رائع جداً أن تتساءل جامعة القصيم عن أسباب غيابها عن التصنيف العالمي بين الجامعات المحلية والدولية والجميل أن هذا السؤال الذهبي جاء متزامناً مع معرض التعليم العالي الدولي والذي يعرض خبرات وتجارب جامعات كبرى حول العالم ويقدمها للمهتمين نحو عولمة معرفية في هذا الشأن ! حينما تجولت في المعرض الدولي للتعليم العالي كُنت أُبطن سؤالاً هاما ، ما هي الثروة الحقيقية التي تملكها جامعةً ما لرفع اسمها عالياً ؟! وما هو المقياس الحقيقي الذي يجب أن تنطلق منه الجامعة نحو النجاح ؟ أؤمن شخصياً بأن نجاح أي جامعة حول العالم يبدأ من الاهتمام بثروتها البشرية الحقيقية والتي تمثل طلابها ، وأن ما يضمن لها الرُقي هو تقديم مصلحة الطالب وتطوره العلمي ورفع مستوى وعيه وثقافته واحتواء أفكاره التنموية والبحثية اليافعة واستخدام الوسائل العالمية للتسابق في إيصال المعلومة إليه . فالحقيقة هي أن من سيرفع هذا الاسم هي سواعد الطلاب المميزين و أي إنجاز تقدمه الجامعة دون أن يلامس تقدم الطلبة كهدف أساسي هو إنجاز ثانوي . فهل من الممكن أن يتفاعل الطلاب في سبيل الارتقاء بجامعتهم دون أن يحصلوا على الحقوق الأولية والتي تُشعرهم بالانتماء الحقيقي الذي يدفعهم للعمل ،الحقيقة هي أن الطالب الذي لا يجد شيئاً من تلك الحقوق سينشغل بنجاحاته الفردية وسيعزف عن التفكير في إنجاح جامعته . يجب أن ينطلق مبدأنا في التطوير من الجودة ، وأن يكون التنافس بناءاً على ذلك بعيداً عن السعي لتحسين الصورة الشكلية أو التطوير المادي لوحدة ، وأن تسبق رغبتنا بالاعتماد الأكاديمي الهدف الآخر وهو التصنيف العالمي حتى تستطيع الجامعة التركيز بأهداف الهيكلة وصولاً للنهضة الشاملة . إن كُل ما يُبذل في سبيل تحقيق بيئات تعليم وتدريب نموذجية سيدخل في مقاييس تقدم الجامعة، ويأتي في مُقدمة تلك الجهود \"تسخير التقنية في خدمة التعلم والمعرفة \" ابتدءا ً من استخدامات الويب حتى قاعات التعلم الذكية. إن المواقع الإلكترونية للجامعات والمؤسسات التعليمية على شبكة الويب ، هي البوابة التي نستطيع من خلالها معرفة الهوية الحقيقية لهذه الجامعة والإطلاع على وصف ٍحي للحراك الثقافي والتعليمي داخلها ، وأي إهمال يمسها يسيء بشكل مباشر لتقييم الجامعة ويمنعها تماماً من الدخول في المنافسة . وفي نموذج كجامعة الإمام والتي احتلت المركز الثالث عربيا ً، استطاعت الجامعة أن تنشئ جامعة افتراضية متكاملة تحت إدارة عمادة التعليم عن بُعد ،كما أن الجامعة حريصة جداً على تسخير التقنية في خدمة الطلاب فقد أتاحت إمكانية إنشاء كل عضو تدريس لموقع خاص به تحت إشراف منها ، بل وخصصت الجامعة جائزة للموقع الأميز ويسعني هُنا أن أذكر أنه وبالرغم من ضعف مستوى الخدمة الإلكترونية التي يقدمها الموقع الرئيس لجامعة القصيم إلا أنني رأيت نشاطاً رائعاً لبعض أساتذة الجامعة كالأستاذ الدكتور يوسف السعيد ، والأستاذ خالد الخريف ، وفهد الحضيف ، حيث اتخذ كلاً منهم حيزاً في ملتقى الطلبة لتقديم الكثير وللإجابة على الاستفسارات ، وأيضاً لا أنسى الأستاذة المميزة أمل البريكان و التي أنشت موقعاً مستقلاً لها كان نافذتها الجميلة التي تجيب من خلالها على الطالبات وكانت تنشر فيه آخر الأخبار الهامة انطلاقا من حرصها الخاص وعبر مجهودها الشخصي . في المعرض ذهب بي فضولي إلى أحد الجامعات وهي جامعة ابيريستويث البريطانية وجدت هُناك أحد دكاترة الجامعة وهممت بسؤاله عن طبيعة الأنشطة الطلابية وماهية برامج التطوير الموجودة في الجامعة،أخبرني الدكتور بأن خطة النشاطات الطلابية للعام 2010 المخطط لها مسجلة في الموقع بالتاريخ والساعة وبالشرح المفصل والتي كان من ضمنها الاتحاد الطلابي الذي يقوم بنشاط طلابي سنوي للتقييم الشامل للجامعة وبتقديم خبرات التعليم والدراسة من قبل الخريجين للمستجدين ، كُل هذا يحدث بينما لا تزال المواقع التابعة لجامعة القصيم مترامية الأجزاء لا تجتمع تحت مظلة واحدة ، ولا يزال التقويم الأكاديمي في الموقع الرئيس لجامعة القصيم متوقفاً على الفصل الدراسي 2008 وآسفة أنا على الصراحة البريئة . في محور آخر ، أؤكد أنه لابد أن تستحدث جامعة القصيم قائمة وخطة سنوية للمشاركة المجتمعية والبحثية ،يبدأ ذلك من رفع مستوى الوعي لدى الطلاب بأهمية ما تعكسه هذه النشاطات عليهم في شتى المجالات وما تضيفه إلى خبراتهم ، ليعمل الطالب طوال السنة على إنجاح هذه المشاركة بشكل مدروس ،وأن تطبق الجامعة سياسة مشاركة الطلاب لأعضاء هيئات التدريس في بحوثهم ،وهذا ما تطبقه الجامعات العالمية ، خصوصا في مجالات الطب والهندسة وأن تعنى عمادة البحث العملي بهذا الأسلوب الذي يبني شراكةً في الاكتشاف والذكاء . قبل الأخير ، جميل ما شهدته الجامعة خلال معرض التعليم العالي حيث التعاقد مع جامعة شنجان الصينية في مجال الطب البديل ويانيانغ السانغفورية في مجال الطاقة والعلوم الهندسية ، ومباحثات التعليم المشترك ،جميل ما بدأته عمادة البحث العلمي ومشاركتها في المؤتمرات الدولية مؤخراً ،جميل ما قدمته الجامعة للمتعلمين داخل السجون.. إن أهم ما يمكن أن تتضمنه الخطة الإستراتيجية الجديدة للجامعة هو الحفاظ على حقوق الطلاب الأكاديمية والنفسية والبدء فعلياً بالإصلاحات الداخلية ، فليس من المعقول أبداً أن تحاول الجامعة الدخول في المنافسة مع جامعات أُخرى بينما يضيع طُلابها بين الخطط الدراسية الغير مُرتبة، القرارات المفاجئة ،جهل أو بطء موظفي شؤون الطلاب بالقرارات المتعلقة بالدراسة، المزاجية في التصحيح ، سوء المعاملة ، رداءة الصيانة ،الافتقار إلى أماكن صحية ، انتشار السلوكيات السلبية كل ذلك يحتاج إلى تقارير مُفصلة تدققها كل فروع الجامعة عبر كُل مسئول وإداري ناجح يسعى للإصلاح والتغيير. في الأخير أقترح إنشاء صحيفة متكاملة تندرج تحت موقع الجامعة ، وأيضاً دراسة وتطوير برامج عمادة خدمة المُجتمع ،دراسة و تطوير برامج التعلم والتدريب التعاوني للطلاب والطالبات على حد سواء . إذا لم يوافق الواقع النظرية غير الواقع .اينشتاين إلى يومٍ مشرق ألقاكم فيه .. منيرة السليم