في ليلة من الليالي وأنا أسند رأسي على الوسادة تتقد مواطنتي لتلقيني في بحر من الخيال عجز الخيال عن وصفه حيث نقلني من خلال تفكير عميق إلى مقبرة الموطأ في مدينة بريدة وتجولت فيها حتى خيل لي أني نصبت هناك منبراً لأستمع إلى حقائق أذهلتني كثيراً ، ذكرتني بقوله تعالى ( وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت ) كنا قد درسنا تفسيرها بأنها نزلت في قوم من الجاهلية الأولى يدفنون البنت حية أما في موضعي هذا فقد زاد محتواها عندي لتشمل شخصيات كبيرة من عصور سابقة ومعاصرة وقادمة تخيلت الكثير من أصحاب القبور وهم ينتظرون المحشر ليكونوا ضمن مجموعة الآية السابقة ويقتصون ممن قتلهم... قاتلهم لم يقف في يوم من الأيام أمام محكمة ليبرئ نفسه فهو شخصية يقتل بالماء البارد وقد يكون ذو شخصية مرموقة يلوح بالمواطنة والنزاهة ويكتفي بتقارير جميلة أمام من يرأسه ... وكلما فتحت ملف القضية لأقف عند الشخصية الأخيرة في القضية وجدت التالي فالتالي وكلما فتحت التالي صعدت حتى رأيت أن أتوقف ذلك أن كل مسؤول يكتفي بتقرير جميل . رجال ونساء وأطفال قتلوا بسبب أخطاء طبية شارك في القتل طبيب ومن اختار الطبيب ومن تساهل في المراقبة ومن رأى أن استمراره في منصبه يتأتى بترشيد الاستهلاك على حساب ترشيد الأنفس آخرون قتلوا في حوادث الطرق شارك في القتل سائق متهور ومسؤول خائن ومستورد لقطع تجارية تعطلت فقتلت ومستجلب لعمالة صيانة تتعلم على حساب أرواحنا دون رقابة أو محاسبة ومتسترون على عمالة يربحون بالغش والتدليس على حساب الدماء والأرواح وسوء تنفيذ في الطرق . ومجموعة قتلوا في حريق أو هدم أو غرق ولهم أعلام مرفوعة ضد تجار أجهزة رديئة وكهربائيين وكفلائهم ومقاولين ومتعهدين وجهات مراقبة والغريب أن أحدهم قتله والد استهواه الرخيص الخطر من ( أفياش ) ووصلات وأجهزة كهربائية . ومجموعة قتلوا عمداً أو خطأً شارك في قتلهم متستر على قاتلهم ذي السوابق ومتساهل في إيقاف زحفهم من خلال أحكام ميسرة ومقرئهم الحجج أثناء التحقيق ورأيت من بينهم أطفال خدج سقطوا من أرحام أمهاتهم بسبب حفريات طريق أو مطبات صناعية غير موضحة بلون فسفوري ولوحة تسبقها وهي كثيرة أو سوء تنفيذ للطريق أو أثناء الحمل والولادة بسبب إهمال والد أو والدة أو طبيب أو ممرض أو مستشفى خاص غير مؤهل منح ترخيص للولادة دون تأكد من جاهزيته . وآخرون لا نعلمهم لكن الله يعلمهم سيفاجؤون بقضايا تجاهلوها اليوم يوم أن يقفوا أمام حكم عدل لا يخفى عليه خافية.. فلا تعدو تلك القضايا التي ذكرت إلا الواضحة والكثيرة . ومضة ... قال الفاروق رضي الله عنه ( لو سقطت دابة في العراق لعلمت أن الله سائلني عنها لم لم أصلح لها الطريق ) هذه لعمر ولمن ولاه عمر إبراهيم بن محمد البرادي [email protected]