[SIZE=4]قراءات في التخطيط الاقتصادي (1) التخطيط الاقتصادي هو أسلوب للتفكير المستقبلي في تحديد الاحتياجات ورصد الموارد، وهو نظام للعمل يقوم على تطبيق المنطق العلمي في تحديد أهداف اقتصادية معينة، واختيار أفضل البدائل والوسائل المتاحة لتحقيقها خلال فترة زمنية محددة وبأقل التكاليف. لذلك اعتمدت معظم دول العالم على التخطيط من أجل تحقيق أهدافها الاقتصادية والإنمائية الوطنية. وفي هذا السياق تشير بعض الدروس المستفادة من تجارب التخطيط الاقتصادي في دول مختارة إلى اختلاف أشكال ومنهجيات التخطيط الاقتصادي وفقاً للظروف الخاصة بكل دولة، وطبيعة المتغيرات والمستجدات والتحديات التي تواجهها، حيث تقوم المؤسسات المسئولة عن التخطيط في تلك الدول بتعديل دورها مع مرور الزمن. هذا وقد اتخذت المملكة العربية السعودية أسلوب التخطيط الاقتصادي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة من خلال إعداد وتنفيذ خطط التنمية الخمسية التي كان آخرها خطة التنمية التاسعة (1431-1435ه). حيث حرص منهج التخطيط الاقتصادي بالمملكة على تعديل أولويات ومرتكزات الخطط الخمسية وفقاً للظروف المرحلية والمتغيرات والمستجدات الخاصة بكل خطة على حده، بحيث تدور هذه الأولويات والمرتكزات في فلك رؤى واضحة ومتكاملة للأهداف الإستراتيجية بعيدة المدى وبما يحقق الأبعاد الثلاثة للتنمية (الاجتماعي، والاقتصادي، والتنظيمي) بشكل متوازن بعيداً عن الانعكاسات السلبية التي تنجم عادة عن التركيز على أحد هذه الأبعاد على حساب الأبعاد الأخرى. يسعى الكاتب من خلال هذه القراءات والتي ستأتي بإذن الله على هيئة سلسلة من الحلقات إلى إعطاء القارئ خلفية تاريخية عن التخطيط الاقتصادي ومنهجياته والتطورات الحديثة في هذا الخصوص. كما تهدف القراءات إلى استعراض بشيء من التفصيل - السمات المميزة للتخطيط الاقتصادي في المملكة العربية السعودية. حيث سيجرى خلال تلك الحلقات إبراز المنهج التخطيطي المتبع في المملكة، وذلك من حيث محتواه وعناصره ومنهجياته في الإعداد والتنفيذ ومجالات تطوره. سوف تتناول سلسلة حلقات قراءات في التخطيط الاقتصادي عدة موضوعات، منها على سبيل المثال موضوع مدى أهمية التخطيط الاقتصادي بالنسبة للدول على اختلاف أنظمتها وذلك في إدارة مواردها الاقتصادية والانتفاع منها على نحو كفؤ، والخلفية النظرية للتعريف بنشأة وماهية التخطيط الاقتصادي، وخطوات وعناصر العملية التخطيطية، وأهم مقوماته وأنواعه، إضافة إلى توضيح سماته المميزة باعتباره خياراً إستراتيجياً للدول النامية، والتي تميزه عن التخطيط المستخدم في بعض الدول الصناعية المتقدمة للتغلب على التقلبات والأزمات الناجمة عن الدورات الاقتصادية. كما سيتم تناول الإطار التاريخي للتخطيط الاقتصادي في المملكة العربية السعودية ومبررات تبنيه. وفي هذا السياق يجدر بالذكر أن التخطيط الاقتصادي في المملكة شهد تطورات واضحة في مناهج إعداد وتنفيذ ومتابعة خطط التنمية الخمسية عبر تلك المراحل. حيث برزت خلال تلك المراحل عدة قضايا اقتصادية واجتماعية تطلبت استخدام أساليب أكثر تطوراً لكل مرحلة مما قد سبق استخدمه في المرحلة السابقة. وقد تمثلت في المنهجيات المتعددة التي استخدمتها كل خطة، حيث تدرجت تلك الأساليب من الأساليب البسيطة إلى استخدام النماذج الاقتصادية في إعداد إطار الاقتصاد الكلي للخطة ومن أسلوب المشروع إلى أسلوب البرنامج. وقد صاحب ذلك التطور تزايد التركيز على التخطيط التأشيري وتناقص دور التخطيط التوجيهي وذلك مع تنامي دور القطاع الخاص في المسيرة التنموية. كلمة أخيرة، سوف توفر سلسلة حلقات قراءات في التخطيط الاقتصادي الكثير من المعلومات الخاصة بالتخطيط الاقتصادي بصفة عامة، وحول خطط التنمية في المملكة العربية السعودية وتطورها خلال العقود الأربعة الماضية بصفة خاصة. وفي تقديرنا أن تلك المعلومات لا غنى عنها لدى الباحثين والمختصين ورجال الأعمال والمثقفين المعنيين بشؤون التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة. والله ولي التوفيق،، أ. عبدالله علي حريبي المرواني، ماجستير في إدارة التقنية والابتكارات من جامعة ساسيكس � برايتون � بريطانيا. [/frame]