قام 12 مشاركاً في زيارة لمنطقة حرة الشاقة مشياً على الأقدام وذلك ضمن برنامج لاتترك أثر التابع للهيئة العامة للسياحة والآثار والذي يشرف عليه المهندس مروان محمد عايد المرواني في محافظة أملج وذلك من أجل تطبيق المبادئ السبعة لبرنامج لاتترك أثر كتجربة أولى تطبق على مستوى المملكة .. ونترككم الآن مع التقرير الذي أعده المهندس مروان محمد عايد المرواني : بدأ الاستعداد لهذه الرحلة مبكرا بالتنسيق مع الأخ بدر الباز احد مشرفي برنامج لاتترك أثر في الهيئة العامة للسياحة والآثار ,
لكونها المرة الأولى في المملكة التي تطبق فيها المبادئ السبعة لبرنامج لاتترك أثر بهذه الطريقة , بدا البحث عن المشاركين وكانوا كثر ولكونها الأولى اكتفينا بعدد 12 مشارك فقط , لتقييم التجربة لاحقا , اخترنا منطقة المقراه في حرة الشاقة مكانا لتنفيذ البرنامج لكونها منطقة طبيعية جميلة ونادرا ما تصلها السيارات وتحوي غطاء نباتي محمي بالإضافة للأعداد الكبيرة من أشجار السمر , وللمشي في هذه المنطقة فأنت بحاجة لدليل وخبير فيها ولا اعرف دليلا أكثر دراية من الأخ والصديق هليل بن عودة المرواني , فهو ابن هذه المنطقة , فقد ولد وترعرع فيها وقطع أراضيها على قدميه وعلى ظهور الإبل , وهليل يسكن قريبا من الشاقة ولديه أطفال يدرسون في قرية المارامية التي تبعد حوالي 35 كم عن سكنه ويزورهم كل فترة , وكان الجوال هو وسيلة الاتصال , وتم الاتصال به في المارامية وإخباره بالمشروع وأبدى سروره واستعداه للمشاركة وتم الاتفاق على التجمع عنده يوم الأربعاء 24/2/1433 ه في مسكنه في البر وتناول طعام العشاء , وقد كانت خطتي أن نبدأ المشي من روضة العقيلة والالتفاف حول جبل عاصمة والمشي بين حرة الشاقة والجبال ( اللوى ) هكذا يسمى محليا , والوصول لروضة العمقة والمبيت والعودة في اليوم التالي , ولكن هليل اعترض على هذه الخطة لبعد المسافة والتي تقدر بأكثر من 30 كم ويخاف على المشاركين من التعب وعدم تحمل المشقة , وبحكمة البدوي وحرصه , وضع هليل خطة جميلة تقضي بأن يتم الذهاب بسيارتين فقط وإيقافهما في المنطقة المطلة على العمقة ,( وسميت العمقة لكونها الحد الفاصل بين سهل تهامة والشفاء والوصول لها يكون بالنزول , وهي أشبه بالحفرة ) , والنزول إلى العمقة والمشي لمسافة 6 كم تقريبا والتجول في تلك المنطقة والتخييم والاستمتاع بجمالها والمبيت هناك , وفي حالة عدم قدرة احدنا على مواصلة الرحلة يمكنه العودة للسيارة , فهو لا يعرف لياقة المشاركين وقوة تحملهم على حد قوله ,, ووضع سيارة في نقطة النهاية التي تبعد عن نقطة الانطلاق بمسافة 20 كم . صورة جوية لحرة الشاقة والعمقة
تم الاتصال بالإخوة الراغبين في هذه الرحلة وكان اثنان منهما من جدة وينبع , ونظرا لارتباطهما بإعمال فقد تقرر ذهاب البقية عصرا إلى هليل وأنا أكون بانتظار من يأتي من جدة وينبع , بدأ التجهيز لشراء الخيام البلاستيكية الصغيرة وفرش النوم وأكياسه والشنط وقد كان دور الأخ محمد حمدان الحمدي في هذا الأمر مميزا وسهل علينا الكثير من الجهد و كان لنا نعم المستشار والمعين , ولولا ظروفا خارجة عن الإرادة لكان أول المشاركين .
في صباح يوم الأربعاء
تم تجهيز مستلزمات المشاركين من شنطة ظهر وكيس نوم وفرشة أرضية وخيمة , وتم شراء لوازم الرحلة من أكل وماء وقد كانت كل وجبة مكونة من التالي :
بالإضافة لعبوتين من الماء سعة 1.5 ليتر وعبوة سعة نصف ليتر , وصل الأخوة من جدة وينبع بعد صلاة المغرب وانطلقنا مباشرة إلى مسكن هليل في قرى التي تبعد عن املج قرابة 80 كم , عند وصولنا كان الجو باردا جدا و بحفاوة هليل وحسن استقباله تحولت خيمته البسيطة إلى مكاني دافئ , وكانت درجة الحرارة 5 درجات , كما هو مبين
وبعد تناول العشاء على ذبيحة سمينة ( جاد الله عليه ) بدأ السمر
والحديث عن برنامج لا تترك أثر وشرح مبادئه السبعة المعروفة :
1- التخطيط والاستعداد للرحلة 2- -اختيار المسارات وأماكن التخييم 3- التخلص الأمثل من الفضلات والنفايات 4- اترك ما تجده دون تغيير 5- حسن التعامل مع الحيواناتالفطرية 6- الحد من الآثار السلبية لإشعال النار 7- مراعاة مشاعر السكان والزوار
وعند الحادية عشرة خلدنا لنوم عميق نكافئ به أجسادنا على ما بذلناه من مجهود خلال اليوم , استيقظنا في الساعة السادسة على صوت احدنا يؤذن لصلاة الفجر وأشعلنا النار وقمنا بجلب الماء وتدفئته للوضوء وبعد الصلاة جلسنا حول النار جميعا وقام هليل بدق القهوة بالهاوند وصنعها باحترافية البدوي المعهودة ,
كان الإفطار تشكيلة من التمر و الجبنة والمربى وبقايا لحم من الليل , والأخير كانت مثار استغراب البعض ؟؟ ,
كان يرافقنا ويقدم لنا الدعم اللوجستي ثلاثة من الأصدقاء هم : الشيخ محمد بن سليمان الكبيدي والأخ ماجد محمد عايد المرواني والأخ نايف مسلم الكبيدي وقد قاموا بإيصالنا لمنطقة الانطلاق وإيقاف سيارة عند نقطة النهاية ,
في الصباح وعند الانطلاق لفت انتباهنا اهتمام هليل بنظافة مكانه وحفاظه على البيئة من خلال عدم رمي أي مخلفات في البر و فقد خصص كيسا للمخلفات
وعند تجميع عدد منها يقوم برميها في حاويات النظافة في أملج أو المارامية , كذلك حرصه على عدم رمي الأسلاك التي تربط حول حزم البرسيم .
في الثامنة اتجهنا شرقا حتى وصلنا وادي ضراس واتجهنا جنوبا ( سنود ) وفي الطريق كانت هناك بعض المشاهدات العجيبة من تشكيلات اللابة البركانية
وصلنا لقاع السحمية ووجدنا فيه محطة لرصد الزلازل بجوار الصدع الذي حدث في زلزال 1430
صورة من أعلى محطة الرصد ويبدو الصدع في الوسط
حجم الصدع
ولا بد من حدوث بعض المنغصات في كل رحلة
بعد تغيير الإطار انطلقنا لأقرب مكان للعمقة ويسمى روضة الغربانية , وقمنا بتوزيع المستلزمات والماء على الجميع
والتقطنا صورا تذكارية للرحلة
والمشاركون من اليمين هم : مروان محمد المرواني , فهد عودة المرواني , رائد على النزاوي ,زياد مساعد القوفي , سلطان هليل المرواني , فائز محمد العنزي , احمد عيد الحمدي , هليل عودة المرواني , وائل الياس قاسم ,ابراهيم سعيدان السناني ومشعل محمد الكبيدي .
قام هليل بشرح الطريق ومسالك المشي لليوم وغدا ,
بدأت مسيرتنا بعد التوكل على الله بالنزول للعمقة وسلكنا جادة للإبل وهي الأسهل غالبا وكان منظر العمقة من اعلى جميلا
وللمعلومية فإن العمقة روضة طولها حوالي 6 كم وكان الناس قديما يزرعونها على الأمطار وكانوا يحرثونها بواسطة الإبل وينزلون بها بحلالهم , وقد زرتها في إحدى السنوات وقت الربيع وكان منظرا جميلا لا ينسى ,
أثناء نزولنا كان الجو جميلا تتخلله نسمات باردة لم تجعلنا نشعر بالتعب و رغم أن قاعدتنا كانت تقضي بطلب الراحة إذا شعر احدنا بالتعب , فواصلنا المسير دون توقف إلى مكان التخييم ,
منظر للجبال المحيطة بالعمقة
بعد وصولنا لمنطقة التخييم قام الجميع بنصب خيمته وترتيب مكانه
بعد استراحة قصيرة قام البعض منا بالتجول بالمكان واكتشافه
وفي الجهة الجنوبية من العمقة يمكنك أن ترى حلا أبو نار الشهير
وقد رأينا الكثير من التشكيلات البركانية
بعد الجولة الحره عدنا لمكان التخييم وأشعلنا النار بغرض عمل الشاي ,
وهنا
نستوقف لتفسير هذه الصورة
عند استعدادنا لنزول العمقة سأل هليل عن الشاي فهو لا يصبر عنه , فقلت له إني معي شاي وسكر ولا يوجد براد فقال لا يهم لعلنا نجد براد قديم ونصنع فيه الشاي , وعند تجولنا وجدنا هذه القدر وقام الأخ وائل بتنظيفها وغسلها وتعقيمها بماء مغلي , ومشكلة الكاسات وجدنا لها حل بعلب الماء التي معنا بعد قصها نصفين وبحثنا حولنا ووجدنا كاسين وكان أفضل شاي شربناه في حياتنا ,
بعد تناول الشاي و حديث عن مسميات الجبال المحيطة بالعمقة وكذلك بعض الذكريات , حان وقت صلاة المغرب فجمعناها مع العشاء تقديما ,
كان الجو في تلك الليلة باردا جدا رغم ملابسنا الثقيلة وقد ساعدنا وجود الحطب بكميات كبيرة على جعل النار مشتعلة طوال الوقت , فالمنطقة كما أسلفنا شبه محمية طبيعية ومن الصعب الوصول لها وبالتالي ساعد هذا على الحفاظ على الأشجار المعمرة , لدرجة أن بعض الأشجار الكبيرة خاصة السيال تجدها ميتة ولم يؤخذ منها شئ , بعد الصلاة قام كل منا بتناول ما يحلو له من طعامه والتجمع حول النار وسماع الحديث الذي لا يمل من دليلنا هليل بن عودة , في الساعة التاسعة تماما خلد اغلبنا للنوم بعد تجهيز منامه
في الساعة الثانية عشرة صحوت من شدة البرد ووجدت هليل مستيقظا لنفس السبب فقمنا بشب النار ووضع الهشيم الكبير والنوم بجانبها , وكنا نغفو وعندما تخمد النار يوقظنا البرد لوضع حطب جديد ,
وفي الخامسة فجرا أخذ البعض يخرج من خيمته مقتربا من النار بعد أن خسر معركته مع البرد , فكان حديثا شيقا تخصص بمعاناة كل منا مع البرد ,
عند الفجر أدينا الصلاة وقمنا بعمل الشاي وتناول الإفطار وتركنا المجال لأخذ قسط من الراحة ,
عند الثامنة والنصف استعدينا لمواصلة الرحلة فقام كل واحد بجمع لوازمه وتجميع مخلفاته في شنطة ووجدنا مخلفات لأناس قبلنا فقمنا بجمعها ووضعها في كيس بلاستيك وحملناها معنا ,
وقبل الرحيل تم تعريف المجموعة بالطرق الصحيحة للتخلص من آثار اشتعال النار كما هو مبين
في التاسعة تماما كان انطلاقنا باتجاه الشمال صوب منطقة الشويطن وهي في الجهة المقابلة لمكان نزولنا وترتفع عن مستوى العمقة كثيرا , ويتطلب الوصول لها عبور العمقة وقطع مسافة لا تقل عن خمسة كيلومترات , وكانت الهمة عالية والجميع يتمتع بالنشاط
وبعد ساعة توقفنا للراحة
وبعدها واصلنا المسير نحو الشويطن واقتربنا من الريع المؤدي له
وسلكنا طريقا سهلا عبر جادة للإبل
ورغم هذا إلا انه كان متعبا وتوقفنا فيه للراحة ثلاثة مرات
ومن الملفت أن لياقة هليل كانت قوية وهمته عالية ما شاء الله
وصلنا للشويطن ويتبين من الصورة قاع العمقة بالخلف والارتفاع الذي وصلنا له
بعد الوصول للقمة أخذنا قسطا من الراحة وواصلنا بعدها المسير في الشويطن الذي يتكون من وادي جميل تكثر فيه الأشجار ونبات الضرم
كانت خطتنا كما أسلفنا من يشعر بالتعب يطلب استراحة
واصلنا المسير وسط أجواء جميلة ودرجة برودة تساعد على عدم الشعور بالتعب
وعند أحدى الصخور وجدنا هذا المنظر الذي يخدش جمال الطبيعة البكر فأي عمل بطولي قمتم به يا هؤلاء , ولو كنتم مقتنعين بما تفعلون لوضعتم أسمائكم بالكامل
بعدها واصلنا المسير وأخذنا أكثر من استراحة حتى وصلنا للريع الذي يخرجنا من الشويطن وينزلنا على منطقة الرويكبة وهي أقرب مكان لطريق مرخ المارامية وقريبة من منزل هليل ,
وعند القمة يظهر الحلا ( الرماد البركاني )الذي يدخل في صناعة الأسمنت , وهنا اكثر من شركة لهذا الغرض
وعند النزول وجدنا سياراتنا وقد وضعها أصدقاءنا صباح هذا اليوم
البعض منا قال ممازحا أثناء صعودنا للشويطن سوف يقبل السيارة عندما يراها وقد فعل ما وعد به
قمنا بشرب الماء وبما تبقى منه غسلنا وجوهنا وتحدث كل واحد عن تجربة المشي لمثل هذه المسافة , التي تجاوزت 20 كم , وكان الجميع مسرورا بما تحقق .
ركبنا السيارة وذهبنا لمنزل هليل في الثانية والنصف ظهرا , وعند الوصول طلب منا الجلوس للغداء فرفضنا وفي النهاية كان له ما أراد بعد أن اقسم ,
صلينا الظهر والعصر جمع تأخير وغادرنا مضيفنا في الرابعة والنصف عصرا ونحن ندعو له بالرزق الكثير والخير الوفير على ما قدم لنا من كرم ضيافة وحسن رفقة
انتهى تقريرنا المتواضع , متمنيا لكم الفائدة منه بنشر مبادئ لا تترك أثر , والالتزام بها قدر المستطاع لكي نرتقي بمجتمعنا ونحافظ على بيئتنا الجميلة .
وافر الشكر للأخ عبدالله سعيدان السناني على التصميم وكذلك للأخوين وائل وزياد على تزويدي ببعض الصور ,
سوف يكون هناك برنامج آخر في نهاية هذا الاسبوع 16/3/1433 ه والمشي لمسافة 16 كم في منطقة الصخور باملج ومن يود المشاركة يمكنه التواصل معي .
أخوكم مروان محمد الجهني قائد برنامج لا تترك أثر – أملج