ظهر الزعيم الليبي، معمر القذافي، خارج مقره في باب العزيزية بالعاصمة الليبية طرابلس ليل الثلاثاء، موجهاً التحية لأنصاره الذين احتشدوا في الموقع، وعرض التلفزيون الليبي لقطات قال إنها مباشرة للقذافي، ويظهر فيها في سيارته وهو يجول بين أنصاره الذين أحاطوا به في أجواء احتفالية استمرت بضع دقائق. وحرض مذيع التلفزيون الليبي على التأكيد بأن هذا الظهور يدحض الشائعات حول تزعزع أركان النظام وفرار عدد من قياداته وانشقاقهم، بما في ذلك بعض أولاد القذافي نفسه، وفق المذيع الذي سخر من هذه التقارير. وفي هذا الوقت، أثار طلب حلف شمال الأطلسي "ناتو" من القوات الأمريكية تمديد استخدام طائراتها في العملية الدائرة في ليبيا طوال يوم الاثنين القلق حيال استعداد القوات الأوروبية في الحلف، ونوعية الأسلحة المتوفرة بحوزتها لتنفيذ غارات جوية، خاصة وأن أحد قادة الحلف قال إن الحاجة للقدرات الأمريكية قائمة بصرف النظر عن الأوضاع الجوية بسماء ليبيا. وقال المسؤول العسكري في ناتو، والذي طلب من CNN عدم ذكر اسمه، إن لدى الولاياتالمتحدة أنواع معينة من الطائرات، مثل A-10s وAC-130s، القادرة على التحليق على ارتفاعات منخفضة وبسرعات متدنية، ما يضمن إصابة الأهداف على الأرض بكل دقة وفي جميع الظروف الجوية. وذكر المسؤول أن هذا النوع من الضربات هو المطلوب لإصابة أهداف صغيرة مثل الآليات العسكرية، دون إلحاق الضرر بالمدنيين، وهو أمر يصعب على المقاتلات والقاذفات الأوروبية القيام به، حتى في ظروف جوية مثالية. ويسود الغموض الموقف الأمريكي والخطوات التي قد تقدم عليها واشنطن في حالة تراجع تأثير الضربات الجوية الدولية على قوات القذافي بسبب انحسار الدور الأمريكي، فقد سبق للبيت الأبيض أن قال إن نقل القيادة للناتو لن يكون له أثر على فعالية العمليات. أما كبار أعضاء الكونغرس الأمريكي، مثل السيناتور جون ماكين، فقد سبق لهم أن حذروا من أن الحد من طلعات الطائرات الأمريكية في الوقت الذي ما تزال فيه القوات الليبية تقاتل على الأرض سيكون "خطأ جسيماً." وكانت الولاياتالمتحدة قد اعلنت أنها ستنهي الاثنين، مشاركة طائراتها المقاتلة في الحملة الجوية ضد ليبيا وسط غموض حول موقف التحالف الغربي من تسليح "الثوار" لاستمرار حملتهم العسكرية للإطاحة بالزعيم الليبي، معمر القذافي. وكانت الولاياتالمتحدة قد وافقت على تمديد مهمة قواتها المشاركة في العمليات العسكرية في ليبيا حتى الاثنين، وخاصة على صعيد الطائرات القاذفة، وذلك بسبب "سوء الأوضاع الجوية." وقالت أوانا لانغسكو، المتحدثة باسم حلف شمال الأطلسي، ناتو، الأحد: "إنه تمديد قصير المدى سينتهي العمل به الاثنين." ويشار إلى أن واشنطن أعلنت عن نيتها الحد من نشاطها العسكري في العملية الدائرة في ليبيا، وذلك بعد نقل قيادتها إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو" إثر الدور الكبير الذي لعبته في الأيام الأولى على صعيد الغارات الجوية والقصف الصاروخي. وعلى الصعيد الميداني، تواصل الكتائب الموالية للقذافي إحكام الطوق المفروض على مدينة مصراته، ثالث أكبر مدن ليبيا وتعاني من وضع مأساوي، وصفه المقاتل، خالد موتريدي: إنها مأساة بكافة المعايير.. لا كهرباء ولا طعام ولا مياه.. قوات القذافي تحاصرنا من كل الجهات." والأحد، قتل شخص واحد وأصيب 15 بقصف مدفعي شنته قوات القذافي على مركز طبي بالمدينة، وفق طبيب، في حين كشفت مصادر طبية إن 398 شخصاً قتلوا هناك منذ اندلاع المواجهات المسلحة بين "الثوار" وكتائب القذافي الشهر الماضي. وإلى ذلك، التقطت سفينة تركية أكثر من 300 من "الثوار" الجرحى، من "مصراته" لنقلهم إلى تركيا لتلقي العلاج، كما توقف المستشفى العائم في "بنغازي" عاصمة الثورة الليبية، لالتقاط المزيد من المصابين، وفق مسؤولين من المعارضة اللليبية. وإلى الغرب من "بنغازي" تواصلت المواجهات المسلحة بين "الثوار" وكتائب القذافي للسيطرة على "البريقة" التي تقلبت بين أيدي الطرفين ست مرات خلال الأسابيع الستة الماضية. وكان "الثوار" قد قاموا بانسحاب منظم من البلدة النفطية الإستراتيجية، الأحد. ويفتقر مناهضو العقيد القذافي للتدريب والتنظيم والتسلح في مواجهة قوات القذافي النظامية المجهزة عسكرياً وتدريبياً على نحو جيد، وتنظر المحكمة الجنائية الدولية في احتمالات ارتكاب الأخيرة لجرائم ضد الإنسانية.