السير على وتيرة واحدة لايتواءم والنفس البشرة فهي تسأم وتمل تريد التنوع والتغير ومن أسهل الأمور التي تخفف عن النفس السآمة الحديث مع الأحباب والأصحاب ومن أجمل مواقف الحديث ما اتسم بالعفوية والبساطة فجارك القريب الذي تشاهده عدة مرات في اليوم الواحد أجدر بأن تلقي إليه ويلقي إليك وغالب تلك الأحاديث تكون في بيوت الله فهل نشعر بالحرج من ذلك ؟! إن الكلام في المساجد لايمكن أن يكون على صورة واحدة بل يختلف نوعه ومحتواه وأسلوبه لذلك عليناأن نعي ألوانه وأشكاله حتى نفقه أحكامه وسأعرض باختصار ما خلصت إليه فيمايلي : أولا نريد ان نخرج البيع والشراء والرهن والتأجير والاستئجار وأشباه ذلك من أمور التجارة فهي ممنوعة ومحرمة ثانيا نريد ان نخرج منه ايضا حلق الذكر والعلم وقراءة القرآن والدعوة الى الله فهذه أمور فاضلة وفيها خير كثير ويحصل بها الاجر مع الأخذ بعين الاعتبار ان هذه الامور الفاضلة اذا سببت إزعاجا او تشويشا للمصلين فلا تجوز كما في حديث ابن عمر قال ؛ قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ( ولايجهر بعضكم على بعض بالقراءة في الصلاة ) رواه احمد قال ابن حجر النهي جاء من طرق وهو حديث صحيح ثالثا نريد ان نخرج منه ايضا الحديث الذي فيه ازعاج للمصلين فهو محرم رابعا نريد ان نخرج منه ايضا الحديث المحرم كالغيبة والنميمة واللعن فهذه محرمة خارج المسجد ومن باب أولى ان تكون محرمة داخله بل أشد حرمة خامسا نريد ان نخرج منه الامور الجائزة خارج المسجد ولا تصح داخله مثل الخصومة ورفع الصوت ونشد الضالة فقد ذكر الامام النووي بأنها تكره ولا ادري اقصد عموم الكراهة ام قصد كراهية التحريم وقد روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثلاثا واياكم وهيشات الأسواق ) قال الامام النووي: اي اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن اذا موضوعنا هو الحديث بمعنى ( السواليف ) البريئة وما يداخلها من الضحك مع عدم حصول أدنى ازعاج او مضايقة للمصلين اختلف العلماء على أقوال أ/ مباح ( الشافعية والظاهرية) ب/ مكروه ( المالكية والحنابلة ) ج/ محرمة ( الحنفية ) د/ التفصيل فإاذا كان عارضا فمكروه اما اذا كان عادة فمحرم ( بعض الحنفية ) ه / لا بأس به ( ابن عثيمين ) و / لا حرج اذا كان قليلا فان كان عادة فيكره ( ابن باز ) ز / روى الطبراني في الكبير حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (سيكون في آخر الزمان قوم يجلسون في المساجد حلقا حلقا إمامهم الدنيا فلا تجالسوهم فإنه ليس لله فيهم حاجة ) صححه الالباني وظاهر هذا الحديث التحريم ولكن العجيب ان الالباني صححه مع انه حديث ضعيف فيه بزيع يقول الدارقطني :(لم يحدث به غيره وبزيع متروك) قال في العلل المتناهية :( هذا حديث لا يصح عن رسول الله المتهم به بزيع قال ابن حبان : يأتي عن الثقات بأشياء موضوعة كأنه المتعمد لها وقال في ميزان الاعتدال : وقال ابن عدي : له هكذا مناكير لا يتابع عليها وبالتالي فيسقط الاستدلال بهذا الحديث & وخلاصة القول والله اعلم ان الحديث البريء لابأس به في المسجد بشروط : 1- الا يكون فيه مفاصلة او مناقشة او مظنة للأخذ والرد 2-الا يترتب عليه ضرر على من في المسجد 3- الا يكون فيه رفع صوت 4 – الإيكون عادة ومقصدا للحديث في المسجد بل يكون طارئا وعارضا وقليلا لمجموع الأدلة التالية ما دلت عليه الآية الكريمة (في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه) النور 36 ومعنى ترفع اي تعظم ولما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال ؛ (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح او الغداة حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قام وكانوا يتحدثون فيأخذون في امر الجاهلية فيضحكون ويبتسم) وقد بنى عمر- رضي الله عنه- رحبة في ناحية المسجد وقال : من كان يريد ان يلغط او ينشد شعرا او يرفع صوته فليخرج الى هذه الرحبة قال ابن تيمية( ويكره فيه فضول المباح ) اي الكلام والله اعلم وأعلى