سيدي سمو أمير منطقة القصيم حفظه الله ورعاه الأخ العزيز أحمد الصالح السلطان أمين منطقة القصيم المحترم سبق وأن كتبت مقالاً عن كيف نحمي مدينتنا وأنفسنا من كوارث الطبيعة التي بدأت تزداد وتتكاثر في هذه الأزمان وخاصةً بعد كوارث جدة الأليمة بعنوان \"ما قبل الكارثة\"، شرحت فيه مكامن الخطر التي تهدد مدينتنا الجميلة في حالة تزايد الأمطار وذكرت فيه الأودية ومجاريها، وكيف أن أيادي العبث لعبت فيها وجعلتها وحشاً يهددنا في أية لحظة نتيجة التخطيط الهمجي للأحياء، وكيف أن الأحياء التي أقيمت اعترضت المجاري الطبيعية للأودية وحولتها إلى كارثة منتظرة. شرحت في مقالي السابق تلك الأودية وتتبعت جريانها، حتى أصبح المقال وكأنه خارطة تفصيلية تنظر إليها وكأنك تسير معها، كيف لا وأنا شاهد عيان عاصرت أحداثاً كثيرة ولم أكتف بذلك، بل طرحت حلولاً سهلة يمكن تنفيذها بلا صعوبات تذكر، وبإمكانكم الرجوع للمقال والإطلاع عليه وأرجو من جريدتنا الموقرة أن تضع رابطاً يطلع عليه من رغب في ذلك. وقد حذرت في حينه، ولكن هذا التحذير راح في غياهب النسيان ولم يلتفت إليه أحد، والآن وقد طرق الخطر أبوابنا ووصل إلى الرياض وأصبحنا على باب الانتظار ووقف الدور علينا وعشنا أحداث الرياض الأليمة، وذقنا مرارة التخطيط العشوائي وما فعلته بنا أيدي الأغبياء، وأكلنا جريمة خفافيش الفساد. وما دفعني لكتابة المقال في حينه إلا شعوري بأني مواطن صالح ومن حقي أن أحمي نفسي وأهلي وأبناء بلدي من خطرٍ يواجهنا، والسبب الثاني الذي دفعني لتذكيركم به الآن الأخبار التي سمعناها، وأرجو أن لا تكون صحيحة،وإن كانت صحيحة فإنها سوف تضاعف المأساة وأنا متأكد من ذلك. سمعنا أنه سوف تقام أنفاق في تقاطعات الشوارع الرئيسية لمدينتنا الجميلة. أرجوكم أن لا توافقوا على إقامتها، لأننا في الحقيقة لا نثق بتلك المشاريع وخاصةً إذا كانت مشاريع إستراتيجية كهذا. يكفينا ما حصل من كوارث، ويكفينا قتلاً. لقد شبعنا موتاً وتدميراً لإمكانياتنا ومقدراتنا. لا نريد لهذه المشاريع أن تقع في أيدي اللصوص وخفافيش الفساد يعبثون بها والنتيجة معروفة. لا نريد أن نشاهد أمامنا -ونحن نسير بالطرقات- وحشاً لا ندري متى ينقض علينا. مثل هذه المشاريع الإستراتيجية الكبرى لا تترك بيد الأغبياء يرسمون ويخططون وينفذون ونحن ننتظر الموت. مثل هذه المشاريع تحتاج إلى مراقبة ومراجعة دقيقة وعلى مستوى عالٍ منكم. ويكلف بها مهندسون تثقون بهم وتعرفون جيداً أنهم أهل لهذه المسئولية. الأنفاق يا سمو الأمير تحتاج إلى شق قنوات ضخمة تبتلع المياه مهما كانت كميتها، وليست ماسورةِ صغيرة لا تستطيع أن تصرف مجرى بيت صغير وأنتم تعرفون هذا جيداً. لا نريد مشاريع ترسم على الخارطة وكأنها من أكبر مشاريع العالم، ويرصد لها المليارات الهائلة، وعندما يتم تنفيذها على أرض الواقع تبدو وكأنها ألعاب أطفال. ماذا لو جرى أحد الأودية التي ذكرتها في مقالي السابق، ومشاريع الأنفاق قد اكتملت وأصبحت مثل مثيلاتها في جدةوالرياض؟ كيف لك أن تتصور مدى الكارثة التي سوف تحصل لو نفذت هذه المشاريع بطريقة غبية وتسللت إليها يد الفساد وخفافيشها! نحن وأنتم من سوف تتفجر قلوبهم من الأسى والحزن، وما تجدون سوى عيونكم تذرفون منها الدمع والدم، وتضربون بيدِ على يد ولا تجدون من يعيد إليكم قلوبكم \"الكافخة\". نحن نعرف جيداً أن هناك بؤرة من خفافيش الفساد تلعق شفتيها استعداداً للانقضاض على تلك المشاريع، ونعرف جيداً أنها مشغولةٌ الآن في إفراغ جيوبها وخزائنها استعداداً لاستقبال المليارات الجديدة التي سوف تنثر لهذه المشاريع. حولوها سمو الأمير إلى جسور أفضل من مغامرات الأنفاق، ولو أن الجسور تخفي بعض معالم المدينة والأنفاق أفضل بكثير ولكن ماذا نعمل ونحن نشاهد الكوارث. نهيب بكم سمو الأمير، وأنت الرجل الذي عرفناه جيداً من خلال وجودكم بيننا ونعرف مدى سعة اطلاعكم وثقافتكم ووعيكم؛ أن تقف وقفةً صارمة، ووقفة رجل يقدِّر المسئولية ويشعر بوطنيته أمام تلك المشاريع ويتحرى عنها ويراقبها جيداً، ويستشير أهل البلد الوطنين الذين يعرفون جيداً قطرة الماء أين تتجه وأي طريق تسير عليه، ويشدد مراقبته على خفافيش الفساد الذين ابتلانا الله بهم , نكُن لك شاكرين ومقدرين. موسى النقيدان