باع ساندويش انتهت صلاحيته منذ ثلاث أيام، وأكلت منه الفطريات حتى شبعت ! اشتكيت عليه وأنا أمام بقالته ، باتصال على بلدية جدة - الرقم 940- وأنا اتصل استغربت بأفواج من الساكنين أمام تلك البقالة ، أتى بهم طالباً النجدة ، لم أستغرب من شيء بقدر ما استغربت ، من قوته واستكباره عن خطئه -الذي من الممكن أن يودي بحياة طفلٍ بريء أو جائع لم ينتبه- قبل أن يأتي جيران بقالته ، وإذا بي أرى شخص آخر غير الذي كان ، يستضعف نفسه ، يبكي ، يترجى ! والأشد غرابة من ذلك ، هم جيران البقالة -الذين هم أول المتضررين- يتهجموا عليّ وكأني بائع ذلك الساندويش ! أحدهم قال: "ليش تشتكي على هذا الضعيّف" ، والثاني يرد عليه قائلاً: "شباب ما وراهم شيء غير المسخرة والمهزلة" ، والآخر أتى من بعيد منادي "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" ، ورابعُ -وهو عمدة الحي- يقول: "لا تتعب نفسك بالشكوى ، الرجال -البائع- اعتذر ، وقال آسف !!". أخذت الشكوى مجراها ، وجاء مراقب البلدية ليعبئ الورقة مخالفات ، فالبائعين لا يمتلكون اقامة فضلاً عن امتلاكهم بطاقة صحية ، وقوارير الماء بجوار الثلاجات والخ.. ، والطامة أن المحل مُشرع أبوابه أكثر من عشر سنوات -ولا يزال- "بدون تصريح اقامة محل تجاري !!" ، كل هذا والبائع يقف بكل ثقة -فاهم الموضوع- ، بعد أن هرب زميله خوفاً. هنا انتهت قصة الساندويش ، لأُيقن بعدها إحدى أسباب تأخرنا ! فيوماً بعد يوم يكبر حجم الاستفهام حول ثقافة الشكوى ضد المُخطئ؟! فقد وصلنا اليوم إلى زمن المحاسبة ، كل قطاع كل محل كل شخص كل جزء في هذا الوطن هو تحت مراقبة المواطن، بداية من البقالة وحتى الوزارة. استغرب كثيراً حينما نرى الأخطاء تحدث ثم تكبُر أمامنا ، ونحن ساكتين بحجة أنه لن يسمعنا أحد ، وربما معارضين على المثشتكي حُزناً على المُخطئ ! نعم نحن بشر نخطئ ونصيب ، لكن الأخطاء القاتلة كيف تُعوض ؟ ربما اليوم لن يلقوا بالاً لشكواك ، لكن صدقني غداً سيستمعوا لك حتى لو رغماً عنهم . عند رؤيتك لخطأ ، فقط ارفع هاتفك وانقل ما رأيت للجهة المسؤولة. فأنا وأنت نبني مستقبل بلدنا ، فلا تجعلوا سبيلاً لمن يستغل عاطفتكم فالخطأ خطأ . وتستمر الحياة. عبدالله ياسر العلاوي