يعتبر هذا الاسم أحد أركان الفكر السلفي عبر مجموعة من الجهود التاريخية في التأليف والتصنيف، وهذا العالم الفذ من وجهة نظري لم يقرأ القراءة التي يستحقها، رجل بمكانته وبعلمه وعمقه، بل أن هذا العمق صار فرصة كبيرة للقراءة المغلوطة له، أو التي تقوم بتوظيفه توظيفاً غير مناسب سواء في التفاصيل العقائدية أو في الأحكام الفقهية عامة، وفي مواقف الخلاف مع الآخرين والمخالفين. ولعلي هنا، أعبر بالاستنارة لما تحمله النصوص من صور راقية فيها استنارة عقلية ونفيسة، وموقف من المخالف وغضب على المتعصبين والنصبيين، فهو يقول – رحمه الله –(وكذلك المسائل الاعتقادية الخبرية لم ينبل أحد من الطوائف ورءوسهم عند الأمة إلا بما معه من الإثبات والسنة، فالمعتزلة أولاً وهم فرسان الكلام إنما يحمدون ويعظمون عند أتباعهم وعند من يغضي عن مساويهم لأجل محاسنهم عند المسلمين بما وافقوا فيه مذهب أهل الإثبات والسنة والحديث، وردهم على الرافضة بعض ما خرجوا فيه عن السنة والحديث من إمامة الخلفاء وعدالة الصحابة وقبول الأخبار وتحريف الكلم عن مواضعه والغلو في علي ونحو ذلك، وكذلك الشيعة المتقدمون كانوا يرجحون على المعتزلة بما خالفوهم فيه من إثبات الصفات والقدر والشفاعة ونحو ذلك كانوا يستحمدون بما خالفوا فيه الخوارج من تكفير علي وعثمان وغيرهما وما كفروا به المسلمين من الذنوب ويستحمدون بما خالفوا فيه المرجئة من إدخال الواجبات في الإيمان)(1). وعندما حانت لهذا العالم فرصة الانتقام ممن ظلمه بغير حق وهو حقه أن يقول ما يعتقد، قال في خطاب أرسله إلى والي دمشق (تعلمون رضي الله عنكم إني لا أحب أن يؤذى أحد من عموم المسلمين فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، لا ظاهراً ولا باطناً، ولا عندي عتب على أحد منهم، ولا ألوم أصلاً، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم أضعاف ما كان، كل بحسبه. ولا يخلو الرجل، إما أن يكون مجتهداً أو مخطئاً أو مذنباً. فالأول – مأجور مشكور. والثاني – مع أجره على الاجتهاد معفو عنه. والثالث – فالله يغفر لنا وله ولسائر المؤمنين. . لا أحب أن ينتصر من أحد بسبب كذبه علي، أو ظلمه أو عدوانه، فإني قد أحللت كل مسلم، أنا أحب الخير لكل المسلمين، وأريد لكل مؤمن من الخير ما أريده لنفسي، والذين ظلموا وكذبوا هم في حل من جهتي) (2). و ها هو يلوم المتشددين من أهل الحديث فيقول : (ولا ريب أن هذا موجود في بعضهم [يعني أهل الحديث] يحتجون بأحاديث موضوعة في مسائل الأصول والفروع وآثار مفتعلة وحكايات غير صحيحة ويذكرون من القرآن والحديث ما لا يفهمون معناه وربما تأولوه على غير تأويله ووضعوه على غير موضعه ثم أنهم بهذا المنقول الضعيف والمعقول السخيف قد يكفرون ويضللون ويبدعون أقواماً من أعيان الأمة ويجهلونهم ففي بعضهم من التفريط في الحق والتعدي على الخلق ما قد يكون بعضه خطأ مغفوراً وقد يكون منكراً من القول وزوراً وقد يكون من البدع والضلالات التي توجب غليظ العقوبات فهذا لا ينكره إلا جاهل أو ظالم وقد رأيت من هذا عجائب) (3). إتكاءة حرف : التراث الإسلامي بآثاره ورموزه مليء بالنصوص والمعاني التي تحتاج إلية قراءة وتمعن ونظر، فهل من قراءة أخرى؟!!!. ------------------------------------------------------------------------------------------------------ (1) ج 4/11-12 الفتاوى. (2) تاريخ المذاهب الإسلامية في السياسة والعقائد وتاريخ المذاهب الفقهية – الإمام محمد أبو زهره – دار الفكر العربي/القاهرة – ص 596-597 (3) ج 4/24 الفتاوى [email protected]