بقلم | عائشة فهد القحطاني منذ عام ١٤٢٠ه على الرغم من صغر سني في ذاك الحين ، كنت أرى الأحداث الحاصلة في ا لمنطقة بشكل مختلف عمن هم في سني ، وكنت أرى وجه أبي حفظه الله كيف كانت ملامحه تتغير وتتبدل، وكان يكرر مرار ًا وتكرار ًا بعض الكلمات التي تشير إلى أن هناك “ملامح عقوق ورائحة غدر وخيانة ” تمجها القلوب العربية المسلمة التي تملك من عزة النفس ما يجعلها تستنكر هذه الأفعال ..
لم أملك بعد أدوات لبلورة رؤية لقراءة الأبعاد السياسية لمجريات الأحداث حول وطني ، لكن كان قلبي يؤلمني عندما أرى سوء يعصف بهذه البلاد ، ليس لأني أحبها حبًا يوازي حب والدي بل لأن المحسن لا يجز أ إلا با لإحسا ن ، لكن ما كان يجر ي هو عكس ذاك تمامًا … ذاكرة الطفولة قو ية في تحليل الأمور بمجال عاطفي ، وقلوب الأطفال أكثر انتماء وأكثر صدقًا في المحبة لا يمكن أن يخالط حبها أي غدر وخيانة ؛ لأنها قلوب تشبه قلوب الطيور . كان والدي ذا تأثير واضح وقوي عليّ في تحليل الأمور ، وقراءة الأمور قراءة تعتمد على العقل والمنطق , ولا تخلو من العاطفة ، شكلت لي خلفية قوية ارتكز عليها أثناء حكمي على بعض الأمور , وأكسبتني قراءة مغايرة لما يظهر لي ,ومنحتني دروسًا في رفض تلك الصور التي كانت متداولة تر سم صورة سيئة عن الوطن والمواطن , وكيف كان يتناقلها الجهلة , ويرسخها من هم في خندق الخيانة . و من بعد هذا التاريخ تسارعت الأمور بشكل يشبه مغيب الشمس ، تتدافع خيوطها نحو المغرب ، وريح تعصف بالمنطقة ، صاحبها العديد من الحروب النفسية والاجتماعية وتقسيمات داخلية وكانت تلك العاصفة قائمة أولًا على الجهل، والتثبيط ونزع الثقة، وإخراج الأخطاء بصور ة فادحة وتعظيمها بشكل غير مستساغ ، وكأن العدسة في هذا العالم أصبحت فقط مسلطة على هذا الوطن ، وكأن هذا العالم خالي إلا من السعودية ، وأصبحت شغلهم الشاغل .. ومن هنا بدأت قصة الوفاء ، قصة جيل يقتفي أثر أسلافه في الوفاء والتمس اك ليصبحوا سدًا منيع في وجه تلك المؤامرا ت وتلك الأحداث ، التي ما نزلت بدولة إلا أردت شعبها قتيلًا وجريحًا على يد أبنائه .. بفضل الله بقيت هذه البلاد قوية ثم بفضل قيادتها الرشيدة وشعبها الوفي ، انكشفت الأمور وتساقطت الأماني بسقوطه . كان اليوم الوطني في كل عام يروي ويجسد لنا أروع صورة في الصمود وكيفية الاعتزاز و الفخر والقوة . ثم ماذا ؟! انتقلت السعودية لعهد جديد ، عهد الإبداع والقوة ونبذ التعصب والعنصرية ، جاءت بشكل مختلف ، مُنح المواطن المزيد من الثقة ,وفتحت الأفاق أمامه فأبدع المواطن تزامنًا مع الخطوات التي اتخذتها القيادة العظيمة ، وضخت روح الشباب من جديد في شريان هذا الوطن ، و استندت في ذلك النهوض على شباب واعي طموح ، قادر على التقدم إلى صفوف الدول المتقدمة ، كالمحارب الذي عاد إ لى القيادة بعد فوز في معاركه السابقة . ولا نقول إلا ما قال : صاحب السمو الأمير الملكي خالد الفيصل – دائم السيف – (أرفع رأسك أنت سعودي)، وحُق لك أن ترفع رأسك شكرًا لله أولًا ثم لانكشاف الأمور ، وثباتك ، وعلى قيادة دفعتك بقوة نحو التطور وبشكل مُسر ع على رغم من الضغوط التي تحيط بها … ارفع رأسك وانقل صورة مشرفة لهذا الوطن .. وحافظ عليه كما تحافظ على روحك ، فهو أمانة نتناقله جيلاً بعد جيل .