تتصرف السلطة العربية في كثير من الأحيان بأسلوب يشكك في قدرتها على التواصل مع أفراد الشعب ونخبه العلماء والمفكرين والمبدعين، وهذا القصور في التواصل يعكس بلا شك قدراً من عدم الاحترام،الأمر الذي يقوّض الصورة المأمولة في هذه السلطة، وهذا أمر تعرفه السلطة قبل أن يعرفه أبناء الشعب ، وهنا نسأل : أي مستقبل ينتظر دولة لا تحترم فيها نخبتها ؟! النخبة المقصودة هنا ليست النخبة بمفهوم السلطة العربية، و التي لا تميز عادة بين النخبة والبطانة، وبين الإبداع والإرث التقليديين وبين معادلات الولاء الصادق والولاء الفاسق، وبين براهين الانتماء التاريخي والانتماء المؤقت !! وإنما هي النخبة التي تحاول التغيير للأفضل في ظل السلطة لا بعيدا عنها، وعلى نهجها لا على حسابات مشخصنة .. وهي بهذا المعنى لا تخرج عن المبدعين والعلماء والمفكرين الذين يتم تهميشهم في أبسط بروتوكولات الانتماء للوطن أو القيادة . إن أصعب ما يمر به المفكر الحر لحظات الشعور بخيبة الأمل التي تسقط حساباته أرضا بفعل بديهيات بسيطة، وأبجديات التعامل السياسي الناضج بين السلطة وعلمائها ومفكريها، بعدما كان يشد الرحال تقرباً إليها من بوابة الولاء والانتماء .. ليرحل منها مثقلا بالهموم والاستفهامات التي تبدأ عادة ب\" لماذا\". أنا لست متشائماً بل غاضباً من وضعنا البائس في كل بلاد الضاد، حيث تموت الآمال في صدور مبدعينا، وتغتصب الإرادة في عقول علمائنا ، وتفرض الإقامة الجبرية التهميشية على إنجازاتهم .. والسبيل لتفادي هذا وذاك هو إعادة تشكيل استراتيجيات السلطة مع علمائها ومفكريها ومبدعيها، على أن تكون أولى هذه الاستراتيجيات أبجديات الاحترام والتقدير .. وليس في جعبتي أكثر مما قلت .. البروفيسور محمد الطريقي