نورة بنت سعيد، عظة وعبرة الحياة مليئة بالمنغصات ، ومليئة بالقصص الحزينة ، قليل منا من يتعظ ، وقلة من البشر من يستنتج العبر . كل واحد منا يعيش مع أولاده ، أو مع والديه وإخوانه. هل تخيل أحدنا أن يعيش طوال عمره وحيداً، لا أولاد ولا إخوان ، ولا ونيس ولا جليس. عاشت هذه المرأة وحيدة جل حياتها، تزوجت مرتين ، أنجبت ذرية قدموا إلى ربهم صغاراً ، تكفلت برعاية أمها طيلة حياتها حتى قدمت إلى رحمة الله. لا أولاد ، لا بنات ، لا إخوان لا أخوات . تأكل لوحدها، تنام خائفة مرتجفة، تصبح على اليأس وتمسي عليه. جسم نحيل منهك ، وعزيمة قوية بالله. قلب يتفطر عام تلو الآخر ، إلا أنه مليء بحب الناس ، خالٍ من الكره والحقد. صدر أنهكته العَبَرات وضيّقته الآهات ، إلا أنه يتسع لذكر الله والإيمان بقضائه وقدره. عاشت أول حياتها كقريناتها ، تحطب تارة ، وتعمل تارة ، تكسب القليل ليسد حاجتها وحاجة أمها ، ثم عاشت بقية حياتها على الضمان الاجتماعي ،لم يعرف عنها يوماً أن مدت يدها ، أو طلبت مساعدة من أحد، رضيت بما قدر الله لها . وحيدة بين أربعة جدران ، لا ونيس لها إلا إذاعة القرآن ، أو صوت المؤذن . تسعون عاماً وهي تكابد في هذه الحياة، لم تعرف ملذات الدنيا مطلقاً. تزور مرضى القرية ، تبارك في المواليد الجدد، تشارك في الأفراح ، وكأنها تتخيل أن المولود حفيدها ، وكأن المتزوج ولدها ، وأن المريض أخاها. دخلت العناية المركزة قبل أسبوع ولا تزال .أمرها معلق بأمر أرحم الراحمين. اللهم أنت أعلم بحالها فكن لها عويناً اللهم عوضها عن وحدتها في الدنيا بالجنة وصحبة لا تنقطع اللهم هون عليها مرضها واجعله تخفيفاً لها من الخطايا والذنوب اللهم لا تكشف لها عورة في كبرها، واسترها كما سترتها طيلة حياتها اللهم أنت الله لا إله إلا أنت ، أنت الرؤوف الرحيم الكريم القادر ، فاكتب لها ماهو خير لها في آخر دنياها وفي قبرها وعند لقائك. اللهم أكتب الأجر لمن اعتنى بها ولمن دعا لها بالرحمة والغفران .