لعلني في هذه المرة أخالف كل الكتابات الرياضية في هذه الفترة التي تحدثت فقط عن بطل الدوري وعن بطولة آسيا وعن دوري أبطال أوربا, سأتحدث عن نادي ريفي يكاد يكون الآن في غياهب النسيان . هذا النادي قدم للرياضة السعودية في مختلف الألعاب والنشاطات بعض اللاعبين والفنانين البارزين على الساحة .. ويكاد يكون إنجاز لاعب المنتخب السعودي لسلاح الشيش محمد خدام الجيزاني والذي حقق بطولة العالم للشباب قبل خمس سنوات .. هو أبرز لاعب خرج من هذا النادي . لكن أين هذا النادي وأين هي العابه ؟ نادي الدرع بمحافظة الدوادمي أحد أهم أندية مكاتب رعاية الشباب بمنطقة الرياض النادي الذي احتكر بطولة المملكة في الفنون التشكيلية خلال أكثر من 30 سنة بفضل وجود مرسم النادي وبيئة الفن التشكيلي الراقية في مجموعة متناسقة داخل النادي . كان صرحاً من خيالٍ فهوى . ياترى ما هي الأسباب التي غيبت هذا النادي عن نشاطات رعاية الشباب الرياضية والاجتماعية والثقافية وغيرها بعد أن كان أفضل أندية منطقة الرياض في كثير من الألعاب .. والتي من أهمها وأبرزها كرة اليد والطائرة وسلاح الشيش والمصارعة الرومانية ورفع الأثقال . قدم نادي الدرع في السنوات ال 30 الماضية جيلا من أبطال المملكة في كل تلك الألعاب .. وقدم بعض اللاعبين لمنتخب اليد ومنتخب الطائرة من أمثال عبدالله القويز وسعد أبو معطي وناصر العوفاني وعلي السعيدان في اليد , وعبدالكريم أبو معطي في الطائرة .. وصالح وأخوه عبدالله الحميضي (يرحمهما الله) في المصارعة , وفارس الغبيوي في رفع الأثقال ,, , كما قدم لاعبين لأندية الممتاز والأولى مثل خالد الثبيتي في الرائد , ونواف الدعجاني في الشعلة ثم الرائد , ويحيى سليمان في أحد , وغيرهم مما لا تحمل الذاكرة اسمائهم الآن . أين إنتاج النادي بعدهم ؟ بل أين اللاعب الشاب الذي رفع علم المملكة العربية السعودية في المحفل العالمي الكبير وحقق بطولة العالم في سلاح الشيش محمد الجيزاني ؟ من المتسبب في غيابه عن الساحة ؟ من المتسبب في نضوب نادي الدرع من الحياة الرياضية ؟ أهي مسؤولية مكتب رعاية الشباب بالدوادمي ؟ أم مسؤولية برامج اتحاد الكرة ؟ أم من ؟ سأحاول الإجابة في فقرة مختصرة, ماهي إلا مجرد رمي بالكرة داخل الملعب لعلها تفتح آفاقا جديدة لكتاب آخرين . فأقول مستعينا بالله تعالى : المواهب تنتهي بالمكاتب : مشكلة أندية الدرجة الثالثة بالمملكة العربية السعودية, في جميع مكاتب الرئاسة بالمحافظات, وخاصة في لعبة كرة القدم, بل حتى الألعاب المختلفة الأخرى أنها تعيش سباتا شتويا طويلا بمعنى أنها تستعد لمدة شهرين وتلعب 6 مباريات فقط مع أندية المكتب ثم يتأهل فريق واحد ليصفي في المنطقة وإذا لم يفلح يعود للبيات الشتوي بموسم لم يتجاوز 8 مباريات رسمية . هذا تولد عنه : 1- تعاقد مؤقت مع مدربين سعوديين قليلي الكفاءة غير متفرغين , ومعظمهم هاوي , ويعمل غالبهم مدرسو تربية بدنية في المدارس . 2- رواتب متدنية للمدربين بسبب القناعة بأنه لا يوجد عمل مرهق وبالتالي انعكاسات سلبية على اللاعبين والمدرب ونتائج مخيبة ونتج عن ذلك فقر بالمواهب المنتجة من هذا النادي أو ذاك . 3- تحولت بعض الأندية في المحافظات إلى ما يشبه الاستراحات .. وبالتالي غاب دورها الاجتماعي . فنادي مثل نادي الدرع بالدوادمي لم نسمع له نشاط اجتماعي خلال سنتين على الأقل, وقد كان فيما مضى ناديا مشعا في كل المجالات ومساهما في كل المناشط . 4- التجهيزات الفنية من الأجهزة والمعدات اللازمة لوقاية اللاعبين ورفع لياقتهم قديمة أو ضعيفة. بل إن بعض الأندية الصحية تفوقها جودة . 5- من الطبيعي جدا ألا يتجه الشباب السعودي إلى هذا النادي أو ذاك. وبالتالي افتقرت الأندية السعودية الكبيرة للكثير من المواهب التي فرختها تلك الأندية . وليس بغائب عنا أن كل الأندية الكبيرة إنما هي مكائن تشغيل وليست مكائن تفريخ . فمعظم النجوم البارزين قدموا من أندية الريف .. فهذا صالح المطلق اتى من مارد بالأسياح , وفهد الهريفي من النخيل من بيشة , ومحمد السويد من ضمك بالخميس, وخالد الرويحي يرحمه الله من الوطني بتبوك , وغيرهم كثير . وبالتالي عندما تنضب المواهب في مكان تفريخها ... فلن تجد الأندية الكبيرة غير مواهب مصنوعة لا يعتمد عليها , وينعكس ذلك على عدم تطور نتائج المنتخبات بكل فئاتها وألعابها . أتمنى من الرئاسة العامة لرعاية الشباب دعم هذه الأندية , وإطالة عمر البرنامج الرياضي لموسمها إما بدمج المكاتب, أو اتفاقيات بين المكاتب المتقاربة لأقامة دوري مناطق طويل كما هو دوري مجموعات الدرجة الثانية أو غير ذلك ..لكي نرى النتاج الجديد من شباب الوطن في منتخبات الوطن . ليس من المنطق أن يكون نادي الدرع أحد خمسة أندية فقط تابعة لمكتب الدوادمي ينتهي الموسم عندما يلعب 8 مباريات فقط في دوري المكتب وباقي 10 اشهر بيات شتوي وصيفي غير محمود العاقبة سواء للنادي أو للاعبين الشباب الذين تندثر مواهبهم بعدم صقلها باستمرار . لدي كلام كثير لكن هذه كما قلت مفتاح للطريق لعل بعض الإخوة الكتاب يشاركني الأفكار في وجوب أن تلتفت الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى أن المواهب .تبدأ من المكاتب .وأعني مكاتب الرئاسة بالمحافظات . وبالتالي تدعمها وتهتم بإيقاظ أنديتها من سباتها الطويل . تمريرة ذكية : 1- أندية الممتاز في دوري زين استمر موسمها 11 شهرا تقريبا . وأندية الدرجة الثالثة مفرخة المواهب شهرين فقط ..!!! 2- أعرف أن الجميع يتلهف للقراءة عن ديربي العاصمة ولكن أنا متيقن أن الكتابة عنه غير مفيدة خاصة أن الدوري حسم, وأن الصافرة الظالمة هي من حسمه وبخس حق النصر .. لذلك أقول : مبروك لمن حقق الفوز غدا بجدارته . 3- منتخبات المملكة للفئات السنية سابقا كانت تمتلئ من اللاعبين من أندية الريف في العقد الماضي. ولذلك نجحت تلك المنتخبات في تحقيق الانجازات لأنها بلاعبين ذوي طموحات لم يحصلوا بعد عليها لكنها الآن من أندية الملايين فمن أين يأتي الطموح ؟؟ 4- ضربت المثل بنادي الدرع لأنني أعرفه جيدا وكانت لي أيام جميلة فيه ولكن الكلام بالتأكيد شامل لكل الأندية الريفية المهضومة الحق.