مع مرور الوقت تتفاقم المأساة الإنسانية التي يعيشها مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيينجنوبيدمشق، حيث تكاد تنعدم المواد الغذائية والاحتياجات الطبية بسبب الحصار المفروض على المخيم منذ حوالي سنة، ما يسبب في ارتفاع حالات الوفاة جوعا، حيث تحولت أجساد الأطفال إلى هياكل عظمية، وبكى الرجال من شدة الجوع بشكل يندى له جبين الإنسانية. قتلى الجوع هيئات ومنظمات رسمية تقول إن 30 فلسطينيا ماتوا جوعاً داخل مخيم اليرموك المحاصر منذ سبتمبر من العام الماضي، وآخرون يقولون إن عدد حالات الوفاة وصلت 41 حالة، ورغم التباين في أرقام الضحايا، لكن سبب الوفاة واحد وهو "الجوع". وأوضحت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) في بيان لها، اليوم السبت، أن "نحو 30 شخصاً غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ قضوا جوعاً في المخيم الذي (أنشئ عام 1957 بمساحة تقدر ب2110000 متر مربع لإيواء اللاجئين الفلسطينيين في سوريا)، بسبب الحصار التام الذي تفرضه قوات بشار الأسد على المخيم منذ سبتمبر الماضي". وأوضح خليل أبو سلمى ممثل المؤسسات الإغاثية العاملة في مخيم اليرموك أن عدد حالات الوفاة بسبب الجوع وصلت إلى أكثر من 41 حالة، وقال "اتحاد تنسيقيات الثورة" المعارض إن رضيعة فلسطينية توفيت بسبب نقص المواد الطبية والغذائية جراء الحصار المفروض على المخيم. ومنذ أيام أعلنت منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" أن 15 فلسطينيا توفوا جوعا في مخيم اليرموك، وقالت الأونروا إن من بين الضحايا مسنين وأطفال. وأوضحت المنظمة الدولية أنها تعجز عن الوصول للمخيم منذ سبتمبر الماضي. الأطفال يواجهون الموت وأظهرت صور بُثت على شبكة الإنترنت الأوضاع المأساوية للأطفال في المخيم اليرموك. وقال اللاجئون الفلسطينيون إن مئات الأطفال يواجهون خطر الموت نتيجة الجفاف ونقصِ الغذاء. عدد اللاجئين في مخيم اليرموك يصل إلى أكثر من 20 ألف شخص معظمهم فلسطينيون، إضافة لعائلات سورية، وفي ظل تفاقم المآساة فقد أصبح أطفال اللاجئين مُضطرين لتناول أطعمة كانت مخصصة للحيوانات، خاصة في ظل صعوبة إدخال شاحنات المساعدات الإنسانية، حيث أنها تتعرض لإطلاق نار بمجرد أن تتخطى الحاجزين الأول والثاني وهي في طريقها إلى المخيم وجددت "الأونروا" مناشداتها وتحذيراتها في الوقت ذاته للمجتمع الدولي، من خطورة الوضع الإنساني بمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، نتيجة محاصرة نظام بشار الأسد بزعم وجود معارضين له داخل المخيم الواقع على بعد 8 كيلومترات جنوبدمشق. الناطق باسم مجلس قيادة الثورة بدمشق فاروق الرفاعي أوضح أن مجلس قيادة الثورة السورية طرح عدة مبادرات لإنقاذ اللاجئين، لافتاً إلى توفير 5000 حصة غذائية من حي الزاهرة، لكن "الشبيحة"، على حد تعبيره، منعوا دخولها إلى المخيم وقاموا بنهبها ليلاً، متهماً النظام السوري بارتكاب انتهاكات بحق اللاجئين سواء كان أصحّاء أو مرضى، حيث قامت قوات الأسد بإطلاق النيران على 300 مريض وجريح من سكان المخيم، أغلبهم من النساء والأطفال، كانوا في طريقهم للخروج وفقاً لمبادرة إنسانية مُسبقة، لتلقيّ العلاج، مما اضطرهم إلى العودة والانتظار بالمخيم. طعام من "الحشائش" واضطر سكان المخيم ومعظمهم من الفلسطينيين لأن يقتاتوا على أوراق الشجر والحشائش والقطط النافقة، في ظل غياب شبه كامل للأدوية وحليب الأطفال وغلاء الأسعار إذ تجاوز ثمن كيلوا الأرز 40 دولارا، كما ظهر رجل مسن في مقطع فيديو وهو يبكي من شدة الجوع. وناشدت الأممالمتحدة، قوات الجيش السوري ومقاتلي المعارضة السماح لها بإدخال مساعدات عاجلة، إلى مخيم اليرموك. وقال المتحدث باسم وكالة الأونروا كريس غونيس: "نحن غير قادرين منذ سبتمبر 2013 على دخول المخيم لتقديم المساعدات الضرورية التي يحتاجها السكان". وتابع: "إن استمرار وجود الجماعات المسلحة التي دخلت المنطقة في نهاية عام 2012، ومحاصرتها من قبل القوات النظامية، أحبطا كل جهودنا الإنسانية". وتقول وسائل الإعلام السورية إن "الإرهابيين" يمنعون إيصال المساعدات إلى المخيم، في حين تقول المعارضة إلى المخيم يخلو حاليا من مقاتلي المعارضة وإن ما يمنع وصول المساعدات هي القوات الحكومية والمجموعات الموالية لها. وتسيطر المعارضة المسلحة على غالبية أجزاء المخيم الذي يعد أكبر مخيم للاجئين في سوريا، وتحاصره القوات الحكومية منذ نحو عام ما تسبب بأزمة إنسانية، ونزوح عشرات الآلاف من أصل 170 ألفا كانوا يقطنون فيه، وهو يؤوي حاليا نحو 20 ألفا أغلبهم فلسطينيون. وتداول ناشطون فلسطينيون على صفحات التواصل الاجتماعي، فيديو لطفلة فلسطينية من مخيم اليرموك، اسمها آلاء المصري، تعاني من قصور كلوي وجفاف بسبب الجوع ونقص المواد الغذائية والحليب، في ظل استمرار الحصار على المخيم. الفيديو الذي نشرته جماعة فلسطينية تسمي نفسها "شبكة فلسطينييسوريا الإخبارية"، يظهر امرأة تحمل الطفلة آلاء وتناشد بالتدخل الفوري لفك الحصار على المخيم المتواصل منذ أكثر من 6 شهور. وتقول المرأة في الفيديو: "الوضع مأساة ويرثى له"، ثم ترفع الطفلة التي بدت في حالة مزرية جداً قائلة: "شو إلها ذنب، شو إلها ذنب، عشرات عم بتموت يومياً عنا بالمخيم، نساؤنا وأطفالنا". ويظهر في الفيديو، والد الطفلة على ما يبدو وهو يحملها في صورة أقرب وقد بدت أشبه بهيكل عظمي، فيما شخص آخر يقول: "هذه إحدى الحالات في مخيم اليرموك، مصابة بحالة جفاف درجة ثالثة ومن قصور كلوي"، مناشداً الهيئات الدولية لإخراج الطفلة وعائلتها المكونة من 7 أشخاص من المخيم للسماح بعلاجها. وتوجه وفد من منظمة التحرير، الثلاثاء الماضي، لمخيم اليرموك لمتابعة تنفيذ اتفاق يقضي بانسحاب المسلحين منه تمهيداً لفك الحصار المفروض عليه، لكن هذا القرار لم ينفذ بعد. وقال أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وعضو الوفد الفلسطيني لإنهاء حصار المخيم، إن أكثر من 13 تنظيماً مسلحاً متواجدة داخل المخيم، مناشداً بخروجها منه فوراً، وتحييد اللاجئين الفلسطينيين عن الصراع الدائر في سوريا. ورغم محاولات عدة سابقة لفك حصار المخيم، قال المجدلاني ل"العربية.نت": "إن الوضع فيه معقد جداً"، موضحاً أن وضع اللاجئين الفلسطينيين في ظل الصراع الدائر في سوريا أكثر صعوبة من وضع السوريين أنفسهم منظمة "أونروا" العذابات اليومية، والظروف القاسية التي تفتقد لأدنى متطلبات الحياة الكريمة، التى يحياها اللاجئون الفلسطينيون في المخيمات، لم تشفع لهم لدى "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (أونروا)، فقامت بتقليص الخدمات المقدمة لهم خلال السنوات الأخيرة، لتضاعف معاناتهم، أكثر فأكثر. الأصل في إنشاء الأممالمتحدة لوكالة "أونروا" أنها تعمل على تقديم الدعم والحماية وكسب التأييد لحوالي 4.7 مليون لاجئ فلسطيني، مسجلين لديها في الأردن، ولبنان، وسوريا، والأراضي الفلسطينيةالمحتلة، إلى أن يتم إيجاد حل لمعاناتهم، ويتم تمويل الوكالة بالكامل تقريباً من خلال التبرعات الطوعية، التي تقدمها الدول الأعضاء في منظمة الأممالمتحدة. لكن خدمات "أونروا" للاجئين تراجعت خلال الشهور القليلة الماضية، حيث قلصت في نوفمبر الماضي، المساعدات الغذائية المقدمة لنحو 21 ألف أسرة في غزة، بحسب تصريحات مسؤولين فيها. كما أوقفت "أونروا" برنامج "البطالة" الذي كان يخدم الآلاف في الأراضي الفلسطينية، وهناك حديث عن قطع المساعدات عن نحو 35 ألف أسرة، بحسب تصريحات سابقة للأناضول أدلى بها رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، سامي العمصي. وبينما تقول الوكالة الأممية إن السبب وراء تقليص خدماتها هو العجز المالي الذي تعاني منه، فضلا عن تحسن أوضاع آلاف الأسر وانتقالها إلى الفئة غير الفقيرة، غير المستحقة للمساعدات، يشكك مسؤولون فلسطينيون في ذلك.