كثيرون أولئك اصحاب النفقة والبذل والعطاء .. وكثيرون كذلك الذين لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى.. وما ذاك بمستغرب على أمة أنزل الله عليها خير كتبه وأرسل إليها خير رسله محمد صلى الله عليه وسلم، ويضيف حسنة أخرى عدد من أهل النفقة والإحسان فيما أنعته ب \"فقه الإنفاق\" ، وهو أمر قليل من يحسنه ،وفي هذا القليل بحمد الله بركة.. عرفت عن قرب ومجالسة ومؤانسة وذكرى الشيخ الراحل إبراهيم بن سليمان العمري.. رجل قلّ نظيره صلاةً وزكاةً ورجاحة عقل وعفة لسان، وحين اختاره ربه إلى جواره ترك خلفه وصية كان للإنفاق في وجوه الخير فيها سبلاً، وما كان من أبنائه البررة من بعده إلا العمل بما أوصى دون تباطؤ أو تمهل، فكان أن أعيد بناء مسجد الحي الذي لازمه نحواً من ثلاثة عقود، ولم يقف الأمر هنا، وهما الشاهد من المقال، بل أضافوا إلى ذلك –جزاهم الله خيراً وجزى موصيهم- بأن عمدوا إلى المسجد عناية ومتابعة بدءاً بالصيانة الضرورية وانتهاءً باختيار أفخر أنواع الطيب، حتى غدا المسجد أدعى للمح؟؟؟؟ والمراوحة بين القراءة والصلاة والتفكر.. ولست أحصي ممن أراه جالساً في المسجد متمهلاً في الخروج بعد الصلاة لما يجده من حسن العناية وجميل الاهتمام.. أما في رمضان ففيه روح خاصة. فمنذ أكثر من عقد من الزمان وإفطار الصائمين فيه قائم.. يأتي الضعفة وأبناء السبيل والمقيمين مرحباً بهم آجرون ومأجورون بإذن الله.. تمنيت كثيراً على كل من أنعم الله عليه وبنى مسجداً أن يوقف شيئاً من ملكه لصيانة مسجده والعناية به، وهذا من إتقان العمل الذي يحبه الله، وكم يتأسى قلبك وأنت تدخل مسجداً قد بني بأحدث طراز وتجده ساحة من الإهمال والترك لا يجد من يقف عليه ويتابعه.. واهل الحسبة والاحتساب كثيرون ولكن المنفق عزيز.. ولو أشارت وزارة الأوقاف مشكورة بجهودها وعنايتها على كل من أراد بناء مسجد أن يوقف من ماله لهذا المسجد لكان لذلك أوسع للفكرة وأدعى للقبول، إذ يتجه ريع الوقف إلى الكمال والعناية بالتفاصيل. لا أملك ختام هذا المقال إلا دعوة لكل باذل في الخير محب للإنفاق ، وأخص فيمن عرفت الشيخ إبراهيم العمري، أسأل الله أن يغفر له ذنبه وأن يدخله الجنة بغير حساب ولا عذاب، وأن يخلف بعقبه في خير، اللهم آمين. حميد بن محمد الحميد إمام مسجد العُمري ببريدة