رجل الميدان.. رجل المهنة.. قضى مسافات من عمره المديد إن شاء الله بين طيات الكتب و المراجع العلمية يتجول في ردهات المكتبات بحثا عن شاردة علمية وتأكيدا لمعلومة طبية ... نهاره في غرفة العمليات وليله مع اﻷبحاث.. حتى إذا استوى على سوقه وبدأ يحصد مازرع ويقطف ثمارا طالما أشقاه بذرها وأضناه إنتظار نضجها انتزع من بينها كما لو انتزع قلبه من صدره ليجد نفسه مكبلا على كرسي الوزارة أمام أكوام المعاملات اﻹدارية الصرفة... ليته يعود لساحة الميدان الطبي فذاك مضماره ..وليتها تعود تلك اﻷوقات الطويلة التي نقضيها أمام التلفاز لمتابعة ذلك اﻷسطورة ...لم يكن الربيعة المبدع وحده الذي قتل إبداعه.. فكم رأينا وسمعنا من ربيعة اغمد في غير غمده ... وما أكثرهم في حقل التعليم بالذات فكم من معلم متميز ومربي فاضل كان القدوة الصالحة للنشء والموجه الناصح للجيل حتى إذا فاح عبق جهده وزرع البهجة في قلوب أولياء اﻷمور ولمسوا التغيرات اﻹيجابية في سلوك أبناءهم وطريقة تفكيرهم صدرت التوجيهات بتقليده منصب اﻹدارة ظنا أن ذلك مكافأة قيمة له أو فهما خاطئا لمبدأ (اﻹدارة الناجحة تصنع موظفا ناجحا ) نعم وبكل التأكيد أن اﻷساس هو اﻹدارة الناجحة ولكن ليكن مديرا ناجحا وليس معلما ناجحا فكل ميسر لما خلق له ... والعجيب أنها تتواصل تلك التوجيهات حينما يبرز ذلك المدير ويخلق من مدرسته بيئة تربوية مثالية يتم توجيهه لمكتب اﻹشراف ويكلف من يقل عنه خبرة وأقل منه مراسا لقيادة ذلك الصرح التعليمي والتربوي ،،،،حتى على الصعيد اﻷسري نرى كثيرا من اﻵباء والأمهات يسندون مهاما ﻷبناءهم حتى إذا لم يجيدوها أنزلوا بهم أنواع العذابات النفسية من القاء اللوم والتوبيخ والمقارنة بينهم وبين غيرهم دون أدنى دراية بقدرات ذلك اﻹبن وسماته الشخصية والسؤال لماذا نتجاهل الفروق الفردية و نغفل عن إختلاف القدرات والمهارات التي وضعها الله في البشر كما نراه واضحا في توزيع الرسول صلى الله عليه وسلم المهام على الصحابة فمنهم من لاينفع الا قائدا لوجود السمات القيادية ممزوجة بشخصيته كما هو خالد بن الوليد ومنهم من ينفع أن يكون قاضيا كونه يتمتع بسمات في شخصيته جعلها الله فيه دون غيره كما كان معاذ بن جبل حينما اسند اليه القضاء في اليمن ومن الصحابة من أسند إليه حراسة المدينة أثناء خروج الرجال للجهاد وهكذا كل يعمل حسب قدراته وسماته الشخصية. نسمع كثيرا مقولة الرجل المناسب في المكان المناسب و مانزال في كثير من الأحيان نسمع ولانرى..واتمنى ان يأتي اليوم الذي نسمع فيه ونرى تلك المقولة واقعا نلمسه في كل مجالات حياتنا ابتداء من داخل المنزل.