جلست افكر ملياً بعد خطاب للزعيم الشيعي نصر الله يهاجم فيه المملكة وسماحة المفتي .. وهذا امر غير مستغرب على هذا الغر العميل الذي يتلقى الأوامر من (الحوزة العلمية) وهذا امر لا ينكر كما تعلمون أيها السادة . لكن دعونا نخرج من الدائرة الضيقه وننظر للصوره الكبرى في العالم الإسلامي ، وونظر من نافذه علويه لوضعنا الحالي .. لا أحد ينكر الجهد العظيم الذي قام به الملك فيصل رحمه الله في التضامن الإسلامي والوحدة الإسلاميه وإنشاء ( الجامعة الإسلاميه ) ، كذلك جهد الملك فهد رحمه الله في إنشاء ( مجمع طباعة المصحف الشريف ) وإختياره الحكيم للمدينة المنورة لتكون مقراً له . جهود الملك عبدالله (أطال الله في عمره على الطاعه) في إعادة تشكيل هيئة كبار العلماء لتشمل كفاءات علمية مشهود لها على مستوى العالم الإسلامي عزز من مكانة المرجعية الشرعية السعودية . يتحسر المرء عندما يرى الإمكانيات الموجودة لدينا .. لدينا الحرمين الشريفين ، المشاعر المقدسة ، نحن أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم . لكن للإسف أن بعض الشرعيين المتصدرين أساء لمكانة المرجعيه السنية السعودية سواء علم ام لم يعلم .. أساء لها في نظري اسائه بالغه ستبقى أثارها لسنين ونسفت ما بناه الحكماء خلال العقود السابقة . ماذا يعني أن يتم المساومه على فروع مثل ( دمج إدارات تعليم البنات ) أو ( تهييج العامة في مسألة توسعة المسعى ) أو ( قيادة المرأة للسيارة )أو ( جامعة العلوم والتكنولوجيا بثول ) أو مؤخراً ( حضور المرأة في الجنادرية ) إلى آخره .. مما اصبح لا يخفى علي احد سواء داخل المملكة او خارجها ، وان حاولنا اخفائها او ترقيع ما يمكن ترقيعه فإن الاغرار في الاعلام الجديد يجدون في مثل هذه الفتاواى الكيدية السياسية مجالاً لاشباغ رغبات الشباب المندفع . دعودنا نخرج من الدائرة الضيقه كما وعدتكم في بداية المقاله لنأخذ نظره تاريخيه بسيطه للمرجعيه الشيعيه : كان في الأربعينيات من القرن المنصرم على رأس المرجعية الشيعية رجل زاهد ، عازف عن المشاركة في الحياة السياسية ، هو آية الله حسين البروجردي ( وبعد وفاته عام 1961 لم ينصب مرجعاً أعلى في مكانه ، منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا ) ... والسبب أنه في الأعوام العشرين التي قضاها آية الله البروجردي في صدارة المرجعية ، كان قد برز عديد من الفقهاء الذين تتقارب أعمارهم من مواليد القرن الماضي وبدايات القرن الحالي . في النجف كان هناك السادة : محسن الحكيم ، وأبو القاسم الخوئي ، والشيرازي ، ثم الشهروردى . وفي قم : كان آية الله السيد كاظم شريعتمدارى ، والسيد محمد رضا كلبايكاني ، والسيد روح الله الخميني ، والسيد مرعشى نجفي . وفي مشهد : كان آية الله محمد هادي ميلانى . وفي طهران : كان آية الله الخونسارى . تصور الشاه ان فرصته لاحت بعد وفاة آية الله البروجردي فقام بإرسالة برقية عزاء في وفاة البروجردي إلى محسن الحكيم ! وكانت اختياره لفقيه عربي من النجف ادى لزيادة الخلاف بين المراجع في المدن المذكوره وادى الى عدم اختيار مرجع اعلي إلى يومنا هذا ! . نعود إلى مرجعيتنا الشرعية المحلية ، في عام 1994 توفي ( نائب المفتي العام ) الشيخ عبدالرزاق بن عفيفي عطيه .. وكان عالماً أزهرياً سلفياً ، تولى رئاسة جمعيه انصار السنه بمصر ( نواة السلفيه في مصر ) ثم قدم للملكة لممشاركه في التدريس في المعهد العالي للقضاء فكان احد مؤسسية الذين شاركوا بفعالية وتخرج على يديه جُل القضاه والعلماء المُبرزين . كان رجلاً يتميز بالحكمة والهدوء الشديد ، يصفه من درس على يديه بأن اكثر ما كان يميزه هو هدوءه و ثقته العاليه مع ما وفقه الله في الفصاحة ، فكان كما يوصف لا ينازع في ثلاث : الفصاحه والعلم والعبادة . تركت وفاة الشيخ عبدالرزاق عام 1994 فراغاً كبيرا ، فقد كان بمثابة ميزان قوة فقد جمع بين المرجعة الأزهرية الأصيلة مع النزوع للسلفيه اعقاداً باعتدال ووسطيه مشهودة لا يختلف فيها من عرفه ، فقد عرف عنه سماحته ونزوعه للتيسير في الأحكام الفقيه الفرعية . أيها الأخوة ، لا أخفيكم سراً انني تفائلت كثيرا بشئ واحد في تشكيلة هيئة كبار العلماء التي أعلن عنها في عام 2009 ، وهي بدخول عالم كبير وهو سماحة الشيخ د. يعقوب بن عبدالوهاب الباحسين ، وهو لمن لا يعرفه أكاديمي درس في الأزهر قبل نصف قرن ثم انتقل للتدريس في البصرة ثم انتقل وشارك في تأسيس كلية الشريعة و المعهد العالي للقضاء مع الشيخ عفيفي ، فكان من تلاميذه : المفتي الحالي واغلب اعضاء هيئة كبار العلماء . حصل في عام 2005 على جائزه الملك فيصل العالميه لجهودة في احياء علم أصول الفقه وقواعده . وهذه الشخصيه الفذه ، للأسف انها لم تشارك في الهيئة الا مؤخراً ، وهو من الكنوز والأشخاص الذين يجب على الهيئة ان تفخر بوجود امثاله فيها . أعود للسؤال الذي عنونت له .. هل يمكن أن يكون هناك مرجعية دينية سعودية عالمية ؟ هل اكون حالماً اذا تمنيت ان يتم انشاء ( مجمع السنة النبوية للبحوث والفتوى ) في المدينةالمنورة وضم ( الجامعة الإسلامية في المدينة ) لهذا المجمع ، ليرأسه قامه علمية مثل سماحة الشيخ يعقوب الباحسين ( وليكون نائباً للمفتي وواجه لنا في العالم الإسلامي ) ويكون نواب له في المجمع شخصيات اسلاميه عالميه مثل معالي الدكتور عبدالله بن المحفوظ بن بيه والشيخ سلمان العودة ، ليضم أيضاً علماء من العالم الإسلامي .. ومن أعضاء هيئة كبار العلماء ليكونو واجهة لنا في العالم الإسلامي من أمثال الدكتور عبدالوهاب أبوسليمان والشيخ عبدالكريم الخضير والشيخ قيس المبارك ... كذلك ليضم المبرزين من العلماء غير السعوديين : كالشيخ احمد الطيب شيخ الازهر الشريف والشيخ محمد الددو والشيخ عبدالله الجديع وغيرهم .. والشيخ محمد المختار الشنقيطي ليكون أميناً لهذا المجمع . وليكن هناك اداري تنفيذي عملي لتنفيذ موقع بلغات وانشاء قناة والتنسيق لأعضائها في ايصال علمهم والتواصل مع العالم بفعاليه . والله أسأل ان يرزقني بحسن نيتي ، وان يأجرني على ما اقترحت .. وأسأل الله ان يعلي من شأن هذه الأمه وهذه البلدة الطاهرة . وكتب عطارد التميمي - الرياض