المتأمل في هذا الكيان الشامخ المملكة العربية لسعودية ، يدرك عظيم الانجاز الذي قام به مهندس الوحدة الوطنية جلالة المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه. حيث استطاع صقر الجزيرة أن يجمع شتات تلك القبائل والكيانات المتناحرة التي لم يكن لها هم إلا الغزو والنهب، وان يخلق منها هذا الوطن الحديث. الذي نضاهي ولله الحمد والمنة به أغلب دول العالم. ومامن شك بأنه كان لهذا الانجاز ثمنه. حيث دفع فيه الدم والمال والوقت. وبهذا أتت تضحيات الموحد رحمه الله ورجاله ثمارها في لم الشتات. وغرس ثقافة الاجتماع بدلاً من الفرقة. ومن الطبيعي أن الوصول إلى درجة المواطنة الكاملة التي تنصهر فيها جميع أطياف الشعب في بوتقة الوطن حيث يصبح الهدف الوطني أسمى من القبلي أو الإقليمي، أقول من الطبيعي أن هذه المرحلة المتقدمة بحاجة إلى وقت كما يثبت لنا التاريخ من خلال تجارب الدول التي وصلت إلى هذه المرحلة . لكن النطاق الزمني وحده لايكفي للوصول إلى هذه المرحلة المنشودة مالم يكن هناك عملاً دؤباً من بعض الرجال المخلصين لهذا الوطن والذين ما يفتئون يعملون على تنمية روح المواطنة في شبابه وشاباته. بمثل هذه المقدمة نستطيع أن ندرك أهمية الزيارات التاريخية المتبادلة حديثا بين مدينتي بريدة وعنيزة في منطقة القصيم. ومن نعمة الله على هذه المنطقة أن كان أميرها صاحب السمو الملكي فيصل بن بندر بن عبدالعزيز. هذا الرجل الذي كتبت عنه في مكان آخر بأنه أخترع أسلوب \"الإدارة بالابتسامة والحب\". فهذا الأمير مسكون ليس بهم منطقته فحسب، بل وبهم الوطن. نفس هذا التوجه الوطني نجده لدى سمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن مشعل بن سعود. ومن هنا كانت فكرة الزيارات المتبادلة بين بريدة وعنيزة التي جاءت بهدف التقارب وتوثيق عراء الأخوة والصداقة بين المدينتين لما يخدم الهدف الأسمى وهو الوحدة الوطنية. وقدر الله ان تأتي هذه البادرة وسعادة المهندس مساعد السليم محافضاً لمدينة عنيزة. حيث يعتبر هذا الرجل أحد أهم العوامل التي أدت إلى نجاح تلك الزيارات. فهذا الرجل بالإضافة إلى شبابه وحيوته وخفة ضله، وطني للنخاع. وهكذا توافرت البئية المناسبة لنجاح هذه الزيارات. حيث قام أهالي مدينة بريدة بزيارة لمدينة عنيزة وجدوا خلالها الحفاوة والتكريم. وقد تخللت هذه الزيارة العديد من المداخلات والتي أكدت جميعها على أهمية هذه الزيارة والسعادة بها. وجاءت زيارة أهالي عنيزة يتقدمهم سعادة المحافظ المهندس مساعد السليم لمدينة بريدة يوم الخميس الحادي عشر لشهر محرم. وكان في استقبال الأهالي لدى وصولهم بريدة رئس لجنة الأهالي الشيخ إبراهيم الربدي وأعيان مدينة بريدة. وبعد انتهاء مفترة الاستقبال توجه الجميع إلى المستشفى الوطني. وبعد اطلاعهم على هذا الصرح الطبي الشامخ، انتقل الجمع إلى المستودع الخيري، ومنه الى مقر الاحتفال. وهناك شاهد الإنسان عن كثب مشاعر السعادة في أعين الجميع، تلك المشاعر التي ترجمتها بعض الكلمات والمداخلات من الطرفين. حيث كانت كلمة محافظ عنيزة الذي بين أن الفكر هو أساس المعتقد ، ويأتي السلوك نتيجة لهما. والفكر في المنطقة سليم ومن هنا وجب أن يكون السلوك كذلك. كما بين سعادته ان الفكر اليوم فكر التناغم والتكامل لا التناحر والتنافر. هذا الفكر ، يقول المحافظ \"باركه الفيصلان وسعد به القصمان\". كما أكد المحافظ أنها فرصة لبناء قصيماً يعمه الحب وينبع منه الأمل وتؤطره الوطنية والإخلاص. ثم يقدم بعد ذلك هدية لولاة الأمر ليكون نموذجاً يحتذى به للوطنية الصادقة. وعليه، والكلام لمحافظ عنيزة، يجب على أهل القصيم التواصل مع المناطق الأخرى. ان نجاح هاتين الزيارتين بين بريدة وعنيزة يعتبر تجربة من الواجب ان تحتذي بها بقية مناطق المملكة. فهذا التقارب بين المناطق والمدن سيصب في النهاية في مصلحة الوحدة الوطنية التي ينشدها قادة هذه البلاد. د. فهد العبري