... يعلم الجميع ان الأماكن هي الوطن النفسي داخل الانسان ، لا تتميز الأماكن ولا تعني شيئا ملفتا للانظار إلا بنظر ووجدان من تربوا بها ومن ينتمون اليها بشكل مباشر .ولكن إلي متى في يوم الوطن يشوه الوطن , وبحب الوطن يسأ للدين وتنتهك الفضيلة ..في يوم الوطن يخرج الآلف من الشباب بسياراتهم إلى الشوارع ليقفوا في الطرق يتراقصون و يتمايلون على نغمات الأغاني الوطنية ، كل هذا يفعلونه بذريعة حب الوطن ، و السيارات قد صُبغت باللون الأخضر ، بل رأيت هذا في هذه الليالي المباركة فشتان بين (السلف) و( الخلف ) في العبادة خلال شهر رمضان الكريم ..نعم كم هناك من أخطاء في المجتمع والمجتمع عنها غافل ولابد من إيجاد حلول عاجلة لكي تقضي على هذه الأخطاء ولا ندع الحصر على خطأ واحد وننظر الى العلة من منظور واحد ..هذا اليوم، و هذه الذكرى تمرّ علينا كل عام فلا ندرك منها الكثير مما يجب اقتناصه والتذكير به والتأكيد عليه وترسيخه بعيداً عن تداخل الآراء أو تباعدها في مسألة الحكم الشرعي في كون هذا اليوم عيداً أو مناسبة دنيوية أو غير ذلك، وما هو التوصيف الشرعي له وبالتالي الحكم له أو عليه بالحلّ أو الحرمة، بعيداً عن ذلك كله لا يمكن تجاوز هذه المناسبة - وهي واقعٌ نعايشه - دون أن نقف على المعاني الرفيعة التي يجب أن يوحي بها صوت هذه الذكرى.اليوم الوطني مناسبة تمرّ بنا كل عام ويتكرّر على وتيرة سنوية، فلا يصح عقلاً أن ترتزق منه الصحف التجارية ويخسر منه صاحب المناسبة (الوطن)! أو على الأقل يفرّط صاحب المناسبة في الاستفادة منها، ويكتسب البعض دون غيرهم.تمر هذه المناسبة مفعمة بالمظاهر التي ترسم مستوىً من الاهتمام والعناية برمزية ومعنى اليوم الوطني، لكن الوعي بدلالات هذا اليوم لا تزال قاصرة، وتتعرّض هذه المناسبة لغياب (أو تغييب) جانبٍ أساسٍ وركيزة مهمة لا أدري حتى اللحظة من المستفيد من تأجيلها والتعامي عنها ؟هذا الوطن ليس مناسبة إعلامية وكفى!هذا الوطن ليس نشيداً ينغّم ويغنى ، وأصوات يتلهّى بها أقوام، ويلوكها أقوام، ويجترّها آخرون..هذا الوطن ليس يوماً يمتصّه الآكلون، ويرمونه فتاتاً يقتاته السواد !نعم لابد من غرس قيم الاخلاق النبيلة في نفس رجال وأطفال الوطن..فالوطن تاريخ و الوطن كيان و الوطن معنى وقيمة و الوطن ثقافة وسلوك و الوطن حضارة وليس كما يريده النفعيون الانتهازيون أو الشباب الطائشين ..يبتغي كثيرون أن تبقى الأضواء مسلطة عليهم في يوم الوطن يشيدون بعبارات براقة ، بينما يمضون بقية العام في افتراش مائدة الوطن يأكلونه من اطرافه هنيئاً مريئاً ويشبعون رغاباتهم، ويحققون مصالحهم، وليذهب الوطن حيثما أراد ماداموا سيؤدون فريضة نشيد الوطن يوماً واحداً في العام..وماداموا سيمارسون مواطنتهم ساعاتٍ معدودة في اليوم الأول من الميزان! بلادنا التي عاشت أحداثاً عصيبة في السنوات الماضية ولا تزال، حيث قعقعت الأسلحة، وتطايرت الأشلاء، وبكى الوطن أبناءه وجنوده في فتنة ومقتلة أليمة ..بالرغم من بشاعة الحدث الذي حدث في كثير من المدن والمناطق لابد لنا ان نغرس في ابناء الوطن ان الوطن صناعة واستثمار وتقدّم، وليس صناعة كلمات، واستثمار مواقف ، و( تخلف ) لتعطيل الطرق والوقوف في وجه الفضيلة .وسؤالي لوزارة التربية والتعليم التي تعنى بتربية اولادنا فكريا هل نحن عاجزون عن تفعيل المواطنة إلا من خلال مناسبة اليوم الوطني ؟ومن المسؤول عن انحراف المواطن الحقيقي وتحوّله إلى الصور الأليمة في الانفلات الأمني والسلوكي والأخلاقي الذي شهدته مدننا الحبيبة في يومها الوطني؟ حين نتحدث عن الوطنية ؛ فإننا نتحدث عن هاجس غيور لدى ذوي النهى , لابد ان نجد صداه في جوانحهم ذلك أن الوطن حق مشاع , ولابد أن يكون لكل مواطن سهم ضارب فيه بلا قوس أو وتر ..والوطنية والوطن والمواطنة كلمات تنساب على اللسان ، كلمات لها إيحاؤها ووقعها على النفوس الطيبة الغيورة عليه ، ان ذكريات الطفولة والنشأة والارض التي لا ينسيها مر الليالي وكر الأيام ، لأن الوطن في أي مكان ينشأ ويترعرع فيه الإنسان ويقضي فيه أفضل أيام حياته. من هنا- وهنا فقط - يحمل الوطن ذكريات طفولته وأخبار صباه وأنباء حياته وحوادثه المهمة ، فيحن إليه الإنسان حنينا ، فحب الوطن شيء طبيعي يفطر عليه الإنسان ، والإسلام -الذي هو دين الفطرة - يراعي مشاعر الإنسان الطبيعية وعواطفه الغريزية في إطار معتدل مهذب معقول لا إفراط فيه ولا تفريط، ولا غلو ولا تقصير... فلا يطغى جانب على جانب ..إنَّ حبَّ الوطنِ يختلف عن الوطنيَّة فالوطنيَّةُ عقيدةٌ أما حبُّ الوطنِ فهو غريزةٌ وحبُّ الوطنِ له وجهان حبُّ الوطنِ الأمِّ وحبُّ الوطنِ الصغيرِ ..أمة الإسلام هي الوطن الأم والبلاد هي الوطن الصغير .والكل يعلم ان هؤلاء الشباب الذين افسدوا علينا يوم الوطن أنهم لم يحتفلوا فرحاً بهذا اليوم وإنما أرادوا إضفاء الصبغة الرسمية على استهتارهم ومجونهم تحت مثل هذه الغطاءآت التي تخولهم لعمل المزيد من الانفلات وإن لم يضرب بيد من حديد فإن مثل هذه الأعمال وغيرها مشجعة لهم على المزيد من الاستهتار بالأعراض والممتلكات فكم رأينا الفوضى عند فوز المنتخب او نادي على آخر ليس فرحاً وإنما ذريعة لممارسة هذا الاستهتار وأخشى أن يأتي اليوم الذي يكره العقلاء مثل هذه الاحتفالات التي تسبب لهم إزعاجاً وقلقاً وإيذاء.. ولنكن يداً واحدة تجاه هذه الاعمال ولنحاور من به لبس أو التبس عليه الحق بالباطل، لأن ربط الماضي بالحاضر يدعم حقيقة الوطنية لأن الإسلام نزل بالأميين فجعلهم به سادة العالم ، ولابد من وجود الوطنية الحاضرة لاستيعاب تلك الحقيقة الفاصلة التي تجمع بين طياتها الحقيقة ومقومات الحياة وتصور الواقع ولا تشوهه ، لكي يمحى كل باطل ، لأن من يمارس الوطنية بصورة مغايرة لما عليه المجتمع اجزم انه يعاني من الفراغ الروحي فما بالك بتفريغ الطاقات ويلموننا أذا مدحنا المراكز الصيفية وأثنينا عليها لأن الشباب قنبله موقوته متى ما أستغلت استغلال لائق وفي الأخير اللهم أهدهم وأفتح عليهم بنور الهداية وأنر بصائرهم للحق .. أخوكم عبد الله عبد الرحمن سليمان العايد [email protected]