من دون شك إن إلغاء الكفيل يمثل الخطوة الأولى لتصحيح حالة سوق العمل السعودي، حيث تسبب نظام الكفيل في تشوهاته وإرباك أساسياته، وزيادة عرض العمالة الوافدة على حساب العمالة الوطنية وأجورها، إن علينا تجاوز مرحلة سيطرة صاحب العمل على العامل الوافد إلى مرحلة تسود فيها روح المنافسة، ما يرفع نسبة التوطين من إجمالي المشتغلين في سوق العمل إلى النسبة النظامية، كما ورد في الفقرة (2) من المادة (26) من نظام العمل، والتي تلزم صاحب العمل بتوظيف السعوديين بما لا يقل عن 75 % من مجموع عماله. وأوضح تقرير الهيئة العامة للإحصاء للربع الأول في 2020، أن عدد المشتغلين السعوديون (19755214)، بينما بلغ عدد العمالة الوافدة (6,725,379) أي إن نسبة السعودة (29 %) وأقل من النسبة النظامية (75 %). وإذا ما نظرنا إلى نسب المشتركين في التأمينات الاجتماعية والمهن التي يشغلونها، سنجد تحسننا محدود في توطين المهن، إلا إن غالبية المهن مازال يسيطر عليها الوافدون مثل؛ الفنيون في المجالات العلمية والفنية والإنسانية 54 %؛ مهن الخدمات 11 %؛ مهن الزراعة وتربية الحيوان والطيور والصيد 7 %؛ مهن العمليات الصناعية والكيميائية والصناعات الغذائية 26 %؛ المهن الهندسية الأساسية المساعدة 12 %؛ مهن أخرى 5 %، أي مازال يوجد بهذه المهن (6,099438) وافدا. ومن المستغرب أن تجد المهن الهندسية الأساسية المساعدة يعمل بها 1,591,669 وافدا، بينما عدد السعوديين 191,249، ونحن نشاهد عددا كبيرا من المهندسين السعوديون يبحثون عن هذه الوظائف. وبهذا سيصبح إلغاء الكفيل خطوة حاسمة في سوق العمل السعودي، إذا ما ارتبطت بإجراءات نظامية تقيد بقاء الوافد لمدة محددة حتى لا يزاحم العمالة الوطنية، حيث إن الهدف المنشود هو توطين الوظائف من قمة الهرم حتى أسفله، وأن يبقى عرض العمالة الوافدة فقط لسد فجوة النقص في عرض سوق العمل مقابل الفائض في هامش الطلب، بعد اكتمال تشغيل السعوديين. وهذا سيعزز توظيف السعوديين ويرفع كفاءة السوق بتحوله من سوق غير منظمة إلى سوق عمل منظم ومنتج، لا يستطيع أن يتخفى المتسترون والمتستر عليهم في زواياه أو من يتهرب عن دفع الزكاة والضريبة. إن إلغاء الكفيل مطلب وطني يهدف إلى المحافظة على حقوق العمال وتعزيز منافستهم في سوق العمل، ورفع إنتاجيتهم وكفاءتهم داخل منشآت القطاع الخاص. وباستطاعة المنشآت تعويض أي نقص في عرض العمالة الوافدة بتوظيف المزيد من السعوديين العاطلين والباحثين عن عمل مباشرة ومن دون تحمل تكاليف الاستقدام، ما سينعكس إيجابا على خفض معدل البطالة كأحد أهداف رؤية 2030. وهنا تبرز أهمية القيمة المضافة الاقتصادية إلى سوق العمل من خلال تشغيل السعوديين، الذين سينفقون أجورهم على السلع والخدمات التي يقدمها نفس القطاع، بدلا من العاملين الذين يصدرون أموالهم إلى الخارج، ما يعزز نمو القطاع الخاص وتوسعه حاضرا ومستقبلا.