هناك جلد للذات من خلال الكتاب والمواطنين عن ما يحدث من موظفي الدوائر الحكومية وتناسوا أن هؤلاء هم أيضا مواطنين.... لقد كنا لا نسمع عن ثقافة استجدت علينا عن قدرة بعض مكاتب الخدمات على إنهاء أي معاملة وبسرعة وبأجر خاص فالمكتب لديه علاقات خاصة.... واستمرت الظاهرة وأصبحت جزء من تركيبة المجتمع بعد أن كانت من المستحيلات أن تحدث في ثقافة هذا المجتمع المتدين وصاحب القيم والمتمسك بالعرف والعادات ولكن ظهور مثل تلك الظواهر وغيرها يوعز إلى أزمة بدأت تظهر منذ عقد من الزمن وهي مفهوم المواطنة المالية والخوف من المستقبل والمصالح أولا.... ونتج عنه تباعد في أهداف الدولة وكل وزارة تحولت إلى نظام مستقل لا تعنيه في خططه وبرامجه وحتى في موظفيه ما يمكن أن تحدثه هذه البرامج والخطط بالدوائر الأخرى وأصبحت المشاريع والبرامج فردية همها إرضاء الرئيس المباشر والحصول على ترقية وكل ما تم إنفاقه على هذا المشروع أو الدراسة ينتهي بمجرد ترقيته وتطبيقه لفترة محددة كتجربة... وما أن يتم ذلك إلا و تظهر عيوب هذا المشروع الارتجالي ثم يوقف للتعديل وينتهي بالإدراج ليأتي من يخلفه بمشروع جديد وهكذا تدفع الدولة جزء كبير من ميزانياتها لمثل هذه المشاريع ... وما أن ينجو مشروع من هذه الظاهرة بتفاني المسئول ومراهنته على نجاحه يتفاجئ عند تطبيقه بان هذا المشروع يتعارض مع دائرة أخرى ويؤثر على عملها أو أن المشروع تم تطبيقه من جهة أخرى وأكثر تطورا وهكذا ندور في عجلة من تباعد الأهداف.... إن من يطلع على البرقيات والتعاميم التي تصل من قيادتنا الرشيدة إلى الدوائر الحكومية منذ عقود يجد حرصهم على تسهيل معاملات المواطنين وسرعة البت فيها... وفي المقابل نجد من يحمل هذه القيادة أخطاء هؤلاء الموظفين ولا ننسى ومن باب الإنصاف ما يقوم به النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز من لقاءات متكررة مع المسئولين عن هيئات الإدعاء العام والحقوق والمراقبة العامة وحثهم على المساعدة بوصول الناس إلى حقوقهم ومتابعة أداء موظفي الدولة... فلماذا كل هذا التعسف في الإعلام والتفريق بين المواطن وموظفي الدوائر الحكومية فالخلل والأزمة نابعة من ثقافة اجتماعية... فموظف إحدى هذه الدوائر لو ذهب إلى دائرة أخرى لوجد المعاناة والمماطلة في معاملته... وتدور هذه الحلقة المفرغة من فكر تأصل في عقلية المواطن سواء كان مراجعا أو موظفا ولو قارنا بموظفي أغلب البنوك لوجدنا هناك جدية والتزام ومتعة في أدائهم للعمل حتى أن أحد الزملاء سألني عن سر جمال هندام موظفي البنوك مع أنه يلبس كما يلبسون والسبب هو المتعة في أداء العمل التي يفقدها للأسف بعض العابثين بوطنية هذا البلد وحقوق أفراده... إن الحل يكمن في التحفيز والرقابة والعدالة والمكافأة والمحاسبة وهي منظومة توصل من يعمل إلى متعة العمل ومن يتهاون بالعقاب وتحمل النتائج.... ولكن تظل ثقافة الرقيب يحتاج إلى رقيب... وتعبئة محاضر على الموظف قد لا تقرأ والكل يحمل رئيسه بالتحامل عليه واتخاذ إجراءات لا تسمن ولا تغني من جوع ناهيك إن كان له واسطة .... ومن يعمل عليه أن يتحمل العبء الأكبر ويصمت بل يطلق عليه زملائه مخلص أفندي .... وغيرها من العبارات التي تهدم بنية التحفيز والعطاء... سنظل في أزمة متكررة من جلد ذات ... إن المواطنة ليست أقوال أو مشاعر فقط ... إنما أفعال فلدينا وطن كبير وأمالنا فيه كبيرة ... يستحق منا العطاء بل والمتعة في العطاء ... سلطان بن فيصل السيحاني