في جلسة مغلقة حضرها كل أفراد عائلته، فتح مجموعة من القضاة وصية الزعيم الإفريقي الراحل "نيلسون مانديلا"، الاثنين بجوهانسبرج . وتضمنت الوصية التي وزعت نسخ منها على الصحفيين الذين تم استدعاؤهم لحضور هذا الحدث المهم الرغبة الأخيرة للراحل الذي أوصى بثروته لعائلته والحزب الذي كان ينتمي إليه: "حزب المؤتمر الوطني الإفريقي" مشترطا تخصيصها لنشر التصالح بين سكان جنوب أفريقيا ، فضلا عن ست مؤسسات تعليمية كان يحبها. فخلال الشهرين اللذين مرا على وفاته عن عمر يناهز 95 سنة ، قام محامو مانديلا بإحصاء ثروته وتقديم جرد مؤقت يقدرها ب 46 مليون راند ( حوالي 4.1 مليون دولار بالقيمة الحالية للراند)حيث تراجعت قيمة العملة الجنوب افريقية منذ 2004 التاريخ الذي وثق فيه "مانديلا "وصيته الأخيرة وكان عمره حينها 86 سنة. ولم يتمكن الزعيم الراحل من جمع ثروة هائلة، خصوصا أنه قضى 27 سنة من عمره في سجون الأبرتايد، إلا أنه انتقل بعد الإفراج عنه إلى إقامة جميلة بجوهانسبرج في أرقي حي بالمدينة ، كما أنه حصل على جائزة نوبل للسلام ،وكان يتلقى عائدات نشر مؤلفاته ومجموعة من مشاريع الألبسة التي تستعمل اسمه ،وكذا برنامج لتلفزيون الحقيقة. الوصية المكونة من ثماني صفحات تضمنت رغبة صاحبها بترك الجزء الأكبر من ثروته للمؤسسة العائلية "نيلسون روهيلالا مانديلا فاميلي تروست" ، إلا أن عليها تخصيص 10 إلى 30 في المائة من العائدات لحزبه "المؤتمر الوطني الإفريقي"، الذي يوصيه مانديلا باستعمال هذا التبرع "خاصة في نشر التصالح بين سكان جنوب افريقيا ". و أوصى مانديلا للمدارس التي تعلم فيها خلال شبابه بنسبة من ثروته ليتمكن تلامذتها من الحصول على منح دراسية ،خاصة جامعة "فورتهار" و "ويتواتيرسراند" بجوهانسبورغ. كما ذكر في وصيته أبناء أرملته "غراسا ماشيل" التي تزوج بها وهو في الثمانين من العمر. وكذا تسعا من مساعديه السابقين اللذين أوصى لكل واحد منهم ب50 ألف راند (3300 يورو) ، ومن بينهم سكرتيرته الخاصة "زيلدا لاغرانج". وأضاف مانديلا سنتي 2005 و 2008 ملحقا إلى وصيته يتعلق بعائلة ابنه "ماكجاتو" الذي توفي سبب بمرض الإيدز، حتى تتمكن أسرته من السكن في إقامة جوهانسبرج خاصة حفيده. ويقول الراحل في هذا الصدد :"إن أمنيتي أن يكون مكانا لاجتماع العائلتين "مانديلا" و "ماشيل" للحفاظ على الروابط أطول فترة ممكنة بعد وفاتي." وكان بإمكان أرملته المطالبة بنصف الثروة ،لكنها اكتفت بما تملكه من مجوهرات وأثاث في إقامة جوهانسبورغ، إضافة إلى أربع منازل في "موزمبيق" وحساباتها البنكية الخاصة. وللراحل ما يزيد عن ثلاثين من الأبناء والأحفاد وأبناء الأحفاد من زيجتيه الأولى و الثانية، و كان سكان جنوب إفريقيا يتخوفون من استمرار الصراعات بين أفراد هذه الأسرة كما حدث في الشهور الأخيرة، إلا انه جاء في تصريح أحد القضاة الثلاثة المكلفين بتنفيذ الوصية للصحافة :"بالنسبة للعائلات ، قراءة الوصية هي دائما مناسبة مفعمة بالمشاعر لأنها تثير عدة أمور .لكن كل شيء تم على ما يرام". كما قال المحامي "جورج بيزوس " أحد المسؤولين عن تنفيذ الوصية، وهو الذي كان يتولى مهمة الدفاع عن "مانديلا" في القضية التي حكم فيها على الزعيم الإفريقي بالسجن المؤبد :" مانديلا كان يريد أن يعبر عن كل ما آمن به طيلة حياته ، ونقله للوطن بل وللعالم بأكمله ".