جدد قرار مجلس التعاون لدول الخليج العربية بإيفاد الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني مرة أخري لليمن الأمل في تحقيق نتائج إيجابية لجهود الوساطة الخليجية في إطار المبادرة الخليجية بما يؤدي إلي حل الأزمة السياسية الراهنة باليمن , وذلك بعد تخوف العديد من المراقبين من احتمالات إخفاق دول الخليج في الحل نتيجة تباعد مواقف طرفي المعادلة السياسية اليمنية بشأن الحل. وقد جاء تخوف هؤلاء بسبب عدم توصل الزياني إلي نتائج إيجابية خلال زيارته لليمن قبل يومين ولقائه مع الرئيس على عبد الله صالح وممثلي الحزب الحاكم وكذا قيادات المعارضة اليمنية بشأن قبول الجانبين للتوقيع علي المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية. وكان من المتوقع أن يتم التوقيع علي المبادرة أمس من قبل السلطة ممثلة في الحزب الحاكم باليمن والمعارضة ممثلة في تحالف أحزاب اللقاء المشترك , وذلك علي هامش الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية دول الخليج العربية أمس بالرياض , أو في اجتماع آخر يخصص لتوقيع المبادرة سواء في الرياض أو صنعاء اليوم. والخلاف بشأن توقيع المبادرة الخليجية يرجع إلي أن الرئيس اليمني لا يرغب في توقيعها بصفته رئيسا للجمهورية وفقا لما تقتضيه المبادرة – وذلك حسب مصادر المعارضة اليمنية – وإنما هو علي استعداد للتوقيع بصفته رئيسا للحزب الحاكم ( المؤتمر الشعبي العام ) وذلك حسب ما أعلنته مصادر الحزب وكذا نائب وزير الإعلام اليمن في وقت سابق. ومن جهة ثانية , تصر المعارضة اليمنية ممثلة في تحالف اللقاء المشترك علي ضرورة أن يوقع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح علي المبادرة الخليجية بصفته رئيسا للجمهورية وفقا لآلية تنفيذ المبادرة , وتتهم صالح في نفس الوقت بأنه يراوغ من أجل كسب الوقت وإفشال المبادرة وإيقاع البلاد في فتنة كبري. إلا أن الرئيس صالح استبق اجتماع مجلس وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي أمس في الرياض بإجراء اتصالات هاتفية مع خمسة من قادة دول الخليج هى ( السعودية , والكويت , والإمارات , ومملكة البحرين , وسلطنة عمان ). وأكد خلال هذه الاتصالات مجددا ترحيبه بمبادرة وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي , كما أكد على التعاطي الايجابي معها كمنظومة متكاملة غير قابلة للانتقاء والتجزئة وترجمة كل ما جاء في بنودها بندا وبحسب أولوياتها. ويري المراقبون أن الرئيس صالح ربما أبلغ هؤلاء القادة بأنه عدل عن موقفه الرافض لتوقيع المبادرة باعتباره رئيسا للجمهورية وليس رئيسا للحزب الحاكم , ويؤكدون أنه لذلك جاء قرار الاجتماع الاستثنائي أمس لوزراء خارجية دول الخليج بالرياض بإيفاد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي مرة أخري إلي اليمن في زيارة هي الثانية خلال 48 ساعة. ومن المتوقع أن يصل المبعوث الخليجي ( الأمين العام لمجلس التعاون عبد اللطيف الزياني ) إلي صنعاء خلال ساعات في زيارة لليمن يلتقي خلالها مع الرئيس صالح والقيادات الحزبية سواء في المؤتمر الشعبي العام ( الحزب الحاكم ) , أو في تحالف أحزاب اللقاء المشترك ( المعارض ) للتشاور حول آليات توقيع المبادرة الخليجية. ويتزامن ذلك مع تصاعد حدة المظاهرات الاحتجاجية خاصة من قبل من أطلقوا علي أنفسهم ( ثورة الشباب السلمية ) والذين يرفضون رفضا مطلقا أي مبادرة بما فيها المبادرة الخليجية إذا لم تنص علي الرحيل الفوري للرئيس صالح ومعاونيه عن السلطة. يؤكد هؤلاء رفضهم للمبادرة الخليجية لأنها تمنح ضمانات من الملاحقة القضائية لصالح ومعاونيه, وتطالبهم بإنهاء اعتصامهم واحتجاجاتهم وفقا للبند الثاني من المبادرة ( ما يعني إنهاء الاعتصام قبل تحقق مطالبهم ) , وذلك رغم أن المبادرة ستؤدي إلي استقالة الرئيس صالح من منصبه خلال شهر من التوقيع عليها. ويعتبر المتظاهرون المحتجون علي النظام في إطار ( ثورة الشباب السلمية ) إنهاء اعتصامهم وقبول أي مبادرات قبل رحيل الرئيس صالح بمثابة إهدار لدماء زملائهم من الشباب الذي سقطوا برصاص الأجهزة الأمنية عند تفريقها للمتظاهرين في مختلف الساحات سواء في صنعاء أو في المحافظات اليمنية الأخرى.