عندما يلامس مسمعي كلمة مسلسل لا أتذكر إلا المسلسلات المصرية فهي أول وأكثر ما عرفت من هذا النوع من الفن ولكن لم تعد القنوات الفضائية تستهويها هذه المسلسلات كما كان سابقاً بل أصبحت المنافسة قوية في جميع القنوات التي يستحوذ أبناء الخليج على الكثير منها حيث تتسابق لكسب اهتمام ومتابعة المشاهدين الخليجيين بالذات لأنهم (الدفّيعة) لتكسب بذلك الشركات المعلنة وهو ما جعل الكفة تميل لصالح المسلسلات الخليجية لأنها الأكثر متابعة . وكما أشاهد ويشاهد غيري فقصص المسلسلات الخليجية مليئة بالرعب فهي تحاول إقناع المشاهد بسوء الزوج الذي يضرب زوجته فتجده يشج رأسها أو أب سكير يعاقب فلذات كبده بالحبس والضرب المبرح وشباب امتهنوا السرقات وإدمان المخدرات بشكل لا يحاكي حتى واقع المدمنين المقيت (عافاهم الله وحفظنا مما أصابهم وابتلاهم) , هذا من جانب الرعب أما تأصيل الانحراف الاجتماعي فما أكثر ما نرى المعاكسات بطرقها المختلفة والمجون وشاليهات الفرفشة والملابس الضيقة السافرة وما أقبح التصوير المبتذل فيها واقتناص بعض اللقطات وغيرها من المناظر القبيحة التي تعج بها هذه المسلسلات. ولعل أصحاب هذه المسلسلات \" مؤلفين ومخرجين وممثلين \" يبررون طرحهم هذا بأنه واقعي ولن أختلف معهم كثيراً فما يطرح في هذه المسلسلات قد لا يختلف كثيراً عن الواقع, ولكن هل جميع المشاهدين تحدث لديهم أو في محيطهم مثل هذه الوقائع المخزية . وهل طرح مآسي الواقع وقبائح المجتمعات تجعل بعض المشاهدين الذين من بينهم الأطفال ببراءتهم ينفرون من هذه الأمور أم سيعتادون رؤيتها وقد يقتبسون منها ظلمةً تبقى معهم في حياتهم . إن الجرأة التي تطرح بها القضايا الاجتماعية واقعية كانت أو من نسج الخيال لا تزيد الطين إلا بلّة, لاسيما وأن المتابعين يختلفون فمنهم الصغير الذي لا يعرف الفرق بين الصالح والطالح والكبير الذي لا يفطن عند المتابعة بأن ما يراه هو مشاهد تم منتجتها لتنسج مسلسلاً , بل إن بعضهم يعتقد عن بدء الحلقة أنه قد جلس ليراقب واقعاً حقيقياً لكنه لا يمكن أن يشارك فيه. ولعل البعض يتذكر أو يرى من معارفه من يتأزم عند حدوث ظلم أو حدث معين بلغت شدة تأثيره عليه إلى أن يبكي أو تغرورق عيناه تأثراً بما يرى . قد أختلف مع المسلسلات في طرحها وأختلف أيضاً في صنعها والمحاذير الشرعية الموجودة بها وهي لزمةٌ تلاصق هذه المسلسلات ولكن إن كان ولا بد هم فاعلين فياليتهم لا يمرضون المشاهدين بمآسي فردية تؤذي مشاعر العموم وياليتهم لا يتنطعون بأنهم يسهمون في معالجة قضايا المجتمع, بل هم من وجهة نظري يؤصلون الفساد ويجعلون الجمهور المستهدف يعتاد رؤية الانحراف فتختلف معه ردة فعله وتقييمه لهذا الانحراف إن صادفه يوماً في واقعه, وياليتنا بقينا على مسلسلات الباحثين عن الشقة والوظيفة والحب السامج ولم نطرح قضايا فردية تعمم على مجتمع سواده الأعظم من المحافظين . تحيتي