برامج التواصل الاجتماعي .. والهروب الكبير برامج التواصل الاجتماعي هي مسلسل الهروب المستمر من الواقع إلى الخيال وأحلام اليقظة، وهي امتداد لما عايشناه في فترات سابقة لبرامج مثل البالتوك والماسنجر بأنواعه التي شغف بها عدة شرائح من المجتمع إلا أنها محصورة في الانترنت فقط، ثم لحق بها في نفس الموجة العاتية دردشة (شات) القنوات الفضائية، وكل هذه البرامج الجديدة والقديمة تحمل الخير والشر، ولكن استنزاف الأوقات والعقول هي الظاهرة الأخطر في الموضوع لأن بقية المساوئ موجودة في الانترنت والقنوات الماجنة والتغريبية. يقضي الكثير من التويتريين والفيسبوكيين ساعات طوال مابين المتابعة والتغريد ومراجعة الردود والتعليق عليها ، وكل هذا لا بأس فيه ولكن المشكلة هي قضاء البعض الساعات الطوال دون اكتساب معرفة وخبرات جديدة ناهيك عن حصول التشوه الفكري وتداخل الثقافات، مع إيماني بوجود تفاوت في الاستفادة مابين الاشخاص وتفاوت في كمية ونوعية الفائدة لدى الشخص نفسه عند قياس ذلك لعدة أيام متتالية. والملاحظات كثيرة، إلا أن ما يعلوها شأنا هو كثرة التغريدات في فترات قصيرة، والكثير منها غير نافعة ولو أقل هؤلاء المكثرين لزادت الفائدة بزيادة التركيز والتعمق في قراءة التغريدة وتنقيحها ومحاولة تقمص شخصيات المتابعين المتباينة من حيث كيفية تلقي التغريدة وعن كونها تعتبر قيمة مضافة إيجابية لا سلبية أو عديمة الفائدة. والجزء المهم في الموضوع حول ما ذكرت من إهدار للأوقات والطاقات بدون فائدة أو بفائدة هامشية، هل يشمل المثقفين والإعلاميين والمشايخ والنخبة من السياسيين والاقتصاديين .. لا أعتقد أنه من الممكن الجزم بذلك لعدم وجود إحصائيات دقيقة، ولكن التواجد المكثف للكثير منهم يوحي بشيء من ذلك. يختلف المفكر والمثقف والإعلامي والداعية عن المواطن العادي بأهمية تواجده الفعال كناشط اجتماعي يتواجد في هذه البرامج وعليه واجب ورسالة يجب أن يؤديها على أكمل وجه حيث أن متابعيهم يتلقون الفائدة والغثاء دون تفريق في كثير من الأحيان، لذلك كان عليهم الحمل الأكبر من حيث التواجد المثمر وإيصال الرسالة الهادفة بدلاً من سرقة العقول بالولاء المطلق بعد التعتيم على فكرهم وإرادتهم (حريتهم)، والبعد عن كل ما يفضي إلى الفرقة. ومن ناحية أخرى تواجد الكثير من هذه الفئات الهامة لساعات طوال تدل على خلل في تقسم الوقت وترتيب الأولويات، حيث يلجأ الكثير منهم لاستحلاب الشهرة من خلال برامج التواصل بعد أن فقدت الصحف بريقها واستصعب على الناس متابعة كل القنوات الفضائية لكثرتها وتحولت الأنظار للأعلام الجديد وبرامج التواصل الاجتماعي. وأستشهد بتغريدة لأحد الدعاة المشهورين والمقبولين لدى أكثر شرائح المجتمع، حيث قال "أجد في عالم تويتر متنفساً لاحتقان إذا لم يجد طريقاً تحوّل لطاقة هائلة لست أعرف إلى أين تذهب بنا! " وهذه التغريدة تدل على وجود الفائدة الإيجابية والسلبية معاً، فكونها متنفس يدل على فائدة مرجوة من تويتر ولكن تحول المتنفس من قراءة الكتب إلى تويتر هي النقطة السلبية الخطيرة على المدى البعيد، ويعرف أحد المثقفين بنفسه في تويتر " مهتم بالشأن العلمي والثقافي .. أحد الذين خطفهم تويتر من صفحات الكتاب ولايزال ينتظر صفقة التحرير" أما نساء الواتساب والبلاك بيري فحدث ولا حرج .. فبعد اختفاء الخادمات ومشاكل الاستقدام أصبحنا نأكل السندوتشات في جميع الوجبات لان الفتيات والزوجات مشغولات بمراقبة الشات وإضافة ومراسلة الزميلات في البلاك بيري وقمع الخطاب وإرهاب الأزواج وإنفاق الأموال خصوصا إعانة حافز .. وأتمنى أن أسأل النساء المتزوجات هل هن مازلن زوجات أم فقط متزوجات؟. نكزة : من الجيد والمطلوب من الجميع مواكبة الحضارة واستخدام التقنيات الحديثة، إلا ان ما يحدث من غوغائية في هذه البرامج يدل على تواجد شرذمة ليس لها هم إلا الإفساد .. فموجة سرقة حسابات تويتر والفيس بوك من ناحية ومن ناحية أخرى تواجد مفسدين يدعون الإصلاح أمثال مجتهد وغيره، يدعونا للتفكير مليا متى وكيف نتعامل مع هذه البرامج، وهل نترك أبنائنا يتابعونها دون رقيب، وماذا تتوقع أن يترسب في عقلوهم من شبهات ستعصف بهم وبنا ولو بعد حين. والله أعلم https://twitter.com/#!/SultanShehri