بقلم | عائشة فهد القحطاني أشد الناس صبراً، أكثرهم بكاء وتأثر بمن حولِه. للفرح طقوس وللحزن ايضاً ، يشاركك في الأولى محِباً وكاره، لا يتحمل حزنك سوى من كان أقرب لروح من الروح. شقيقك أو صديقاً حقيقي، أو من مر بما مررتَ به من ظروف ، علِم مقدار همك وأدرك عظيم خسارتك. دائماً من يلوذ بالفرار عن محيطه، و ينأى بفيض فؤاده عن تساؤلات المتطفلين، ويمشي وحيداً بعيداً، لينعم بالهدوء الخارجي، هو في الواقع يعاني ضجيج الروح ، يخشى أن يفُضح ذلك الحزن وأن تبوح العيون بتلك الخبايا، وتسيطر على أعصابه خيبات طالما أبعدها عن الجميع طواها في داخل قلبه وأوصد دونها الأبواب. الحزن إن خيم على الروح يجتث ما فيها من فرح، حتى الابتسامة ينتزعها منها انتزاعاً، لا شيء يوقف تمدده إلا السجود بين يدي الرحمن. لا شيء يعيد لروحك سكينتها إلا خالِقها، نعيم يزرع بسجده أو بركعة تسقط فيها جميع ما قد أثقل كاهلك. لك أن تتخيل كيف لهمك أن يصغر كلما رفعت يدك قائلا: “الله أكبر” قائم تؤم فيها ما خالج صدرك من أوجاع وأوهن أضلعك، وكأنك تحكي لبارئك ما يجيش في داخلك. ثم “الله أكبر. ربي لُطْفاً من لدنك يمحو ما قد حُشد خلف أضلعي، وجبراً من لدنك يقيم ما قد كُسر في قلبي، جبراً يليق بعظيم كريم ” ثم “الله أكبر” … (أودعت دمع عيني ونار صدري لله الحق أن يجعلها برداً وسلاماً ) ثم السلام عليكم ورحمة الله، ملتفتاً للخلف لتجد كل ما قد كان، آل إلى الزوال، فأين أنتم من مواضع السجود!!! ( الله أكبر ثم كل هم يصغر ).