بقلم | فاطمة الجباري عرفتها شابة يافعة في عمر الزهور ذات ابتسامة مشرقة وثغر باسم كوضح الصباح.. مقبلة على الحياة ترسم أحلاماً عريضة لزوج المستقبل وتخطط لحياة سعيدة وأسرة هانئة هادئة.. تزوجت وزفت إلى زوجها كالوردة عاطرةً ندية جميلة أشرقت من طلتها القلوب وتعالت الزغاريد وغادرت القاعة إلى عشها الجديد وحياتها الجديدة.. مرت الأيام مسرعة على زواجها وتعاقبت السنين وقلّتْ اللقاءات والاتصالات .. حتى التقيتها بالصدفة في أحدى المستشفيات هزيلة مريضة جاحظة العينين مشتت الفكر ،عرفتني ولم أعرفها إلا من صوتها ! أردت أن أعرف مابها وماحالها وهل أنجبت ولديها أطفال ؟ قالت أنا لم أتزوج أنا سجينة في القفص الذهبي تسربت أحلامي وغادر الفرح قلبي منذ غادرت قاعة الزواج ليلة (زفتي).. فارس الأحلام لم يأتِ على الحصان الأبيض كما قرأت عنه في الروايات بل أتى بالسوط، زوجي الذي كنت أعتقد أن الحياة معه ستكون مليئة بالفرح والسعادة مريض نفسي يعذبني بشكه وغيرته صباح مساء.. أغلق علي في زنزانته الانفرادية وتقمص دور المحقق والجلاد.. في البداية كنت أعتقد أنه يحبني وأنه يفعل ذلك من حبه الشديد وغيرته علي لكن الأمر زاد عن حده بدأ في أذيتي نفسياً وجسدياً.. حين علم أنني حامل اتهمني في عرضي واستمر يحقق معي يومين متتالية مابين ضرب واتّهام.. حاولت الدفاع عن نفسي وعن شرفي وعن سمعتي وسمعة أهلي فسبني وسب عائلتي ثم أخذ يركلني بقدميه على بطني وخرج وأغلق الباب بالمفتاح.. وفي لحظة من الانهيار العصبي تناولت حبوبًا لا أعلم كم الكميه لكن لم أعد أشعر بشيء وفقدت الوعي تماماً.. عاد إلى المنزل ليجدني ملقاة على الأرض بلا حراك حملني إلى مستشفى خاص وهناك قالوا له إنها محاولة للانتحار لابد أن هناك أسبابًا دفعتها لذلك ، قاموا بغسل معدتي و سمعت زوجي يقول للدكتور سأدفع لك ماتريد مقابل أن تخرجها من المستشفى دون إجراءات أو تدخلات من أي جهة ؛هي مريضة نفسياً وأنا صابر عليها ولا أريد أن يعرف عن حالتها أحد مراعاة لمشاعرها.. هل رأيتِ أبشع من ذلك ؟ هو الجاني ويدّعي أنه المجني عليه في نفس الوقت! قلت لها لماذا لم تخبري أهلك بما يفعله بكِ؟ قالت:لا لا أريد أن يعرف أهلي شيئًا عن حياتي لسببين الأول: أني البنت الوحيدة لوالدي بين أخوتي الذكور ،والثاني : لأنني لاأرغب بالطلاق حتى لا يقال عني تطلقت وهي عروس !!! هنا كانت صدمتي أعظم من كل حديثها السابق الفتاة المتعلمة المثقفة والشابة الجميلة الواعية تهتم لنظرة الناس أكثر من كل المشاكل التي تحيط بها من شك وغيرة ليست في محلها ،وضرب وإذلال .. هل ذلك هو نتاج تربية مجتمع يحاول أن يجعل الأنثى دائماً ضعيفة مكسورة لاتملك أن تتخذ قرارًا مثل هذا يمس حياتها وكرامتها وكرامة أهلها؟ الرضا بحياة المهانة ونار الغيرة والظلم والقهر والتنكيل كل ذلك من أجل الناس وكلام الناس.. قلت لها الناس ستتحدث عنك وتنسى لكنك أنتِ من سيعيد لك كرامتك وصحتك ونفسيتك وجمالك وحيويتك .. الحياة تحتاج إليك أنثى قوية وزوجة ناجحة وأمًّا مربية و ليس لبقايا أنثى مدمرة محطمة لاتستطيع أن تسعد نفسها ولن تسعد غيرها.. الحياة تحتاج إليك أنثى ناضجة واعية مدركة تعرف حقوقها وواجباتها.. أطفالك عملك مجتمعك يحتاجك أنثى بكامل أنوثتها تشرق من الداخل لتضيء عتمة الخارج مهما كانت تلك العتمة.. قبل الوداع: أيتها الأنثى كوني قويه فالحياة لاتحترم إلا المرأة القوية التي لا تكسرها التجارب الفاشلة و إنما تبنيها.. أيها الرجل إن لم تسعدها فلا تؤذها فالله عدل في تصفية الحسابات وفي أعز ماتملك فرفقاً بالقوارير.