يعيش الشارع اليمني حالة من الترقب بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها اليمن، من خروج الحوثيين بمظاهرات كبيرة حاشدة في عدد من مدن اليمن، وبخاصة التي تقع تحت سيطرتهم مثل صعدة وعمران، مطالبين بإقالة الحكومة وإلغاء القرار الذي يقضي برفع أسعار المحروقات. وأمهل زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، الحكومة مهلة حتى يوم الجمعة القادم لتنفيذ مطالبهم، وإلا فسيلجأ لتدابير أخرى وصفها بالمزعجة بدءاً من يوم الجمعة المقبل إذا لم يتم الاستجابة للمطالب. الحوثيون بانتظار الأوامر وشهدت العاصمة صنعاء خروج أعداد كبيرة من الحوثيين (الذين يعتنقون المذهب الشيعي الزيدي) حيث انطلقوا من ساحة التغيير بعشرات الآلاف من المحتجين، وهو ما أثار قلقا كبيرا لدى تمركز أعداد منهم في العاصمة، مما يهدد استقرار البلاد ويفتح الباب للعديد من المواجهات بين الحوثيين من جهة وبين الحكومة والأطراف الأخرى المشاركة في العملية السياسية من جهة أخرى. وكان موقع "مشرق نيوز" الإيراني، قد أكد، الثلاثاء، بأن الحوثيين متواجدين بأعداد كبيرة في صنعاء، وأنهم بانتظار أوامر زعيمهم عبد الملك الحوثي من أجل إعلان ساعة الصفر، مضيفا أن الكثير من القبائل اليمنية أصبحت ضمن ائتلاف الحوثيين في اليمن. كما نشرت وكالة أنباء فارس الإيرانية خبرا يفيد بأن جماعة الحوثيين مسنودة بكتائب الحسين، انتشروا في العاصمة صنعاء استعدادا للسيطرة عليها، وقالت نقلاً عن قيادات للحوثيين إنهم أعدوا خطة لإسقاط صنعاء، وقسموها إلى 10 مناطق جغرافية ينتشر في كل منها المئات من "كتائب الحسين" المسلحة، وهي من أقوى الكتائب التابعة للحوثيين، بحسب قولها، إلا انها عادت وحذفت الخبر بعد نشره بساعات. مخيمات للاعتصام على مدخل صنعاء وكان شهود عيان داخل مدينة صنعاء، قد أكدوا أن جماعة الحوثيين قد نصبوا خياما في المدخل الجنوبي لصنعاء بمنطقة حزيز ومخيما آخر في المدخل الغربي عند الصباحة، لاستقبال أنصار الجماعة القادمين من المحافظات الأخرى. وأكد الموقع الرسمي للحوثيين على صحة أقوال الشهود بإعلانه أن "أبواب مخيمات الاعتصام ستبقى مفتوحة في مداخل العاصمة، وتستقبل المزيد من القادمين من المحافظات اليمنية حتى يوم الجمعة القادم، استجابة لدعوة زعيمهم". وشددوا على أن مطالبهم واضحة وهي ضرورة إسقاط الحكومة وإلغاء قرار رفع الأسعار، حيث أن الحكومة اليمنية كانت قد بدأت في نهاية يوليو تطبيق قرار ينص على زيادة أسعار الوقود، بحيث ارتفع سعر صفيحة البنزين "عشرون لترا" من 2500 إلى 4 آلاف ريال، وصفيحة الديزل من ألفين إلى 3900 ريال. وأكدوا "أن هدفهم ليس مواجهة الدولة ولا احتلال صنعاء أو ابتلاعها، مستبقين بذلك الاتهامات الموجهة لهم بمحاولة الاستيلاء على صنعاء كما استولوا على عدد من المدن الشمالية، في ظل اتهامات موجهة لهم أيضا بتلقي الدعم من إيران وهو ما يظهر في المعلومات التي نشرتها وكالة أنباء فارس الإيرانية قبل أن تقوم بحذفها". وتبدو الاعتصامات المسلحة في ضواحي صنعاء، وعند المداخل والطرق الرئيسية، التي تربطها بالمحافظات، تمهيداً لمحاولة للتحكم في ظروف أية مواجهة قد تنجم عن تصعيد نحو الخيار المسلح. ذلك أن الاعتصامات تمسك بخناق صنعاء من المدخل الغربي حيث الطريق الى الحُديدة، الميناء الأهم للعاصمة، والشرقي الذي يتحكم بخطوط إمداد الطاقة والكهرباء من مأرب، والشمالي لتسهيل خط الإمداد ل"الحوثيين" من عمران وصعدة، والجنوبي، قطعاً لأية تعزيزات للحكومة من محافظات أخرى. وعلى الرغم من حرص الحوثي على نفي أن يكون هدف هذه التظاهرات والاعتصامات "احتلال العاصمة" أو إسقاط "الجمهورية"، وتأكيده أن التحرك سيكون "سلمياً"، غير أن سجلّه لا يخدم هذه التطمينات، فمن الواضح أن "سلمية عمران" أقرب الأمثلة، حيث تحولت إلى حديد ونار، بعد انقضاء المهلة، ولم تنتهِ المطالب إلا بسقوط المدينة، وفرض سلطة "الحوثيين" عليها. تصرفات طائشة من جانبه، وصف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي تصرفات جماعة أنصار الدين الحوثي بالطائشة، متوعدا باتخاذ إجراءات حازمة وقانونية تجاه من يعبث بالأمن والاستقرار في البلاد، وذلك في اجتماع استثنائي عقده أمس مع كبار مساعديه بالعاصمة صنعاء، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية. وأوضحت الوكالة أن الاجتماع أدان التصرفات الخارجة عن النظام والقانون والمتمردة على مخرجات الحوار الوطني الشامل من قبل جماعة الحوثي، واعتبرها غير مقبولة لا وطنياً ولا سياسياً وعلى الجميع الاستشعار بالمسئولية الوطنية تجاه هذا الطيشان غير المسؤول، مشيرا إلى أن الإجراءات الحازمة والقانونية ستتخذ وفقا لما يستجد، محذرا من الاستهانة بالأرواح والممتلكات والعبث بالأمن والاستقرار والسكينة العامة. وقال الرئيس عبد ربه منصور هادي، "إن الشعب اليمني عانى ما عاناه من خلافات وحروب وبكل أشكالها وأطيافها، وبعيداً عن التعصب للون الواحد أو الاتجاه الواحد الذي لا يمثل إلا نفسه كشريحة واحدة في المجتمع من شرائح متعددة، ذات ثقافات واعتقادات متنوعة واليمن اليوم على مشارف تطبيق مخرجات الحوار الوطني". وكانت الحكومة اليمنية برئاسة محمد سالم باسندوة قد أطلقت وعودا بزيادة الرواتب لمواجهة موجة الاحتجاجات التي يقودها الحوثيون. يذكر أن جماعة الحوثيين هي من أكثر العناصر المسلحة في اليمن، وخاضت مواجهات مسلحة ما بين 2004 إلى 2010، ويتمركز وجودهم في محافظة صعدة قبل أن يتوسع حضورهم فيما بعد منذ العام 2011، مستغلين ضعف الحكومة المركزية وخروج اليمنيين في مظاهرات لإسقاط الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح.