القذافي منهزم منذ سقوط زين (الهاربين) من أول تعليق له على ثورة تونس، تقرأ في وجهه وفي كلامه الذعر والمفاجئة والهزيمة . أما بقية خطاباته وأشرطته المسجلة فهي هزيمة ساحقة وانتصار كبير للثوار رغم بساطتهم وقلة عتادهم ، فتسجيلاته المتواصلة والمتسارعة هي صوت خوار وضعف وهزيمة ؛ فهو يفضح نفسه ويصوت للعالم بأن ( قائد الثورة ومنا ظل الصحراء ) كما يطلق على نفسه من دعايات وبالونات وخرافات؛ بأنه مهزوم وبحاجة ماسة إلى مبادرة تنقذه -وفيما يبدولي- أنه سيجد حزمة مبادرات مستعدة لإنقاذه وإخراجه ، بعد كل جرائمه واستخفافه بأرواح الأبرياء!! حقيقة أمر يدعو للعجب ، لم تبدأ المعركة بعد والمبادرات تنهال على المجلس الانتقالي. كنا في البداية نسخر منها لأنها تأتي بإيحاء من القذافي لهذه الدول الداعمة والمسانده له في قمعه وحربه ؛ لكنها تحولت إلى مشروع إنقاذ لليبيا ، وكأن القذافي منتصر ومسيطر ، وكل يوم يتجرع هزيمة ويفقد شرعيته وقانونيته على المستوى السياسي . طبعا هناك مبادرات منصفة تأتي من حسن نية ؛ لكن العجيب كيف يغيب عنها شخصية القذافي وعنجهيته وبقاؤه ولو في أقصى الأرض خطر على الشعب الليبي القذافي طوال سنينه الأربعين وهو يمول كل سبل الشر من أجل بقائه ومن أجل تصفية معارضيه ويمد بالمال والسلاح كل من يخدم مصالحه ، وعلى استعداد ؛ بأن يتعاون مع الشيطان في سبيل تحقيق ولو جزء طفيف من مآربه. القذافي يجب أن يموت حتى لو أزهقت أرواح بريئة ،فقتلانا في الجنه وقتلاه في النار. القذافي لابد أن يمسك به الثوار ، وأن يسحب من جحره كالجرذ ، لا يستحق بعد كل هذا الاستخفاف والاستهتار بالعقائد والرسل وبالبشر، لايعترف بأحد ولاتحده حدود ، ولاتثنيه عن غيه وسفاهته شريعة أو دين. رجل حقيقة لا يستحق الحياة. دعوه لهؤلاء الشباب الذين يطاردونه في الصحراء وهو يهرب من جحر ليختبيء في جحر آخر ، يهدد ويتوعد ، أبعد تهديده الأخير الخطير يستحق أن نمد له يد مبادرة؛ لتخرجه عزيزا بعد أن أذله الله وأخزاه في الدنيا قبل ما ينتظره في الآخرة من وعيد وعذاب شديد ؟. روسيا المصطفة في صفه تخبرنا بأنه سيفجر طرابلس بالصواريخ إذا استولى عليها الثوار. طبعا لو استطاع لفعل ذلك؛ لكنه لن يستطيع وإنما يريد أن يحرك مبادرة جديدة لعلها تنقذه من الورطة ومرارة الهزيمة التي تقتله يوميا. وهو كذلك من خلال هذا التهديد يخبرنا يقينا؛ بأنه فعلا انهزم ، ويصوت بهزيمته، وأنه لم يعد يملك سوى هذا الصوت الذي يتسرب إلينا من جحره تحت الأرض. طبعا المبادرة مشروع خير يحقن الدم الليبي لكنك أمام شخص طاغية مستبد منهزم ذليل يستنجد بمبادرة لعلها تنقذه وتكسبه بعض الحقوق . أما م شخص نشأ وتربى على الشر وإحداث القلاقل ، والفتن يدعم ويمول كل منظمات القتل وعصابات الغدر ولوبيات الخفاء . أمام شخص غير سوي ، متغطرس متجبر لن يقبل الهزيمة ، وسيكون له ارتدادات ومحاولات انتقام وزعزعة استقرار ، وهو معروف بممارساته البذيئة وتعاونه مع منظمات القتل والاغتيالات ، فهو سيسخر كل ما بقي له لمحاولة الانتقام ، ولذلك دعوا الثوار يحسمون الموقف ، والكفة تميل بشكل كبير لصالحهم ، والخناق بدأ الآن يشتد على القذافي، وأتمنى من المجلس أن يغلقوا باب التفاوض مع القذافي وأن يرفضوا أي مبادرة وأن يكون شعارهم ليس تنحيه وإنما أسره ومحاكمته ، وكذلك الناتو يصعد خطاباته وتصريحاته ضد القذافي. هنا لن تجد القذافي ، ولن يزعجك بأشرطته، وإنما سيهرب إما إلى شافيز أو إلى أي جهة تحميه وتخبيه ؛ لأنه على الأرض منهزم ، وكل ما يحدثه من قتل بالثوار هي خيانة وغدر وردة فعل، وحرب عصابات فقد شلت أركانه وأغلقت كل منافذ إمداده ، وهو يدرك هزيمته ويدرك اقتراب الثوار من طرابلس وعندما تسكت هذه المبادرات المنقذه له لن يجد إلا تقديم التنازلات ، ومن ثم الاستسلام أو الهروب وهو الأقرب . أما الانتحار فهو جبان و((...أحرص الناس على حياة ...)) ومتشبث بها ومستحيل أن يتجرأ على قتل نفسه سطور أخيرة: المجلس الانتقالي والشعب الليبي ، والثوار الذين في لهيب المعركة هم الذين يحددون النهاية ،ويقيسون المعركة ، ويقيمون النتيجة ، وعندهم القدرة على الحسم متى شاؤوا، ولذلك علينا أن نتركهم وشأنهم إلا عندما يطالبونا بذلك وأجزم أنهم لن يفعلوا . خالد عبد العزيز الحمادا