الحديث عن الصالحين لايمل والنفوس تتشوق إلى معرفة أخبارهم و يدفعها فضول محمود إلى تتبع احوالهم وسيرهم ، ومهما اطال المرء في سرد ذكرياتهم فلا يعد إسهاباً ولاإطنابا بل تدوين مناقبهم سنة ماضية عند أهل العلم المتقدمين والمتأخرين فصنفوا فيها المصنفات وذلك لعظم الأثر المترتب على معرفة سير القوم ، ومن الذين نحسبهم من الصالحين ولانزكي على الله احدا الشيخ محمد بن عبدالرحمن الدوسري إمام جامع الجربوع في جنوب مدينة بريدة منذ مايزيد عن ثلاثة عقود زمنية حيث كان له دور فاعل داخل الحي وأنموذجاً للإمام القدوة ، فقد تواطأت قلوب الجميع على حبه وإجلاله فالجميع يستفتونه ويستشيرونه ويسرون اليه بأمورهم وأحوالهم ، فكان يدعوهم إلى الله ويعالج مشاكلهم عبر خطبه الجمعه ومواعظة ودروسه التي يتخول الناس فيها مخافة السآمة والملل ولازلت اختزل في ذاكرتي ختمة القران في صلاة التراويح في شهر رمضان ونحن ننصت له وهو يتلو آيات القران في صحن المسجد ويردد الايات بصوته الجميل ثم يختم الصلاة بقنوته ودعائه المؤثر فقد كان ذا عبادة وتأله ولهج وشغف بالمحبة والإنابة والاستغفار والاقتصاد إلى الله والانكسار والانطراح بين يديه على عتبة عبوديته. ولقد كان لي شرف التتلمذ على يديه فكانت له أساليب بديعة في التربية ومن أبرزها: 1 التربية بالقدوة فكنا نتشرب ملكات الخلقية ونتأثر بأفعاله قبل أقواله ، يذكر أن مجلس الإمام أحمد كان يحضره خمسة الاف خمسمائة يكتبون والباقون يستمدون من سمته وخلقه وأدبه ، وكما قال يونس بن عبيد:كان الرجل اذا نظر الى الحسن البصري انتفع به وإن لم يسمع من كلامه ولم ير من عمله ) او كما قال ابوبكر المطوعي يقول ( اختلفت الى ابن حنبل 12سنه وهو يقرأ المسند فلا كتبت حديثاً واحداً إنما كنت انظر الى هديه وأخلاقه) ونحن كذلك كنا مع شيخنا الدوسري نقتدي به ونشم منه عطر السلف ونأخذ بتوجيهاته وإرشاداته فما اعذب كلامه وما انداه . 2 من اساليبه الطيبة محبة للرفق وكرهه للعنف ويستعمل اهون العبارات والينها مما جعله قريباً جداً من تلاميذه ، ولايعاتب مباشرة كأن بين عينيه ترجمة البخاري في كتاب (الادب ) باب من لم يواجه الناس بالعتاب. 3 كان من توفيق الله له يعتني بتربية الصغار وتوجيههم من خلال تدريسهم القران وهذه من السياسة الشرعية فدائماً يؤكد على بر الوالدين والحرص على الصلاة فكان يتفقدنا في صلاة الفجر ونحن ابناء السابعة وكثيراً مايردد الحديث الذي ساقه البيهقي بإسناده في السنن الكبرى ( علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين واضربوه عليها ابن عشر ). 4 كان مظهراً للسنة على منهج السلف الصالح يتجنب مواطن الخلاف الذي يؤدي الى التنازع ويوصي بالوسطية ويؤكد على إحترام العلماء والترحم على اصحاب المتون قبل القرأة 5 كان من بديع اساليبه التربية بالقصة واستخلاص الفوائد ويحرص على الحوار والنقاش معنا ومن الأشياء اللطيفة كان يناديني بصفة الأبن فكان أشبه مايكون بالوالد في شفقته ولطفه ولا أنسى حينما شاهدته يهم بالدخول لمدرستنا في الصباح الباكر فدفعني الفضول للسؤال عن سبب حضوره فقال وهو يتهلل ويضحك اطمئن على دراستك فلم يكتفي بالتوجيه والتعليم بل بالمتابعه والملاحظه. أخيراً وليس آخراً إن الدافع لتدوين هذه اللمحات واللطائف في سيرة الشيخ الدوسري لتكون معالم قدوة كما قال الغبريني ت714 في مقدمة كتابه عنوان الدراية ( وذلك ليعلم طالب العلم الأئمة الذين بهم يقتدى وبسلوك سننهم السوي يهتدى ) ولو ادرك الحافظ ابونعيم الأصبهاني هذه النماذج لوضعها في حلية الأولياء . وفي الختام ابتهل إلى الله العظيم بأسمه الكريم وعرشه العظيم أن يسبغ على شيخنا الصحة والعافية وأن يمده بالقوة وصلى الله وسلم على نبينا محمد . مدير مركز علاقات الإنسان بالقصيم عبدالملك بن عبدالوهاب البريدي -------------------------------------------------------------------------------- عبد الرحمن محمد الدوسري أشكر في هذه العجالة من لاينسوا لأهل الفضل فضلهم , أشكر الأستاذ عبد الملك على هذه السيرة عن الوالد شفاه والله , جعلنا الله وإياكم ممن يكون خير خلف لخير سلف ياسر بن صالح الدوسري نشكر الأستاذ عبد الملك على جهده ونسأل الله لجدي العزيز بالشفاء العاجل فهد اللاحم صدقت فيما قلت و أجدت فيما طرحت فقد كان له طيب الأثر على الجميع و كان أنموذجاً يحتذى به و قدوه دمث الخلق شفاه الله و عافاه و لاننسى أبزر أبناء الأسره العلميه الشيخ الدكتور/عبدالله الصالح الدوسري (أبوعاصم) رحمه الله فقد كان مضرب المثل في التواضع الجم و الأخلاق الحميده و لم يغيره منصب و لا مركز فقد كان محبوبا من الجميع و مازال ذكره الطيب يتردد بين الجميع و الدعاء له بالمغفره شكر لك عبدالملك و آسف على الإطاله