نقل تراخيص 4 مهن من التجارة إلى هيئة المراجعين والمحاسبين    مدينة الملك سعود الطبية تستقبل يوم التأسيس بإنجاز عالمي    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سريلانكا بمناسبة ذكرى اليوم الوطني لبلاده    «إعلاميون» يشهدون منافسات مهرجان خادم الحرمين للهجن 2025    أمير جازان يرأس اجتماع اللجنة العليا للسلامة المرورية بالمنطقة    أمير منطقة القصيم يتسلم شهادة تسجيل واحه بريدة بموسوعة غينيس    توقيع اتفاقية تعاون بين جامعة الحدود الشمالية ومؤسسة سليمان الراجحي للتمويل التنموي    فيصل بن مشعل يدشّن هدية أهالي القصيم لأبطال الحد الجنوبي    أمير الشرقية يكرم الجهات الراعية للمؤتمر الدولي السادس لمدن التعلم 2024    العين يُعلن عن مدربه الجديد    مختبر أمانة تبوك لسلامة الغذاء يجري أكثر من 30 الف اختبار للأغذية    كرسي أرامكو للسلامة المرورية بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل يطلق دورة تدقيق سلامة الطرق    "الجوازات"تصدر 18,838 قرارًا إداريًا بحق مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    القبض على مواطنين بتبوك لترويجهما 1,803 أقراص من مادة الأمفيتامين المخدر    محافظ المجمعة يستقبل وفد جمعية سفراء التراث    وزارة التعليم ومجمع الملك سلمان يكرمان 60 فائزًا وفائزة في "تحدي الإلقاء للأطفال 4"    نائب أمير تبوك يتسلم تقرير أعمال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    مفوض الإفتاء في جازان: دور المرأة مهم في تقوية النسيج الوطني    «الشؤون الاقتصادية» يوافق على إنهاء «الاستدامة المالية»    أمير الشرقية يرعى مؤتمر "السمنة" بمشاركة 100 متحدث عالمي بالخبر    الصحة تُدشن الوصفة الإلكترونية لحوكمة الوصف والصرف للأدوية المخدرة والمؤثرات العقلية والخاضعة للرقابة    الشركة ترفع حصتها في السوق الى 10%: تسوشو جمجوم للتجارة تطلق جيلاً جديداً من شاحنات "فاو FAW" في السوق السعودي    الدولار يرتفع.. مع بدء سريان الرسوم الجمركية على الصين    وفاة المهندس أحمد العيسى بعد رحلة عطاء والعناية بمساجد الطرق بالمملكة    الشرع: لقاء ولي العهد يؤسس لبداية علاقة إستراتيجية    مقتل جنديين إسرائيليين في إطلاق نار شرق جنين    علماء يطورون نوعًا من الخرسانة يمكنه إذابة الثلوج من تلقاء نفسه 3    مستقبل أجمل للعالم العربي والعالم    سحب رعدية ممطرة ورياح نشطة على بعض المناطق    تحديث بيانات مقدمي خدمات الإفطار بالمسجد النبوي خلال شهر رمضان المبارك 1446ه    5 علامات للشامات تثير شبهة السرطان    «التأمينات»: ل«المنشآت»: أيام وتنتهي مهلة الإعفاء من الغرامات    3,000 سعودي وسعودية يشاركون تطوعاً في «برنامج أمل» لمساعدة السوريين    محكمة جدة تسقط دعوى مواطن لسكوته على عيوب «شقة تمليك» أكثر من عام !    في الشباك    «911» يتلقى (2.606.704) اتصالات خلال يناير    الأهلي يتصدر.. والنصر «يتمخطر»    العداوة المُستترة    سمعًا وطاعة والتزامًا بالقرار الحكيم    عدد من معلمي التربية الفنية في بيش يزورون متحف الجندلي التراثي    إرث ثقافي    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    الرئيس الأوكراني يطلب الدعم من الغرب    انفجار يقتل قيادياً بارزاً موالياً لروسيا في دونيتسك    عائدون من جحيم النزوح    موعد مباراة النصر القادمة بعد الفوز على الوصل    موعد مباراة الهلال وبرسبوليس الإيراني    البيتزا تقتل سيدة حامل    تتعاطف مع قاتل ابنتها وتدعم براءته    الزعيم يواجه برسبوليس الإيراني في «نخبة آسيا»    موانع الحمل ثنائية الهرمون    محمد عبده ل«عكاظ»: الاعتزال لا يزعجني وأغني بتحضير دقيق مع بروفة    القنفذة: «مؤسسة حسن الفقيه» تبدأ مسيرتها لإثراء الساحة الثقافية    الشرع: لقاء الأمير محمد بن سلمان يؤسس لعلاقة إستراتيجية بين السعودية وسورية    رئيس الوزراء الصومالي يصل إلى جدة    السديري يستقبل رئيس واعضاء مجلس إدارة جمعية كافلين للأيتام بتيماء    عبدالله آل عصمان مُديراً لتعليم سراة عبيدة    العلاقات بين الذل والكرامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التيار النقلي ولغة الموتى
نشر في عاجل يوم 21 - 07 - 2008

في حقل الفقه الإسلامي السائد , وعلى ساحة تتجاوز التعليم النظامي والثقافة العامة, يتجذر عداء وتوجس للعقل من محاولة إعادة قراءة علوم الدين بعقل حاضر معاصر , كان هذا متواصلاً لمرحلة تكون الفرق والمذاهب وانتصار الذهنية النقلية التقليدية , منذ هيمنة تيار النقل والتقليد .. في عهد المتوكل العباسي, وحتى اليوم أخذ هذا التيار فرصة عمرها الزمني أكثر من ألف عام , وأخذ سنداً شعبياً العامة , وسلطة الخليفة والسيف, ولم يقدم شيئاً لتغيير الأفكار, ولم يقدم الإسلام إلا عبر رؤى ومناهج تفكير لم تستطع أن تصد غازياً ولا مستعمراً, ولا أن توجد تياراً فكرياً في العقل الجمعي, لقد فشل تيار النقل والتقليد أن ينجز المشروع الحضاري الإسلامي , اخفق أن يقنع العالم بفاعلية الإسلام, منذ هيمن التيار النقلي على الذهنية الإسلامية , تقلصت خريطة الإسلام الجغرافية, وتلاشى مده الحضاري, وخفت نوره الرباني عن أغلب بقاع الأرض, لقد وسم هذا التيار الإسلام بميسم القعود والضعف والهامشية , لندع التيار العقلي , يأخذ جزءا من هذه الفرصة, ليقدم إطروحاته وفهمه للإسلام, خاصة أنه يعمل ويفكر داخل دائرة الإسلام , الكتاب والسنة .
لماذا هذا التوجس من التيار العقلاني؟. لماذا هذا الخوف من مسلمين يغارون على كتاب الله؟, الذي وظف لخدمة المصالح الخاصة , ولتبرير واقع مرير, ونحي وهمش لحساب مرويات ونقول, قد لا تصح , وإن صحت قد يكون فهمها على غير الوجه الذي جاءت به, واستخدمت للتسكين, وكدت أقول للتخدير, حتى اصبح الإسلام في كثير من مظاهره لدى أغلب المسلمين, أصبح شعاراً للدروشة والتصوف والقعود , أي تم عزله عن الحياة , إلا بقايا أشكال من العبادات , أقول أشكال , وأعني مظاهر تعبدية, لا اكثر, لا تغير من الواقع شيئاً, ولا تقيم أود القيم والفضائل التي من أجلها شرعت.
إن التوجس من إعمال العقل في فهم وتفسير الإسلام, اورث إدمان التلقي والتقليد , والهوس بالماضي , وهذا وحده ربما يورث لدى الإنسان قابلية خداعة بالمخاتلات السياسية , والحيل الايديولوجية , أعني بها توظيف المقدس لتمرير المدنس, فالتقليد حالة نفسية وعقلية تصيب الأفراد والأمم فتجعل المصاب في حالة كسل عقلي , واسترخاء ذهني وبلادة نفسية , فهو في حالة تلقٍ مستسلم على الدوام ينتظر من يثير له الأسئلة والإشكاليات , ليوجد عنده قدرا من التوتر البارد قد يدفعه إلى البحث القاصر المحدود.
إن التقليد لا يعني حرفياً مجرد قبول قول الغير بلاحجة , كما عرفه علماء الأصول , ولا يعني مجرد محاكاة الغير ومتابعته , كما هو في العرف السائد, لكنه تلك الحالة الذهنية السكونية.
فالمجتمع النقلي التقليدي ,هو الذي يشكل خطراً على حيوية التراث والأمة والإسلام, وليس المجتمع المشاغب والمجدد , العقل المنفتح المتسائل, بمعنى آخر فإن المجتمعات والذهنيات النقلية المهزومة , هي التي تخشى فتح باب النقاش والحوار والتجديد , والإيمان بالآخر وقبوله والاستماع له, وتحليل مشاكلها الفعلية, وتسمية الأشياء بأسمائها , أي أن المجتمعات / العقول , المحافظة التقليدية, المنغلقة على أحادية الرأي والتفسير والفهم للدين , هي التي تتعامى عن مشاكلها وفي أحسن الأحوال تلمح لها تلمحيا , دون ان تجرؤ على مواجهتها , وجها لوجه, يضاف إلى ذلك أن الفئات المهيمنة على حراك العقل العام الجمعي والمحافظة , ذات الامتيازات , تحاول الحفاظ على الوضع القائم المائع , لأنه يطيل أمد هذه الأمتيازات , وبالتالي تقف في وجه فتح أي سؤال , له معنى أو تفكير خلاق.
من خلال المبدأ الفقهي القديم ( لااجتهاد فيما فيه نص) يُحكم الفقه المعاصر الحصار على النصوص , لتنفرد فئة الفقهاء بسلطة تأويلها وتفسيرها، وبذلك تحتكر هذه الفئة القدرة على التمييز بين القُدسي والمحظور , وتهيمن إثر ذلك على الأسلوب الذي تنتج عبره المنظومة الفقهية تفسيرها للدين والدنيا , في زمن تحتويه منظومةُ التناقضات لتؤسِّس لثنائيات يتفاعل فيها السلبُ والإيجاب، - ما هو شرعي وما هو وضعي، ما هو مقدس وما هو مدنس، - تشكِّل هذه النظرةُ أساسَ تقويضٍ دائم لمسلَّمات الإنسان المسلم الذي تأسَّست نظرتُه إلى العالم ضمن ثقافة إسلامية باتت اليوم تستهلك الإطارَ الفقهي الكلاسيكي، وهي عينها التي يُطلَب منها اليوم استيعابُ الواقع الحضاري الجديد , إن المد الحضاري الراهن والقادم , يستوعبه الزمن الكوني بكل متغيراته وتقلباته وأحدوثاته , وبذلك يعلم سرّ ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه , انّه قال: إنّ القرآن يفسره الزمان , فكما أنّ الزمان يفسر الحقائق الكونية الواردة في القرآن الكريم , فكذلك يفسر إتقان تشريعه في مجال الفرد والمجتمع .
والمدافعون عن سلطة التوارث النقلي , تضعف حجتهم أمام المعرفة اليقينية القارة التي يتوافر عليها النص القرآني والقائمة أصلاً على تمكين العقل من منح اجازة العبور الى الإيمان أصلاً , وانّ الاكتناز الحواري الاقناعي في القرآن الكريم في تحديد المساحة الفاصلة ما بين الايمان والشك يستند الي القيمة العقلية للبشر، حيث تتحول لديهم الى وسيلة فحص واكتشاف, وكانت مادة (العقل) وفعلها ( يعقلون) قد وردت في القرآن الكريم 49 مرة مقارنةً مع مادة فكر و(يتفكرون) التي وردت 18 مرة ومادة فقه و(يفقهون) الواردة 20 مرةً.
مشكلة العقلية النقلية أنها محاصرة بالماضي , تتقن لغة الموتى , أكثر مما تتكلم لغة الأحياء , تتلمس الحلول لأزماتها من اشباح ماضية , بينما العصر يموج بالتحديات الحاضرة , بعلومه وبأدوات قراءة جديدة لكل معطياته , ففرق كبير بين عقل يقرأ النص بعيون الماضي وأدواته , وعقل يمتلك أحدث آليات القراءة يشرف بها على النص , فرق في المقدمات وفرق في النتائج
( لازمتي )
إقرأ + فكّر بما تقرأ + لاتستسلم لما تقرأ = الآن اصبحت إنسان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.