة الجوف، حسين بن علي الخليفة، أن الاستعدادات تبدأ مبكرة في كل عام بدعم وتوجيه الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز، أمير منطقة الجوف، ورئيس اللجنة العلياء للمهرجان وكيل إمارة منطقة الجوف، أحمد بن عبد الله آل الشيخ، وأمين منطقة الجوف، ورؤساء البلديات بالمحافظات.