بداية أحب أن أبين أن ما يحدث في البحرين لا يدخل ضمن التغيير الذي تمر به المنطقة، ولن تجد له أي تعريف في قاموس الثورات العالمية ؛ لكنك ستجد له الكثير من التعريفات والكثير من المدد والتأييد، عندما تبحث في قواميس طهران ، وعمائم قم السوداء المظلمة كظلمة قلوب أهلها. فهو تمرد وفتنة ودسيسة صفوية ،ضحاياها هم هؤلاء البسطاء(الشيعة) المغرر بهم من قبل عملاء (قم ) ،ولذلك على حكومة البحرين أن لا تظلمهم ولا تؤذيهم ؛فقط تتعامل معهم كما تتعامل إيران مع العرب السنة في الأحواز!! أو كما تتعامل إيران والأسد مع الشعب السوري الأعزل الذي يجزر ويقتل أمام مراقبي عنان!! ولذلك ينبغي علينا جميعا كل الدول الخليجية حكومة وشعبا ؛أن لا نمرر هذا العبث ،وهذه المهزلة الخطيرة في البحرين التي تُسوق على أنها مظاهرة أو ثورة سلمية ، وهي في الحقيقة بداية احتلال إيراني . فالأمر جد خطير، وعلينا أن لا نتساهل وأن نتعاون جميعا مسؤولون وعلماء ،ومثقفون للوقوف ضد هذا المدد الصفوي النتن . أما بالنسبة لما حدث ويحدث في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا فهو تغيير وثورة حقيقية لأنها نتيجة ظلم وقهر وفقر وفساد واستبداد ، نتيجة تراكمات من السلبية وسنوات مريرة من تجارب الخطأ والاحباط والفشل . وهي كذلك طموح شعوب وفرصة كبيرة لهم ؛ كي يساهموا في بناء دولتهم ومؤسساتهم ، ويطوروا أوطانهم وينهضوا بأمتهم من الحضيض والركام إلى دولة رائدة لها قيمتها ومكانتها يحسب حسابها في مصاف الدول المتقدمة الكبرى ، وهذه أمنية والثورة فرصة للنهوض ؛ لكن هل هذه الثوراة ستؤتي أكلها وتقطف ثمارها ناضجة ؟ الإجابة طبعا نتركها في ساحة الشعوب فإن هي وعت وأدركت أن مرحلة النهوض بعد السقوط مخاض صعب ويحتاج إلى المزيد من التروي والانتباه والحكمة ووفقت بقيادات عندها استشراف وبعد نظر ورؤية عميقة ؛ فإنها ستحصد الثمار وستوفق للنجاح لأن الثورة قوة وتكمن قوتها بتوحد عناصرها وتلاحم أفرادها وأعداء الثورة يدركون ذلك ، ولذلك لا يواجهونها لكنهم يعملون على إفشالها وإخماد جذوتها وتشتيت كلمتها وشق صفها والمحاولة المستميتة لحرفها عن مسارها وإخراجها من سلميتها وطهرها إلى الحرب والقبلية والطائفية والقتل وسفك الدماء. وبما أن مصر قلب العروبة ومصدر ثقلها وقوتها فلعلنا نكتفي بها كنموذج لما نقول: فنهوضها ونجاح الثورة فيها ليس بالسهولة التي تتصورها قيادة الأحزاب المتنافسة في سباق الرئاسة. فما نشاهده في ميدان التنافس مغرق في التفاؤل وفيه براءة عجيبة ، وكأن النظام سقط وتنحى وانسحب راضيًا ومبسوطًا!! وإسرائيل وأمريكا سعداء بما يحصل ويريدون لمصر كل خير!! لا.. الأمور ليست كذلك ، والواقع متأزم وأنا هنا لا أساهم في توسيع دائرة التشاؤم ، وإنما أريد أن نتواضع في توسعة دائرة التفاؤل المفرطة التي رسمناها بعد سقوط نظام حسني. هناك معوقات كثيرة وأوراق كثيرة ستحرك وامتحانات عسيرة ستواجه الحكومة القادمة ومصر اليوم تمر بمنعطف خطير ومأزق كبير ونلاحظ أن جل الشعب المصري متفائل وحريص على نجاح ثورته ولن تسرق منه ثورته لو على جثته -كما يقولون- لكن هناك أخطاء ترتكب من الأحزاب والمرشحين للقيادة قد تؤثر على نجاح الثورة مثل إثارة القضايا الخارجية والتدخل في سياسات والتزامات سابقة المساس بها قد يحرك الخارج بقوة عليك، وتدخل في دوامة لا تنتهي من الأزمات من الداخل والخارج وهذا يبدد جهودك ويضيع وقتك ويعطي فرصة لأعدائك ؛كي يجهضوا على ثورتك . الأمر الآخر أن هناك توجس وتخويف كبير من الإسلاميين عمل عليه النظام السابق سنوات طويلة سخر كل الوسائل الإعلامية لتشويه صورة الإسلاميين في الداخل والخارج، وأمريكا عموما لا تريد حكومة إسلامية حقيقية تقود أكبر دولة عربية وعلى مسافة قريبة من إسرائيل . ولذلك عندما كسب الإسلاميين في انتخابات الحكومة ومجالس البرلمان كان عليهم أن يكتفوا بذلك وأن يدعموا مرشحا مدنيا نزيها له قبول داخلي وخارجي ولايحسب على الاسلاميين ؛ يكون هو رئيس الحكومة -كما حصل في تونس - حتى يكون هناك شيء من التوازن ، ولا يلهب صدور حسادك السابقين من الأحزاب الأخرى، وكذلك يطمئن الخارج (إسرائيل وأمريكا والغرب ) . أما بالنسبة للإسلام فالشعب المصري شعب مسلم يحب دينه ويتمنى حكومة تطبق شرع الله، لكن أنت أمام جيش عسكري ممسك بالسلطة تابع للنظام السابق ويبحث عن ثغراتك؛ كي يفشلك ،وأمام لاعب رئيسي ومؤثر على الساحة متخوف من أن يكون البديل حكومة إسلامية صادقة ؛ من الحكمة أن تتقدم للترشح وقيادة الحكومة ببرنامج ديمقراطي عادل تنموي مدني ، هذا هو المخرج الذي نجح فيه حزب العدالة في تركيا، وسار على نهجه التونسيين. وأخيرا فمصر ثقل العرب ومصدر هدوءها واستقرارها وحزب الأخوان –بقدرة الله- بيده نسبه كبيرة من هدوئها وقادر على إخراجها من أزمتها وذلك بأن يحرص على التحام الصف، وجمع الكلمة وأن لايسمح للعسكري وبقايا النظام السابق بأن يشقوا صفهم ،أو أن يبددوا جهودهم ويضعفوا تكتلهم بإعادتهم إلى مشاكل ما قبل الثورة، وأن يقدموا نجاح الثورة وخروج مصر من الأزمة على نجاح وفوز وقيادة الحزب. وكذلك أن يدركوا بعد ترشحهم لقيادة مصر ؛أن معركتهم مع المجلس العسكري في بدايتها وهناك أوراق كثيرة ومؤلمة سيحركها بين الفينة والأخرى ضدهم ؛ كي يفشلهم حتى يبرهن للناس بأن الإسلاميين يحسنون الخطابة لكنهم فشلوا في السياسة . خالد عبد العزيز الحمادا