أنواع التخطيط الاقتصادي ومعايير تصنيفه الحلقة الثالثة أشرنا في الحلقة السابقة إلى أننا سوف نخصص هذه الحلقة لتناول أنواع التخطيط الاقتصادي. وبناء على المنهجيات والتجارب الدولية المتخصصة يمكننا تصنيف أنواع التخطيط الاقتصادي إلى أربعة أصناف مختلفة، وذلك تبعاً للمعيار المستخدم في التفرقة، حيث يوجد عدة معايير منها مدى التزام الجهات بالتنفيذ، ودرجة الشمولية، والبعد الجغرافي، ودرجة المركزية. وتسعى هذه الحلقة إلى إعطاء نبذه موجزة لتلك التصنيفات. فبالنسبة لتصنيف التخطيط وفقاً لمدى التزام الجهات بالتنفيذ، فهناك ثلاثة أنواع. الأول التخطيط التوجيهي، الذي تلتزم بموجبه الجهات الحكومية (القطاع العام) بتنفيذ ما تتضمنه الخطة من أهداف وسياسات وبرامج ومشاريع. والنوع الثاني التخطيط التأشيري، الذي يهدف إلى تهيئة البيئة المواتية لنمو القطاع الخاص من خلال مجموعة متكاملة من السياسات والحوافز والفرص الاستثمارية، والتي في جذب الاستثمارات الخاصة للإسهام في تحقيق أهداف الخطة دون توفر عنصر الإلزام أو الإجبار بتنفيذ توجهات الخطة. أما النوع الثالث فهو التخطيط الاستراتيجي، الذي يرسم مسارات النمو المستقبلية المتوقعة لتحقيق رؤية مستقبلية على المدى البعيد للاقتصاد الوطني. أما بالنسبة لتصنيف التخطيط حسب درجة الشمول، فهو يشتمل على ثلاثة أنواع. الأول التخطيط القومي الشامل، وهو يغطى كافة مناطق وأقاليم الدولة. ويسعى إلى تحقيق أغراض التنمية في مختلف القطاعات (زراعية، صناعية، خدمية، اجتماعية، الخ). فضلاً عن رفع مستوى معيشة المواطنين في إطار نظام متكامل على الصعيدين الكلي والقطاعي، ويهتم هذا النوع من التخطيط بالإجماليات أي ما يتعلق بمعدل النمو العام، ومقدار الاستثمار الوطني، والقوى العاملة، وغيرها. النوع الثاني هو التخطيط القطاعي، حيث يهدف إلى تحقيق التنمية من خلال التغيير الهيكلي للاقتصاد على أساس قطاعي، ويتمثل جوهر هذه التغييرات في تنمية القطاعات الاقتصادية وإعداد الخطط القطاعية لتشكل بمجملها الخطة الوطنية الشاملة. أما النوع الثالث فهو التخطيط الإقليمي، ويهدف إلى تنمية إقليم أو منطقة معينة داخل الدولة. ويسعى إلى تحقيق قدر من التوازن النسبي في النمو بين مختلف أقاليم الدولة، ويُعتبر التخطيط الإقليمي صورة من صور اللامركزية في التخطيط على المستوى الجغرافي. أما فيما يتعلق بتصنيف التخطيط حسب البعد الزمني، فهو يشتمل على ثلاثة أنواع. الأول التخطيط طويل الأجل، فهو يشمل على أهداف يحتاج تحقيقها إلى فترة من الزمن تمتد إلى عشرة سنوات أو أكثر. فالغرض من التخطيط الطويل الأجل ليس تقديم بيانات تفصيلية للأوضاع المستهدفة في المستقبل وإنما تقديم الأطر العامة والرؤى المستقبلية المتوقعة التي تساعد على وضع الخطط متوسطة وقصيرة الأجل. والنوع الثاني هو التخطيط متوسط الأجل، ويتراوح مداه الزمني بين ثلاثة سنوات وسبع سنوات. وتأخذ بعض الدول بالخطط الرباعية أو الخمسية أو الستية.. الخ، إلا أنه يمكن القول بأن هناك قاعدة عامة تعمل هذه الخطط على مراعاتها، وهو أن البعد الزمني للخطة يجب ألا يكون طويلاً جداً بحيث يصعب معه إجراء التنبوء أو التقديرات الخاصة بالمتغيرات المختلفة في الاقتصاد القومي بدرجة كافية من الجدية، وفي نفس الوقت يجب ألا يكون في القصر بحيث لا يستطيع تغطية الفترة الكافية لإنشاء المشروعات الأساسية في الخطة. والنوع الثالث للتخطيط حسب البعد الزمني هو التخطيط قصير الأجل، حيث يتراوح مداه الزمني بين ستة شهور وسنتين. وتلجأ الدولة إلى تبني خطط قصيرة الأجل لاعتبارين، إحداهما وجود ظروف داخلية أو خارجية تتميز بدرجة كبيرة من عدم الاستقرار وعدم الوضوح، والآخر الحاجة إلى تجزئة الخطة متوسطة الأجل إلى خطط سنوية حتى يصبح تنفيذها أمراً سهلا وممكناً، وتسمى عادة بالخطة التنفيذية. وفيما يتعلق بتصنيف التخطيط حسب درجة المركزية، وله نوعين من التصنيف. الأول التخطيط المركزي، وفي هذا النوع من التخطيط نجد أن مهمة وضع الخطة والإشراف على تنفيذها من اختصاصات السلطات المركزية، والمتمثلة في كثير من الدول بوزارة أو هيئة أو مجلس. وهذا النوع من التخطيط يمثل إلى حد ما أسلوب التخطيط من أعلى إلى أسفل. والآخر التخطيط اللامركزي، ونجد فيه أن العملية التخطيطية لا تتركز في السلطات المركزية وإنما تشترك فيها الهيئات الإقليمية والمحلية. وهذا النوع من التخطيط يمثل أسلوب التخطيط من أسفل إلى أعلى. وبالله التوفيق،،، أ / عبدالله بن علي بن حريبي المرواني