في حديث عبد الله بن مسعود عن النبي ﷺ قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة؟، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بَطَر الحق وغمْط الناس[1]، رواه مسلم. الكبر قال عنه الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والتسليم (هو بطر الحق وغمط الناس) لاشيء يفسره ولا أخلاق تترجمه ولا أرواح تألفه.. هو خلق الشيطان لا الإنسان.. وهو الجريمة التي أخرجت إبليس من الجنة.. هو خلق سيء ، ومع سوءه قد يعذر فاعله إن كان غير متعلم وجاهل لايفقه ولايعرف ولايعلم ولم يقف بين صفوف الطلاب يوماً ليعلمهم ويدرسهم الأخلاق والآداب .. فما بالك بها!! حين تصدر من معلمة ومربية الأجيال وقدوة النساء والرجال.. فما بالك بها!! ممن تحمل أنبل رسالة .. فما بالك بها !! وهي تقف أمام الآلاف من الطالبات كل يوم لتلقنهنّ معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم(الكبر هو بطر الحق وغمط الناس)ومع ذلك لم تمثله خلقاً ولم تفعله قدوةً .. صاحبة القصة امرأة أرملة وأم ليتيمين اضطرتها ظروف الحياة والحاجة لتخرج كل صباح إلى مدرسة قريبة من بيتها لتصنع القهوة وتقوم على خدمة المعلمات لتأكل لقمة شريفة من عرق جبينها وكسب يديها.. لتجد بالمقابل الذل والإهانة وقلة الكرامة وكسر النفس ونظرات السخرية والاستهزاء والكلمات الجارحة البعيدة عن الإنسانية القريبة إلى الأعمال الشيطانية.. لتنهار وتسقط مغشياً عليها أمام المعلمات فجسدها لم يعد يقوى وقلبها لم يعد يحتمل .. بعضهن حاولن كثيراً أن يوقفن تلك المعلمة المتغطرسة عن غيها وتماديها وفي كل مره كانت ترد بكل عنجهية وكبر : أنا أعرف اتعامل مع هذه النوعيات من البشر ؛إنهم يتظاهرون بالضعف ويستدرون العطف ،ويثيرون الشفقة من أجل مصالحهم ليحظوا بأكبر قدر من الاهتمام.. انتهى اليوم على إهدار كرامة وإراقة ماء وجه مسكينة مستضعفة.. أفاقت تلك المسكينة وغادرت المكان بألم غائر وروحٍ محطمة ونفسٍ مكسورة.. أين كان قلبك أيتها الأنثى ؟ وأنت تتعالين وتتكبرين لتمعني في إهانة نفس أكرمها الله ! إنّ الحاجة مرة..! لكن المرارة التي أسقيتها إياها طوال تلك الأيام وهي صابرة ! أشد من الحاجة بل أشد من العوز إلى تلك اللقمة التي قد تسد جوعها وجوع أيتامها.. لكنها لن تجبر قلباً انكسر ولانفساً ذاقت الذل ومرارة الألم.. أخاطب أنوثتك التي أصلها العاطفة.. أخاطب أنوثتك التي جبلت على الرحمة.. أخاطب أنوثتك التي لاتعرف القسوة ولاتعزف على أوتار ألم الآخرين.. أخاطب أنوثتك التي تعلمت لتنير الدروب للآخرين وتهدي الحائرين وترسم البسمة على شفاه المتعبين.. أخاطب أنوثتك التي بالعلم ارتقت إلى مصاف العلماء النبلاء المحسنين.. أخاطب أنوثتك التي جسدت الأمومة تربية وحبًا وعطاء.. أخاطب أنوثتك التي حملت رسالة التعليم بالقدوة تواضعاً ولين جانب لاكبراً وتعاليًا وازدراء.. قبل الوداع: الجنة غالية الثمن مهرها قول يتبعه عمل ومن أعظم مايرجح في ميزان العبد يوم القيامة حسن الخلق هذه أبيات للشاعر أحمد بن مروان المؤدب لعلها تناسب المقال وتترجم الحال فهي جميلة في معانيها عميقة في رسالتها، يقول: كم جاهلٍ متواضعٍ.. ستر التواضع جهله ومميزٍ في علمِه.. هدم التكبر فضله فدعِ التكبر ما حييت ولا تصاحب أهله فالكبر عيب للفتى.. أبداً يقبّح فعله.