أتاح مهرجان " الجنادرية 29" لزوّاره الاطلاع على عدد من قطع المقذوفات البركانية التي نتجت عن براكين حدثت في شبة الجزيرة العربية قبل ملايين السنين، حيث حرصت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية على عرضها في جناحها، لتوضح للزوّار والمهتمين نشأة أشكال الصهارة البركانية التي تكوّن منها الدرع العربي الممتد من منطقة تبوك مرورًا بوسط المملكة العربية السعودية حتى جنوبها، إضافة إلى ما تتمتع به البلاد من تنوع جيولوجي بديع. وأوضح أحمد بن مجدي أبوعيش (أحد الجيولوجيين العاملين في هيئة المساحة الجيولوجية)، أن الدرع العربي يشكل الثلث الغربي من المملكة، وهو ضيق الاتساع في الشمال وفي الجنوب، ويتراوح عرضه في الشمال ما بين (50 - 100 كيلو متر)، بينما يصل في الجنوب إلى (200 كيلومتر) تقريباً، ويتسع في الوسط ليبلغ (700 كيلو متر) تقريباً. وأشار "أبو عيش" في حديثه لوكالة الأنباء السعودية إلى أن الدرع العربية كانت ملتصقة بالدرع النوبية في أفريقيا ككتلة واحدة كوّنت قلب قارة جوندوانا الكبيرة في نهاية عصر ما قبل الكمبري، وانفصلا عن بعض نتيجة تكون أخدود البحر الأحمر قبل ملايين السنين ولاتزالان مستمرتين في الانفصال حتى الآن بمعدل 2 سنتيمتر كل عام، مبينًا أنه نتج عن ذلك حدوث العديد من الثورات البركانية داخل الدرع العربية والبحر الأحمر في أزمنة بعيدة، تكوّن على أثرها أكثر من مئة جزيرة بركانية في البحر الأحمر. في السياق ذاته، لفت رئيس قسم الجيولوجيا والمشرف على مركز الدراسات الزلزالية بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالله بن محمد العمري، إلى أن النشاط البركاني في الجزيرة العربية انقسم لقسمين، الأول النشاط القديم: وحدث منذ ما قبل "الكمبري" واستمر عبر حقب الحياة القديمة (الباليوزويك) وبتقطع حتى ما قبل 30 مليون سنة مضت، وبقيت آثاره على هيئة صخور بركانية قديمة مثل: صخور البازلت، والريولايت، والانديزايت. وتابع، أن الدراسات البحثية التي تجريها هيئة المساحة الجيولوجية كشفت عن أن صخور الدرع العربية تتكون من مجموعة الصخور المتطبقة البركانية الرسوبية والصخور الجوفية المتداخلة، والقاطعة للصخور المتطبقة، وتحتوي الصخور المتطبقة على البركانيات والرسوبيات المشتقة من التتابعات البركانية أو من الصخور الجوفية المتداخلة فيها. ويهدف مهرجان "الجنادرية" الذي بدأت أولى دوراته عام 1405 ه، إلى إحياء التراث الشعبي للجزيرة العربية عامة، والمملكة بشكل خاص، من عادات وتقاليد وحرف يدوية وقيم أخلاقية وفنون وآداب، وربطه بإنجازاتها الحضارية الحديثة. ويشارك في المهرجان كبار رجال المملكة ورموزها من مختلف المجالات، والأدباء والفنانون والعلماء والمواطنون المهتمون بالتراث، إضافة إلى ضيوف تتم دعوتهم من الخارج. ومن أبرز الأنشطة التي يركز عليها المهرجان: الحرف اليدوية، ومعارض الأسر المنتجة، والأمسيات الشعرية، وحفلات الغناء، ومعارض للكتب والوثائق، والعروض الفنية كالرقصات الشعبية، وفنون الزخرفة والرسم والمسرح والفوتوغرافيا غيرها، وكلها تركز على إبراز الهوية الثقافية التراثية للسعودية، إضافة إلى البيئة الخليجية. وتشهد الدورة الحالية اهتماما خاصا بتشجيع النشاط النسائي، عبر إقامة معارض نسائية للأسر المنتجة والحرف اليدوية والفنية، وكذلك إبراز دور ذوي الاحتياجات الخاصة وأنشطتهم في مجال الحفاظ على التراث.