القصة التي نشرت في الحياة ونشرتها (عاجل ) عن المبتعث السعودي في فرنسا ، بقدر ما تشير إلى المنزلة من الهوان التي بلغها الإنسان العربي والمسلم لدى الأمم الأخرى ، تشير أيضا إلى المنزلة التي انحدر إليها أولئك القوم الذين يدعون أنهم أسياد الحضارة ومركز الكون . ما حدث للمواطن السعودي وعائلته ، إذا ربطناه بما حدث للمبتعث الآخر في بريطانيا، يؤكد أن هناك أزمة فعلية في نظرة الآخر لنا . والأدهى أن تتحول تلك النظرة إلى ممارسات لفظية وجسدية ضدنا ، تغذيها العنصرية ، ومكنة إعلام ضخمة ، لا تهدأ تحركها قوى خفية . القصة تتلخص بأن الأخصائية الاجتماعية في أحدى المدارس الفرنسية لاحظت أثر ضرب على جسد إبن المبتعث السعودي ، فأحالت القضية إلى الشرطة بدعوى أن الابن تعرض للتعذيب الجسدي من قبل الأب ، وفي مركز الشرطة تعرض الأب لكثير من الإهانات ؛ منها تجريده من ملابسه ، كما تم تحويل أبنائه وبناته إلى عائلة بديله ، وهي عائلة فرنسية. وفي الأخير تم تبرئة الأب من التهمة .. الغريب أن المعتدين هذه المرة ليسوا مواطنين عاديين ، أو من مراهقي الشوارع و بلطجية الحارات ، وإنما تم ذلك من خلال السلطة، ممثلة بالمدرسة ، وبمركز الشرطة . في حين حادث بريطانيا تم بغض الطرف من قبل الشرطة ، وكأنهم يقولون لهم اذبحوهم ، سندعكم تذهبون وتقضون وقتا ممتعا في البار القريب من موقع الجريمة. كأني بهم يقولون أنتم لستم جديرون بتربية أولادكم .. سوف نربيهم لكم .. تصور حجم الإذلال العائلة الحاضنة فرنسية.. لماذا لم تكن عربية .. تخيل الفارق الحضاري .. صغار سعوديون وسط عائلة فرنسية لمدة أسبوعين ..معذورة الأم ولو تفطر قلبها.. فرنسا جان جاك روسو ، فرنسا بلزاك ، فرنسا منتسكيو ، فرنسا حقوق الإنسان ، فرنسا الأنوار ، فرنسا الإخاء والعدالة والمساواة، فرنسا التي بهرت ذلك الشيخ المعمم رفاعة الطهطاوي في بدايات القرن الماضي ، والتي أحبرت الإمام محمد عبده على إطلاق مقولته الشهيرة رأيت إسلاما بلا مسلمين.عندما رأى كثير من الأخلاقيات التي ينادي بها الإسلام تطبق هناك ... أين ذهبت تلك المعاني الجميلة !؟ كم هو مؤلم أن تكون تهمتك الوحيدة أنك عربي ، أسود الشعر و العينين ، أسمر اللون .. يحدث ذلك في فرنسا ، وليس أمريكا التي مازالت تحت تأثير الضربات التي ضربتنا أكثر مما ضربتهم ، وأوجعتنا أكثر مما أوجعتهم ، وأسقطت عاصمتين إسلاميتين بدل عمارتين سيشيد مكانهما معلما أكبر وأعظم ويبقى الخراب يعشعش في بغداد وكابول. كان المواطن السعودي ، قبل أحداث 11سبنتمبر مرغوبا ومرحبا فيه في كل بلدان العالم ، ، وكان يسافر بلا تأشيرات مسبقة لكثير منها ، ويعبر بوابات المطارات بسلام آمناً مطمئناً ، ويحظى باحترام الجميع ، أما اليوم فصار السفر إلى بلاد الغرب قطعة من نار ؛ أنت سعودي فأنت متهم.. إرهابي.. جسدك مدجج بالمتفجرات .. وعليك أن تدفع ثمن ذلك من وقتك وأعصابك .. وبعد أن تصل ستأكلك نظرات الريبة والشك والاحتقار ، هذا إن سلمت من هراواتهم ومسدساتهم ، كما يحدث الآن في فرنسا وبريطانيا فرنسا التي تخاف من الغزو الثقافي الأمريكي لها وجه آخر قبيح لها ماض استعماري أسود ، وكان أبشع أنواع الاستعمار وهو الاستعمار الثقافي المتزامن مع العسكري .. فقد جثمت على الجزائر قرن كامل حاولت أن تمسخ شخصيتها ولكنها فشلت . وهاهو الوجه القبيح يظهر في عهد ساركوزي المأخوذ بالكاوبوي الأمريكي الذي كشر عن أنيابه بعد 11 سبتمبر. السفارة السعودية الآن تقوم بواجبها تجاه رد الاعتبار للمواطن السعودي ، وأرجو أن تنجح في ذلك. ولكن الذي أخشاه أن تكون مثل هذه الأحداث التي وقعت في أوربا وأمريكا ظاهرة ، وليست حوادث فردية . وهنا نحتاج إلى عمل مؤسسي كبير ، يدفع عنا غائلة ذنب لم نرتكبه. ثم من يرد لنا اعتبارنا أمام الرأي العالمي الذي يعتبرنا إرهابيين حتى يثبت العكس. مما قاله الهدهد: إذا كأن الأسد نائما وقدر لك أن تمر بجانبه فتأكد أنك لا تضغط على أصبعه فإن استيقظ فسوف يلتهمك ، إذا دعه نائما حتى تنبت مخالبك. ولكن إياك أن تسعى إليه في عرينه لتجرحه فإنك لن تدميه بقدر ما تجعل من جسدك أشلاء يتطعم بها. --------------------------------------------------------------------------------------------------------------- تعليقات الزوار فاهم اقف رافعا التحية لهذا المقال المنمق الجميل الواقعي ...اين انت ياعبدالله من زمان بريدة تحتاجك.. منى المحمد لغة التواصل مع الغرب كانت قائمة على اساس ضعيف لذلك فالمواقف تعصف بها كل مرة صالح الاحمد ابدي اعجابي بالمقال واشكر للعرفج المميز هذا المسار الكتابي الرااااائع بريداوي يوما بعد اخر تبهرني ايها الكاتب الجميل لكن لي وقفة معك.. الاتعتقد ان قوة السعودية وثقلها كافية لان تكون بالمرصاد لكل خطأ من مواطنيها؟؟ عبد الله العرفج شكرا للأخوة والأخوات الذين عانقوا حرفي و لم يكتبوا، وشكراً للذين حرضهم حرفي ليكتبوا، وللبريداوي أقول معك حق ولكن ألست معي بأن الشق أوسع من الرقعه ؟ ،، نحن في زمن كسر الحدود ،، نحن في زمن العولمة والنظام العالمي الجديد،، سنعود يوما خبرني العندليب ،، لكم ألف تحية ونلتقي على حرف ابو فايز أقول الله يعطيك العافية على هذا المقال يا أخ / عبد الله .. ولكن أقول عش وتشوف .. ابو فايز قلب وطن باديء ذي بدء اشكرالكاتب على ماسطر قلمه في تحليل للمشكلة والتي اصبحت ظاهرة ... إذآ ...... لنعيش بعضآ من هذه الحالات ونحللها أكثر ونجعل لكل مشكلة سببآ إفتراضيآ مثلآ .... وأقول عندما صخر ساسة فرنسا وغيرهم \" الاعلام\" لتشويه الاسلام والمسلمين وجعلنا في أواخر الصفوف هل قابلنا هذا الاعلام المشبوه بأعلام صحيح وواضح يبث كل ماهو ايجابي عن حياة الاسلام والمسلمين ... ناهيك عن الذين يسافرون غربآ وشرقآمن أبناء المسلمين وهم سفراء لهذه الامة ماذا خلفوا ورائهم من مهازل وصور مقززه يرسمونها عن الاسلام ومن مشاهد مضحكة وبالاخير نلوم حظنا على مافعله هؤلاء المتسلطين !! لابد ان نعترف بالخطأ فالاعتراف هو أول التصحيح للافضل ....... وشكرآ مره اخرى راعي الطيب إن تداعيات 11 ديسبمر جلبت لكثير من الشباب العربي وخاصة السعودي مضايقات من جميع النواحي , أنت سعودي إذًا أنت متهم بالإرهاب , لا لشي إلا لأنك سعودي !!! إنه لشيء يحز في النفس أن نعامل يهذه الطريقة البربرية الهمجية , وللأسف من دول تدعي الحضارة والديموقراطية , لو كانت هذه المضايقات من الشعوب الغربية لم نتضايق كثيراً , لكن أن يصل الأمر إلى الحكومات فهذا شي يبعث في النفس الضيق والحزن ... شكراً أخ عبد الله على هذا المقال الأكثر من رائع ,,, دمت بود