من كتاب حياتنا وقوة التحول لكاتب المقال مفهوم التغير. جاء في المعجم الوسيط ( تغايرت الأشياء اختلفت ) والتغيير في المصطلح يعني التحول من حالة مألوفة سائدة إلى وضع جديد لم يكن معروفا على أرض الواقع والممارسة. والتغيير في أعلى سماته ورتبه يمثل وظائف الأنبياء السامية المتتابعة، والمتمثلة في إخلاص الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ، والالتزام بالقيم والفضائل المجيدة ، والحثُ على مكارم الأخلاق ، وما يصلح الحال في الدارين. فقد كانوا عليهم أفضل الصلاة والتسليم في رسا لاتهم مجاهدين صابرين جادين لتغيير الأوضاع الخاطئة في المجتمعات التي أرسلوا إليها ، وتصحيح المسار صوب الحياة السليمة النقية وتحويلها لفطرة الله التي فطر الناس عليها . و يتمثل الأمر كذلك في منهج الدعاة والمصلحين الناصحين لمجتمعاتهم على مختلف العصور . والتغيير في أدنى سماته يتمثل في كافة الدعوات المشبوهة والمضللة بكل مجالاتها وأهدافها وغاياتها ومستوياتها والفئات التي تستهدفها . ويعد الزمن المعاش والمنتظر هو الكفيل بتقييم تجربة التغيير التي تتم ، ومدى الحاجة إليها , ومقدار النضج الذي شكل هذا التغيير ، ومدى ثبات هذا التغيير أمام موجات التحديث المتتابعة التي لا تقف عند حدّ. إنه لابد من ربط عملية التغيير - أيا كانت درجته واتجاهه - بحالة التكيًف والموائمة مع موجات التغيير، ومدى التفاعل معه ، فقد يكون مرغوبا وضرورة أو دخيلا مرفوضا ، وقد يكون محدودا أو شاملا ، ويكون طارئا أو امتدادا لتغيرات سابقة ، وقد يكون واضح المعالم والأهداف أو قد يكون مبهما ، وقد يكون يتشكل بفعل مؤثرات داخلية أو بفعل موجات خارجة عن البيئة المحلية ، فلكل حالة ودرجة من ذلك موقف وتفاعل يليق به . على أنه لا بد من تقدير عامل المفاجأة التي قد تحدث عقب عملية التغيير وتحليل آثارها ، وتحديد مدى التكيف مع السرعة التي تتطلبها ، وتصادمها مع القيم و القناعات الراسخة . عبد الرحمن بن صالح المشيقح