أقرأ قبل فترة في كتاب شيق لأحد المؤلفين المعاصرين، وكان مما لفت نظري حديثه بأسلوب شيق عن التميز الذي تميز به مجتمعنا المسلم من ترابط وتراص وتكاتف وتعاضد، تطبيقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، وهذا ما جعل المؤلف يضرب مثالاً لذلك في التعاون بين الجيران وسؤال بعضهم عن بعض إذا افتقدوا أحدهم في المسجد أو لم يجدوا سيارته أو غير ذلك من الأشياء التي تدل على انقطاعه، مما يحتم السؤال عنه. المهم أن المؤلف راح يسرد القصص التي تؤكد على تعاطف المجتمع المسلم مع بعضه في جميع الظروف الحياتية، وراح يضرب أمثله على ذلك، وفي المقابل تحدث كثيراً عن تشتت المجتمعات الغربية غير المسلمة وعدم تكاتفها مع بعضها البعض إلى درجة تصل إلى الانحلال، وكان من الأمثلة التي ذكرها أن طالباً في إحدى الدول الأوربية كان يتردد على صندوق البريد الخاص به قرب منزله وفي إحدى المرات لمح فتاة كانت قادمة لفتح صندوق البريد الخاص بها فوجدت امرأة عجوزاً جاءت لفتح الصندوق الخاص بها، ولما تقابلا تعانقا طويلاً وهو يراقبهما، ولما انصرفت العجوز تحدث مع الفتاة عن هذه العجوز وسألها من هي؟ فقالت هذه أمي لم أرها منذ عشر سنوات، فحمد الله على نعمة الإسلام الذي حث على البر بالوالدين، كما ساق قصة أخرى وهي أن رجلاً عجوزاً كان يسكن وحيداً في منزله وتوفي فجأة وهو داخل المنزل ولم يعلم به أحد حتى لفت نظر البوليس أن علب اللبن التي يجلبها كل صباح بائع اللبن قد تجمّعت عند باب العجوز بالعشرات ولم يأخذها فعلموا أنه توفي، بالرغم من أن جيرانه يرون ذلك كل صباح ولم يعره أي منهم اهتماماً، وكذلك صاحب اللبن لم يسأل نفسه لماذا لم يأخذ العجوز العلب، وهذا دليل على تفكك بعض المجتمعات الغربية. المهم تذكرت ذلك حينما حدثني من أثق به أن بعض من امتهنوا السرقة هذه الأيام وخاصة الذين تم القبض عليهم وتم استجوابهم، فكانت المحصّلة النهائية أن أسلوب السرقة الذي يقومون به أسلوب احترافي خطير، وقد يغيب عن أذهان الكثيرين منا وخاصة من يعمد إذا سافر أن يضيء المصابيح الموجودة في منزله ليوهم السارق أنه موجود، لذا فليعلم الجميع أن هذا الأسلوب قد تم كشفه، بل الأدهى من ذلك أن تتسبب مطبوعة أسبوعية مشهورة في سرقة معظم المنازل، حيث أجمع معظمهم ومن خلال التحقيقات أنهم يقومون بسرقة المنزل بعد مراقبة دقيقة لتلك المطبوعة التي تصدر كل يوم جمعة، وتعمد الشركة الموزعة لها إلى وضعها في كل باب من أبواب الحي، فإذا مضى على تلك المطبوعة أكثر من يوم وهي معلّقة بالباب دون أن تؤخذ، علم هؤلاء المجرمون أن صاحب المنزل غير موجود فيقومون بسرقته وفي وضح النهار . والسؤال: ألا يحق لنا كمواطنين أن نقاضي مثل هذه المطبوعة والقائمين لتحملهم مسؤولية كل ما يسرق من المنزل جراء تسهيلهم لمهمة السرقة دون أن يعلموا بذلك، لا لشيء إلا لأنهم يقتحمون خصوصية المنازل دون إذن أهلها. فهل يتم اتخاذ إجراءات كفيلة بالقضاء على تلك الظاهرة؟؟ أرجوا ذلك. أسعد الله أوقاتكم. عبدالرحمن بن محمد الفراج [email protected]