!!!! بعد دعوة الناس إلى الاستسقاء وحثهم على حضور صلاتها ، وإحياء هذه الشعيرة ، أحببت أن أنبّه على أمور : 1 ينبغي أن نعلم أننا نؤدي هذه الشعيرة امتثالاً لأمر الله وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يؤديها المسلم استجابةً لأمرٍ بشري ، ففي صلاة الاستسقاء إحياء للشعيرة النبوية . 2 بأي شعور نخرج إلى الصلاة ، هل بشعور المستغني عن الأمطار والذي يرى المياه تتدفق في بيته كل يوم وتأتيه من الأنهار والبحار عذبة بلا عناء ، أم هو شعور العبد الذليل المستكين لله رب العالمين ، الذي يعلم أن الماء نعمة من الله لا تقوم الحياة إلا بها ، وأن الله قادرٌ على سلبها ، قال تعالى (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ)) (الملك : 30). فلابدّ عند الخروج لهذه الشعيرة من استشعار الحاجة لعطاء الله وأننا فقراءُ إلى الله ولا غنى لنا عن فضله وكرمه، ولابد من الشعور بالذل والافتقار والخضوع لرب العالمين . 3 عند الخروج إلى المصلّى لابد من التوبة الصادقة والإنابة إلى الله وأن نعترف بتقصيرنا في حقّ الله تعالى ، وأن ندرك أن ما أصابنا هو بسبب ذنوبنا ، قال تعالى (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ)) (الشورى : 30). إن من الخطأ تحميل المسئولية على الآخرين واتهام الغير لأنه سبب نقص البركات ونزعها ، نعم إن وسائل الإعلام بشتى أنواعها تتحمّل كفلاً من الذنوب ، ولكن لماذا لا نتّهم أنفسنا ونشتغل بإصلاح عيوبنا وأخطائنا . من هم الذين يتعاملون بالربا ، ويغشون في البيع ، من هم الذين منعوا زكاة أموالهم ، من هم الذين هجروا المساجد وفرّطوا في صلاة الفجر ؟ من هم الذين يأكلون أموال الناس بالباطل على شاشات الأسهم وغيرها ؟ من هم الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ؟ من هم الذين إذا نزلت الأمطار كفروا بنعمة الله فأمضوا أوقاتهم على كثبان الرمال في حركات سخيفة ؟ من هم الذين إذا نزلت الأمطار كفروا بنعمة الله فخرجوا إلى البراري تاركين نساءهم يختلطن بالشباب ويقدن الدراجات في مشاهد وصور دامية تُنبئ عن نزع الغيرة ؟ ومن هم الذين يستحلبون جوالات بعضهم من بعض ليتبادلوا المقاطع والصور المحرمة، من هم؟ ومن هم ؟؟ إذاً نحن نتقن فنّ التهرب من المسئولية ونلقي بالتبعة على الآخرين وهذا مكمن الخلل ، فلنعد إلى الله ونتب إليه وليبكِ كلّ منا على خطيئته ويعترف بذنبه ، والله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات . ولقد كان آباؤنا وأجدادنا يخرجون للاستسقاء تائبين منيبين راجين ، فكان لا يخلفهم المطر غالباً ولربما نزل عليهم وهم في مصلاهم ، ولقد كانوا مع فقرهم وقلة ذات اليد عندهم أكثر درجة منا وأوسع عافية ، وذلك بسبب قربهم من الله وقلة معاصيهم وشيوع العدل بينهم . فانظر إلى بركة أرض ذاك الزمن. ولقد قال أبو داود صاحب السنن في سننه عن نفسه :\" شبرت قثاءة بمصر ثلاثة عشر شبراً ورأيت أترجة على بعير بقطعتين قُطعت وصُيرت على مثل عدلين \". وذكر المحدث معمّر بن راشد أنه رأى باليمن عنقود عنب تام ملء بغل تام . وقد جاء في مسند أحمد أنه وجد في خزائن بني أمية حنطة الحبة بقدر نواة التمر وهي في صرّة مكتوب عليها \" هذا كان ينبت في زمن العدل \". نعم إنه الخير والبركة أمور مرهونة بالعدل والحكم بشريعة الله ورفع المظالم عن الناس وذهاب الغلّ والأحقاد فيما بينهم حميد بن محمد الحميد